«إيلاف» من لندن: قالت منظمة هيومان رايتس الدولية الحقوقية ان القوات العراقية سمحت بعمليات نهب لدى دخولها الى مناطق متنازع عليها بشمال العراق خلال الايام الثلاثة الاخيرة، ودعت سلطات بغداد الى التحقيق في مزاعم نهب وتدمير الممتلكات المدنية ومحاكمة أي شخص مسؤول عن جرائم. على قوات الأمن منع أي عمليات نهب أخرى.

وقالت "هيومن رايتس ووتش" في بيان صحافي اليوم حصلت "إيلاف" على نصه، إن إطلاق نار عشوائي حدث خلال مواجهات حصلت في 16 أكتوبر 2017 في بلدة قرب كركوك بين قوات "البشمركة" التابعة لحكومة إقليم كردستان وقوات حكومية عراقية مختلفة، تسبب في مقتل 5 مدنيين وجرح ما يقرب من 51 آخرين، كما سمحت القوات العراقية التي تسيطر على بلدة طوز خورماتو في وقت لاحق للمدنيين بنهب الممتلكات دون عوائق طوال يوم كامل على الأقل قبل التدخل. واشارت الى انه لذلك، فإنه على قوات حكومتي العراق وإقليم كردستان اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لتقليل الخسائر بين صفوف المدنيين ومنع النهب.

دعوة بغداد واربيل الى حل الازمة بتجنب ايذاء المدنيين

وقال جو ستورك، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش "على القوات العراقية والكردية حل الأزمة الحالية بطرق تحترم حقوق الإنسان بالكامل، وتجنب إيذاء المدنيين أو ممتلكاتهم".

وتقع طوز خورماتو، وهي بلدة مختلطة الأعراق من أكراد وتركمان وعرب، في الأراضي المتنازع عليها، 65 كيلومتراً جنوب كركوك، وهي تحت السيطرة المشتركة لقوات حكومة إقليم كردستان وقوات الحشد الشعبي والشرطة المحلية، وكانت قد شهدت اشتباكات متقطعة طوال السنوات الثلاث الماضية. ثم اندلع القتال ثانية في 16 أكتوبر 2017، مع سيطرة القوات العراقية على مدينة كركوك وباقي المناطق المتنازع عليها. بحسب 3 عاملين في المجال الطبي في مستشفى يديره تركمان، أسفر القتال الذي اندلع في 16 أكتوبر عن مقتل 5 مدنيين وإصابة 51 آخرين.

مدنيون مصابون يتحدثون

وتحدثت هيومن رايتس ووتش إلى 3 رجال أصيبوا بنيران عشوائية خلال الاشتباكات، حيث قال "حامد" إن حوالي الساعة 3:45 صباحا، كان هو وشقيقه وأمه يجلسون في غرفة معيشة منزلهم في حي تركماني. وأضاف: "حدث انفجاران فجأة فقدت الوعي واستيقظت حوالي 4.30 صباحا في المستشفى مع نزيف في رأسي وجانبي الأيسر". وعندما عاد حامد إلى منزله لاحقا تلك الليلة، رأى ثقبين كبيرين في سقف غرفة المعيشة. قال: "لا أعرف لماذا أصيب منزلنا. لم يكن هناك قتال في مكان قريب ولا أي منشأة عسكرية أعرفها".

وقال نديم، تركماني يعيش في حي تركماني آخر، إنه كان في حديقته الساعة 4 صباحا عندما سقطت قذيفة هاون بجواره، لتصيب شظاياها المعدنية يده اليمنى وساقه. قال إنه عندما هبطت قذيفة الهاون، رأى معركة مستمرة بين قوات البشمركة وقوات الدفاع الشعبي على بعد 300 متر تقريبا من منزله.

ويعيش "عمار"، تركماني، في نفس الحي على بعد حوالي 500 متر من المقر المحلي لمنظمة "بدر"، إحدى أبرز جماعات قوات الحشد الشعبي. قال إنه استيقظ وشقيقه الساعة 5:30 صباحا على صوت نيران كثيفة. حالما خرجا من المنزل، سقطت قذيفة على بعد مترين منهما. أصابت شظاياها المعدنية يد عمار اليسرى ورأسه، ورجلي أخيه. قال إنهما بقيا داخل المنزل خوفا من استمرار إطلاق النار حتى الساعة 11 صباحا، قبل أن يتوقف الاقتتال ويأخذهما الجيران إلى المستشفى.

إشتباكات عنيفة في احياء التركمان

واكدت هيومن رايتس ووتش انها لم تتمكن من تحديد ما إذا كانت هناك إصابات بين الأكراد أو المدنيين الآخرين في طوز وقال 4 من سكان طوز إن الاشتباكات كانت أعنف في الأحياء التركمانية لقربها من المنشآت العسكرية والأمنية التابعة لقوات الحشد الشعبي وحكومة إقليم كردستان بينما قال عاملا إغاثة تعمل منظماتهما في مخيمات للعائلات النازحة في كركوك إن اقتتالاً جرى أيضا قرب مخيم ليلان 2، 15 كيلومتراً جنوب شرق كركوك، وأسفر عن مقتل أو إصابة 2 من سكان المخيم. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الحصول على عدد محدد للضحايا المدنيين في مناطق أخرى في كركوك وحولها.

فرار البيشمركة والسكان الاكراد من طوز خرماتو

واوضحت هيومان رايتس ووتش انه في صباح 16 أكتوبر، فرت جميع قوات حكومة إقليم كردستان المتبقية والسكان الأكراد من طوز خورماتو. وقال أحد السكان إنه زار حي الجمهوري الشمالي ذا الأغلبية الكردية، حوالي الساعة 4:30 بعد الظهر، ورأى ما لا يقل عن 10 محلات كردية تلتهمها النيران. رأى صبيين ينهبان مواد بناء بلاستيكية من متجر كردي آخر في مكان قريب. وقال إن هناك 3 عناصر من "وحدة الاستجابة للطوارئ" التابعة لوزارة الداخلية العراقية كانوا واقفين على بعد 20 مترًا يشاهدون الفتيان دون تدخل. وابلغه أحد المارة إن الصبية كانوا ينتقمون لنهب وحرق المنازل والمحلات التجارية التركمانية على يد قوات البشمركة والمدنيين الأكراد المسلحين في عامي 2015 و2016.

واضاف الرجل انه رأى رجلا قادمًا من اتجاه المحلات التجارية بسيارة محملة بتلفزيونات وأجهزة كمبيوتر وإلكترونيات أخرى. سمح له عناصر وحدة الاستجابة للطوارئ الثلاثة بالمرور دون استجوابه. قال إن مدنيًا آخر في المنطقة أخبره أنه رأى ظهرًا مجموعة من 10 مدنيين مسلحين تقريبا في نفس الحي ينهبون المنازل، لكنهم كانوا يتجنبون عددًا قليلاً منها كانت عليها نقوش تدل على أنها "لشيعة تركمان".

احراق 15 منزلاً وتدمير 11 آخر

وجاء في بيان أصدرته "بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق" امس الخميس أنها تلقت ادعاءات باحتراق 150 منزلاً في طوز في 16 و17 أكتوبر على يد "جماعات مسلحة" وتدمير 11 منزلا بمتفجرات. وفي مؤتمر صحفي الثلاثاء الماضي، اعترف رئيس الوزراء حيدر العبادي بوقوع اعتداءات في طوز قائلاً إنه أصدر "أوامر صارمة باعتقال أي شخص يهدد الأمن الداخلي ويهاجم المواطنين وممتلكاتهم".

وفي الساعات الأولى من يوم 18 أكتوبر، دعا عاطف نجار، الرئيس المحلي لمنظمة بدر، جميع المدنيين في طوز إلى وقف النهب؛ بعد ذلك طوقت الشرطة المحلية أكبر حي كردي. وقال الرجل الذي أخبر هيومن رايتس ووتش بأعمال النهب في إحدى المناطق الكردية، إنه لم يتمكن من العودة للتحقق من توقف عمليات النهب.

لا علامات على حرق في كركوك

وقد أطلع صحافيون وناشطون أكراد هيومن رايتس ووتش على صور لداخل مبانٍ محترقة، قائلين إنها تعود لمدينة كركوك لكن المنظمة لم تتمكن من العثور على شهود حول نهب أو حرق مبانٍ في كركوك. وقال 3 صحافيين دوليين زاروا كركوك في 17 و18 أكتوبر لهيومن رايتس ووتش إنهم لم يروا أي علامات على حرائق أو نهب داخل المدينة. قال أحدهم إنه رأى قاعدة عسكرية للبشمركة على الطريق إلى أربيل تحترق، ولكن لم يعرف من تسبب بذلك.

واشارت المنظمة الى انه في 16 أكتوبر، استعادت القوات العراقية، بما فيها وحدات قوات الحشد الشعبي، أجزاء أخرى من الأراضي المتنازع عليها تحت السيطرة الفعلية لحكومة إقليم كردستان منذ عام 2003، بما في ذلك سنجار وزمار وربيعة وحسن شام والخازر والدبس وكركوك وطوز خرماتو وجلولاء وخانقين ومندلي، فيما تراجعت قوات البشمركة بعد اشتباكات محدودة جدا. ودعت المنظمة السلطات الى التكفّل بسلامة وأمن الأقليات في هذه المناطق.

دعوة بغداد الى التحقيق في نهب وتدمير ممتلكات ومحاكمة مرتكبيها

وبحسب الأمم المتحدة، عندما استعادت القوات العراقية المناطق، فرّ ما يقدر بنحو 61,200 شخص من منازلهم للبقاء مع أقاربهم في مناطق أكثر استقرارًا، مع عودة بعضهم في الأيام التالية ولم تحدد هيومن رايتس ووتش أي حوادث نزوح قسري. 

ودعت هيومن رايتس ووتش السلطات العراقية الى التحقيق في مزاعم نهب وتدمير الممتلكات المدنية ومحاكمة أي شخص مسؤول عن جرائم. على قوات الأمن منع أي عمليات نهب أخرى.