علمت "إيلاف المغرب" من مصادر مطلعة أن الخلافات الحادة بين قيادات حزب العدالة والتنمية المغربي، والتي كان آخر فصولها الخروج القوي لمصطفى الرميد وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان، ضد عبد الإله ابن كيران، أمين عام الحزب ورئيس الحكومة السابق، دقت ناقوس الخطر، ودفعت عددًا من القيادات إلى التحرك وإجراء اتصالات مكثفة لنزع فتيل التوتر بين القياديين.
إيلاف من الرباط: قالت مصادر في الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، والتي فضلت عدم ذكر اسمها، لـ"إيلاف المغرب"، إن الحزب "لا يعيش أزمة قيادة، وليس فيه شجار، وإنما هناك اختلاف في التدبير السياسي للمرحلة"، مؤكدة أن هناك اتصالات جارية من أجل إعادة الأمور إلى طبيعتها بين ابن كيران والرميد.
وأفادت المصادر عينها بأن حزب العدالة والتنمية "يواصل الاستعداد لعقد مؤتمره الوطني الثامن في ظرف سياسي دقيق تمر به البلاد، واجتماعات الهيئات الحزبية تنعقد بشكل دوري ومستمر، من ضمنها الأمانة العامة التي انعقدت الخميس الماضي، وستنعقد في الأسبوع المقبل".
واعتبرت مصادر "إيلاف المغرب"، المطلعة على ما يجري في البيت الداخلي لحزب العدالة والتنمية، أن "التشنج الذي يحصل بين القيادات سرعان ما يتم تجاوزه، وتعود الأمور إلى مجاريها"، وأضافت: "هذا حزب وطني كبير، عنده قادة كبار، وواهم من يظن أن حزب العدالة والتنمية سينفجر، لأن التعاقدات التي بيننا أكبر من هذه الأمور"، على حد تعبيرها.
وأشارت المصادر إلى أن الحزب عاش صراعات مماثلة، ولم تؤثر على وحدة صفه، مبرزة أن ما حدث مع القيادي المثير عبد العزيز أفتاتي "كان نزاعًا أكبر من هذا، ومع ذلك مازال مستمرًا في الحزب، ويقود الحملات الانتخابية في مدينة وجدة"، كما اعتبرت أن "القوى التي تبتهج بخلاف داخل أي حزب وطني هي بالضرورة سلطوية".
زادت المصادر نفسها موضحة أن أسئلة المغرب هي "أسئلة الإصلاح والديمقراطية والانتقال الديمقراطي"، مشددة على أن العدالة والتنمية "حزب وطني بأفق ديمقراطي، ويتخذ قراراته وفق القواعد المتفق عليها، وليس من أجل تطييب خواطر الأشخاص".
وأضافت أن "المشروعية المؤسساتية والمصداقية والديمقراطية الداخلية لن يدوس عليها أحد"، وأكدت أن هناك "مؤتمر سيد نفسه"، معلنة أن نقاش الولاية الثالثة لابن كيران "جرى تضخيمه، وأن هناك مناضلين يطالبون بها، وآخرين معارضون لها، ومن حقهم ذلك"، مسجلة أن ابن كيران "لم يطلب في أي مناسبة الحصول على الولاية الثالثة".
حول القراءات التي ترى في انتخاب ابن كيران أمينًا لولاية ثالثة سيعني المواجهة مع القصر بسبب عدم رغبته في التعامل معه، ردت المصادر على ذلك بالقول: "إن المؤسسة الملكية عليها إجماع وطني منذ زمان، والمؤسسة الملكية لا تتدخل في شؤون الأحزاب، ولا ينبغي لها أن تتدخل"، مبرزة أن جوهر الصراع يكمن بين ما سمته "القوى الديمقراطية والقوى غير الديمقراطية".
تجدر الإشارة إلى أن حزب العدالة والتنمية المغربي دخل في حالة من الصراع والتجاذب بين قياداته، منذ إعفاء أمين عام الحزب من تشكيل الحكومة، وتعيين سعد الدين العثماني خلفًا له، في أبريل الماضي، وهو خلاف تزايدت حدته مع اقتراب موعد انعقاد المؤتمر الوطني الثامن المزمع عقده يومي 9 و10 ديسمبر المقبل، ويرشحه مراقبون إلى المزيد من التفاقم بين التيار المؤيد لابن كيران، في مقابل ما بات يعرف إعلاميًا بـ"تيار الاستوزار" المعارض للولاية الثالثة.
التعليقات