الرباط: قال مصطفى الرميد، وزير الدولة المغربي المكلف حقوق الإنسان، إن حرية التعبير "ليست مطلقة كما تؤكد ذلك القوانين الدولية"، ودعا دول العالم العربي والإسلامي إلى مضاعفة الجهود لمكافحة التحريض على الكراهية والعنف.

وأكد الرميد في كلمة ألقاها اليوم الإثنين بالرباط، في افتتاح الندوة الدولية الرابعة للهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان حول "دور الإعلام في مكافحة خطاب الكراهية"، على "عدم التحريض على الكراهية والعنف والإرهاب"، معتبرا أن ذلك يمس "قيم ومبادئ حقوق الإنسان".

وذهب وزير الدولة المغربي إلى أن التحريض على الكراهية والعنف يشكل "خطرا حقيقيا على تماسك المجتمعات والسلم الاجتماعي للشعوب والأمم"، لافتا الى أن الشريعة الإسلامية في مبادئها العامة "أكدت على تفاعلها الإيجابي بين المكونات الإنسانية".

 وأفاد وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان بأن المغرب قطع خطوات مهمة في مسار "نبذ الكراهية والتطرف"، معتبرا أنه استند في ذلك على "المرجعية الإسلامية، كما نص على ذلك الدستور وإلى التاريخ العريق للمملكة ومرجعيتها الثقافية التي تتبنى التعايش السلمي".

وزاد الرميد موضحا أن بلاده كرست هذا التوجه في "كافة مؤسساتها وقوانينها وسياساتها"، منوها بالجهود التي "بذلها ويبذلها المغرب من أجل محاربة كل أشكال الكراهية الدينية والعنصرية"، وفق تعبيره.
بدوره، اعتبر عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) أن ظاهرة الكراهية والإسلاموفوبيا بصفة خاصة، "تَتَصَاعَـدُ في عالمنا اليوم، رغم الجهود الكبيرة التي بذلت خلال العقود الثلاثة الأخيرة، في مجال الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات".

وسجل التويجري في كلمة بالمناسبة، أن خطاب الكراهية "انتشر عبر وسائل الإعلام على نطاق واسع، وهو خطابٌ موجَّه في أغلبه، إلى دين واحد دون غيره من الأديان، وإلى ثقافة معينة، بحيث يتم التركيز على النيل من الإسلام، والتخويف منه، وازدرائه"، معتبرا ذلك "مخالفة صريحة للقانون الدولي". 

وانتقد التويجري الإساءة التي تتعرض لها الثقافة والحضارة الإسلامية وإنكار فضلها على الحضارات الإنسانية المتعاقبة، واصفا ما تعانيه "نوع من التمييز الديني وإذكاء لمشاعر العداوة والبغضاء"، لافتا الى أن هذا الاستهداف يزكي "النفور والتباعد بين أتباع الأديان، ويؤجج التصادم بين الثقافات، والصراع بين الحضارات".

ودعا المدير العام للإيسيسكو إلى تكثيف الجهود في إطار من التعاون والتكامل، لمواجهة هذه الظاهرة "الخطيرة التي تشوه صورة ديننا الحنيف، وتسيء إلى مجتمعاتنا المحبة للسلام، وتهدد السلم والأمن الدوليين".

من جهته، أكد أحمد عبادي، أمين عام الرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب على ضرورة الوعي بأن المجتمعات ليس فيها فقط "الراشدون فقط، ولذلك تجدنا في كثير من الأحيان ننتج خطابات عالمة ليس لها الجاذبية ولا تتناسب مع مستوى مجموعة من الفئات المستهدفة بخطاب مقاومة الكراهية"، معتبرا أن ما ينتج في هذا المجال يبقى "خطابا متعاليا"، على حد وصفه.

وأضاف عبادي أن المجتمعات فيها الأطفال و"لا ينبغي أن ننتظر حتى يبلغ الطفل 18 سنة أو 20 لنبدأ في مخاطبته من أجل تجنب الكراهية"، لافتا الى أن الإحصاءات تثبت أن "طفلا من مجتمعاتنا لا يبلغ 18 سنة حتى وقد شهد ما لا يقل عن 100 ألف جريمة سواء فعلية بالأخبار أو عن طريق ألعاب فيديو والأفلام"، معتبرا أن هذه الوسائل "تولد قدرا هائلا من العنف وتجعله شيئا مألوفا في أوساطنا".

ودعا أمين عام الرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب إلى الإبداع والتجديد في مخاطبة الأطفال والشباب، مشددا على أن "الخطاب الموجه للأطفال لا يمكن أن يتم بالمحاضرات"، مطالبا بالاستمرار في اللعب من أجل الوصول إلى الأطفال "يجب أن نلعب معهم واللعب علم".

وأشار العبادي إلى أن المعنيين بإنتاج الخطاب المناهض الكراهية بالنسبة للأطفال هم "المهندسون والقصاصون والمبدعون والفنانون والرسامون الذين ينتجون أفلام الأطفال والرسوم المتحركة"، مؤكدا على أن الشباب ينبغي ان يكون فاعلا في إنتاج الخطاب المناهض للكراهية والعنف، كما طالب بتأهيل وإعداد "وسطاء وفاعلين يعون مخاطر الكراهية ، ولهم العدة العلمية التي تمكنها من مواجهة خطاب الكراهية في الميدان أثناء اللعب".

يذكر أن الندوة الدولية الرابعة للهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان لمنظمة التعاون الإسلامي، التي افتتحت أعمالها اليوم بالرباط، تنعقد بالتعاون مع وزارة الدولة المكلف حقوق الإنسان في المغرب، ومكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وتعرف حضور ومشاركة ممثلين من مختلف الدول العربية والإسلامية، وعلماء وخبراء وحقوقيين الذين يناقشون دور الإعلام في مكافحة خطاب الكراهية، على مدى يومين، حيث يتوقع أن تخرج الندوة بجملة من التوصيات والقرارات في هذا المجال.