فيما يحتفل العراق اليوم بإعلان النصر على تنظيم داعش ومنح عطلة رسمية لمواطنيه الذين خرجوا في تظاهرات ابتهاج، فقد دعت القوى والشخصيات السياسية من مختلف الاتجاهات إلى تحويل النصر على التنظيم إلى توافق ومصالحة وطنية وإعادة النازحين فورًا وإعادة إعمار المدن المحررة، في وقت قاطعت حكومة كردستان احتفالات البلاد بالقضاء على الإرهاب.
إيلاف: اعلنت الحكومة العراقية تعطيل الدوام الرسمي اليوم في جميع انحاء العراق "بمناسبة النصر الكبير" على تنظيم داعش، وذلك في اعقاب اعلان القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي تحرير كامل الاراضي العراقية من تنظيم داعش.. مؤكدًا "ان العلم العراقي اصبح يرفرف اليوم في ابعد نقطة حدودية".
استعراض عسكري وسط بغداد
وشهدت بغداد صباح اليوم استعراضًا عسكريًا كبيرًا في ساحة الاحتفالات الكبرى وسط بغداد احتفالا بالنصر.
وشاركت في الاستعراض القطعات العسكرية من الجيش بجميع صنوفه والشرطة بجميع تشكيلاتها، اضافة الى الحشد الشعبي بحضور العبادي وجمع غفير من المواطنين وممثلي القوى السياسية والنواب ومنظمات المجتمع المدني.
العبادي: انجزنا المهمة الصعبة في الظروف الصعبة
وقال العبادي في كلمة وجهها الى الشعب العراقي الليلة الماضية تابعتها "إيلاف"، إن "ارضَكم قد تحررتْ بالكامل وإنَ مدنَكم وقُراكم المغتصبةَ عادتْ الى حضنِ الوطن وان حلم التحرير اصبحَ حقيقةً وملكَ اليد". واضاف: "لقد انجزنا المهمةَ الصعبةَ في الظروف الصعبةِ وانتصرنا".
وقال "نُعلنُ لأبناءِ شعبِنا ولكلِ العالم أنَ الابطالَ الغيارى وصلوا إلى آخرِ معاقلِ داعش وطهروها ورفعوا عَلمَ العراقِ فوق مناطقِ غرب الانبار التي كانت آخرَ أرضٍ عراقيةٍ مغتصبة وأن علمَ العراقِ يرفرفُ اليومَ عالياً فوق جميعِ الاراضي العراقيةِ وعلى ابعدِ نقطةٍ حدودية".
وخاطب العراقيين قائلاً "من حقِكم اَنْ تفخروا بانتصاراتِكم لأنها من صُنعِ ايديكم وما تحققتْ الا بوعيكم ووحدتِكم وتضحياتِكم الغالية فحافظوا على نصرِكم الكبير وحافظوا على ارضِكم ووحدتِكم وابدأوا على بركةِ الله يوماً جديداً ومستقبلاً مشرقاً وانشروا في ربوع العراقِ الأمنَ والأمان".
وأشار الى ان "فرحةَ الانتصارِ اكتملتْ بالحفاظِ على وحدةِ العراق الذي كان على حافةِ التقسيم، وإنَ وحدةَ العراقِ وشعبِه اهمُ واعظمُ انجاز فقد خرجَ العراقُ منتصراً". ووعد بخدمة جميعِ ابناءِ الشعبِ من دون تمييزٍ وحفظِ ثرواتِه الوطنيةِ وتنميتِها وتحقيقِ العدالةِ والمساواةِ واحترامِ الحرياتِ والمعتقداتِ والتنوعِ الديني والقومي والمذهبي والفكري الذي تَزخَرُ به ارضُ الرافدين، والالتزامِ بالدستورِ والعملِ على سيادة سلطةِ القانون في جميعِ انحاءِ البلاد".
وشدد على ان "العراق اليومَ لجميعِ العراقيين وثرواته ملكٌ للجميعِ في جنوبهِ وشمالِه وشرقِه وغربِه.. ولا بدَ أنْ يَقطفَ الجميعُ ثمارَ النصرِ أمناً واستقراراً وإعماراً وازدهارا". ودعا العبادي السياسيينَ إلى تحملِ مسؤولياتِهم في حِفظِ الأمنِ والاستقرارِ ومنعِ عودةِ الارهابِ مجددا، وطالبهم بالامتناع عن العودةِ الى الخطابِ التحريضي والطائفي الذي كان سبباً رئيساً في المآسي الانسانيةِ وبتمكينِ عصابةِ داعش من احتلال مدنِنا وتخريبِها وتهجيرِ ملايينِ العراقيين الى جانبِ ما بُذلَ من تضحياتٍ بشريةٍ وإنفاقٍ هائلٍ من ثرواتِ البلاد".
واشار الى إنَ "حصرَ السلاحِ بيدِ الدولة وسيادةَ القانونِ واحترامَه هما السبيلُ لبناءِ الدولةِ وتحقيقِ العدالةِ والمساواةِ والاستقرار كما إنَ محاربةَ الفسادِ ستكونُ امتداداً طبيعياً لعملياتِ تحريرِ الانسانِ والارض، ولن يبقى للفاسدينَ مكانٌ في العراق كما لم يبقَ مكانٌ لداعش.. وهذه معركةٌ اخرى على الجميعِ المشاركةُ فيها بجديةٍ كلٌ في محيطهِ وساحةِ عملِه وعدمُ الاكتفاءِ بمراقبةِ نتائجِها فهي ليستْ مسؤوليةَ فردٍ أو جهةٍ واحدة".
واشار العبادي الى "أنَ حُلمَ داعش انتهى ويجبُ أنْ نُزيلَ كلَ آثارهِ وألا نسمحَ للارهابِ بالعودةِ مرًة اخرى، فقد دفعَ شعبُنا ثمناً غالياً من امنِه واستقرارِه ومن دماء خِيرةِ شبابِه ورجالِه ونسائِه وعانتْ ملايينُ العوائلِ من مصاعبِ التهجيرِ والنزوح، ولا بدَ أنْ نطويَ هذه الصفحةَ الى الابد".
واكد بالقول "إننا وعلى الرَغمِ من اعلانِ الانتصارِ النهائي يجبُ أنْ نبقى على حذرٍ واستعدادٍ لمواجهةِ ايةِ محاولةٍ ارهابيةٍ تستهدفُ شعبَنا وبلدَنا، فالارهابُ عدوٌ دائم، والمعركةُ معه مستمرة، ولا بد أنْ نحافظَ على هذه الوحدةِ التي هزمنا بها داعش فهي سرُّ الانتصارِ الكبير".
معصوم يدعو الى عودة النازحين وتحقيق المصالحة
ودعا الرئيس العراقي فؤاد معصوم الى المضي قدمًا وعلى الفور لإنجاز عودة كريمة لجميع النازحين والبدء بجهود تحقيق مصالحة وطنية ومجتمعية حقيقية وشاملة باعتبارها الضمان الأكيد لحماية وتمتين الوحدة الوطنية.
واكد في كلمة له على ضرورة تهيئة الطاقات والدعم الدولي للمباشرة بتنفيذ خطط اعمار المناطق المحررة، ووضع برامج فعالة لرفع مستوى الشرائح الفقيرة في كل البلاد إلى جانب مواصلة مكافحة الأفكار الارهابية والتكفيرية والاقصائية من أي نوع لقطع الطريق على أية عودةِ للارهابِ وجرائمه.
ودعا معصوم المجتمع الدولي إلى مواصلة دعم الشعب العراقي في معركة البناء والاعمار وترسيخ الوحدة الوطنية وتطوير النظام الديمقراطي الاتحادي ومكافحة الفساد وتطبيق الدستور.
تحالف القوى السنية يطالب بحصر السلاح بيد الدولة
وطالب تحالف القوى الوطنية السنية بتضافر جميع الجهود من قوى سياسية وحكومة ومجلس النواب والشروع بمرحلة جديدة اساسها دولة المواطنة وتحقيق المصالحة الوطنية الهادفة وحصر السلاح بيد الدولة والعمل على اعادة النازحين واعمار مدنهم المحررة وتعويض المتضررين.
وقال رئيس التحالف احمد المساري ان تحقيق هذا النصر الكبير الذي هو محل فخر واعتزاز لجميع العراقيين. داعيًا الله سبحانه وتعالى ان يرحم شهداء العراق وان يمنّ على الجرحى بالشفاء العاجل.
كتلة علاوي تطالب ببناء دولة المؤسسات والمواطنة
ودعت الكتلة النيابية لائتلاف الوطنية برئاسة أياد علاوي القوى السياسية الى الاستفادة من التجربة الصعبة التي عاشها العراق خلال السنين السابقة لاصلاح الاوضاع واعادة اللحمة الوطنية وبناء دولة المؤسسات والمواطنة.
وقال رئيس الكتلة النائب كاظم الشمري في بيان صحافي، "نُذكر القوى السياسية بأهمية الاستفادة من تلك التجربة الصعبة والقاسية لاصلاح الاوضاع واعادة اللحمة الوطنية وبناء دولة المؤسسات دولة المواطنة". واشار الى ان حالة الصراع وضعف الثقة بين الدولة والمواطن والصراع الداخلي والتهميش والتأثير الخارجي القوي كانت كلها امورًا خلقت الارضية المناسبة لظهور الجماعات المتطرفة وما تلاها من هجمة شرسة لاكبر منظمة ارهابية عرفها التأريخ. وحذر من ان المرحلة المقبلة قد تكون الاصعب والاكثر خطورة لاعادة البوصلة الى الاتجاه الصحيح واعادة رسم خارطة العملية السياسية بشكل جذري وكامل بعيدًا عن المصالح الحزبية الضيقة.
تيار الحكمة يدعو الى نصر سياسي يرافق العسكري
ودعا تيار الحكمة برئاسة عمار الحكيم الى مصاحبة النصر العسكري بنصر سياسي ينهي الازمات ويوصل العراق الى بر الامان.
وقال تيار الحكمة في بيان صحافي إنَّ مرحلةَ المواجهة مع داعشِ الإرهابيّ كانتْ مرحلةً صعبةً قدَّمَ فيها العراقُ الكثير من التضحياتِ ولا بُدَّ من مصاحبةِ النصر العسكريّ بنصرٍ سياسيّ يُنهي الأزمات ويوصلُ العراقَ إلى برِّ الأمان وإلى مرحلةِ بناء الدولةِ والخدماتِ.
واضاف "أنَّ النهايةَ العسكريةَ لداعشِ تتطلبُ جهداً مضاعفاً لمواجهةِ الخلايا النائمة لداعشِ التي تتحينُ الفرص لتنفيذِ هجماتها الإرهابية، ما يعني أنَّنا أمامَ واقعٍ أمني يحتاجُ تكتيكاتٍ وأساليب أمنيةٍ جديدةٍ، إضافةِ إلى أهميةِ معالجة الأفكار المتطرفة وتخليص المجتمع منها لإعلانِ العراق خالياً من الطائفيةِ بالكاملِ وكلِّ النعرات العنصرية الأُخرى".
الوقفان الشيعي والسني لعراق خالٍ من الفساد
وعبّر الوقف الشيعي عن الامل في ان يوصل النصر على داعش الى عراق آمن مستقر خالٍ من الفساد والمفسدين والى عراق تسوده العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والتعايش السلمي في إطار الوطن الواحد وتحت ظل المبادئ الإسلامية العالية والأخلاق الإنسانية الفاضلة.
كما قال رئيس ديوان الوقف السني عبداللطيف الهميم إن العراقيين قادرون على تجاوز المحن، واشار الى ان النازحين هم الاولى بالفرح "فمعاناتكم قد انتهت، ولن يطول بكم المطاف، حتى تعودوا مرفوعي الرأس معززين مكرمين الى مناطقكم".
النجيفي يؤكد ذرورة معالجة أسباب تغول الارهاب
من جهته، شدد نائب الرئيس العراقي الأمين العام لحزب "للعراق متحدون" اسامة النجيفي على اهمية "استثمار النصر على الارهاب والقضاء على أسبابه ومعالجة الأخطاء التي قادت إلى تغوله، ولا بد أن يشعر كل عراقي أن جائزته من القضاء التام على الإرهاب هي تحقيق نصر سياسي واجتماعي واقتصادي، والأهم أن يكون العراقيون جميعًا متساوين في الحقوق والواجبات بلا تمييز بسبب الدين أو العرق أو الطائفة أو المنطقة عند ذاك يكون للنصر معنى مضاف قوامه انطلاق حملة البناء والنهوض في شتى المجالات كي يكون عراقنا المنتصر أهلاً لكل إنجاز".
واشار في بيان صحافي الى "أن الطريق لتحقيق كل ذلك ليس سهلاً، فالتحديات ما زالت قائمة، والانتصار عليها يستوجب وحدة الكلمة والموقف والهدف".. داعيًا الى التعاون والتآزر والانتصار على المصالح والأهداف الفئوية لمصلحة الانتصار للشعب.
المالكي لتحقيق توافق سياسي
اما نائب الرئيس العراقي رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، فقد اشار الى ان انتصار العراق على تنظيم داعش قد كان له انعكاس إيجابي على كل الجبهات التي تواجه الارهاب خصوصًا في سوريا ولبنان واليمن ومصر وباقي دول العالم.
ودعا المالكي الى الحفاظ على هذا النصر من خلال المضي في حركة اعادة البناء والإعمار وإعادة النازحين وإعمار كل المحافظات العراقية وتحقيق التوافق السياسي واحترام الدستور ورعاية عوائل الشهداء والاهتمام بمتطلبات خدمات العراقيين الذين صبروا على المحن ونجحوا في تجاوز الأزمات وافشال مخططات أعداء العراق.
كردستان لا تحتفل بالنصر على داعش
وعلى الرغم من اعلان الحكومة العراقية الاحد عطلة رسمية في انحاء البلاد، الا ان حكومة إقليم كردستان لم تمتثل للقرار، وقالت ان اليوم ليس عطلة رسمية في الدوائر والمؤسسات الحكومية في الإقليم، وهاجمت العبادي لعدم الإشادة بقوات البيشمركة لدى اعلانه النصر على داعش.
فقد وجهت وزارة البيشمركة انتقادًا لاذعًا الى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لتجاهله ذكر دور قوات البيشمركة في الحرب ضد داعش خلال خطابه الذي اعلن فيه استعادة الأراضي العراقية كافة من قبضة التنظيم المتشدد.
وقالت الوزارة في بيان لها إن "السيد العبادي خلال إعلانه انتهاء الحرب ضد داعش في العراق تقدم بالتهاني والتبريكات الى جميع القوات المسلحة العراقية بذكر اسمائها، لكن لم يورد اسم البيشمركة بأي شكل من الاشكال، ولم يشر الى دور وبطولة البيشمركة في الحرب ضد داعش".
وأضافت انه للأسف مرة أخرى لم يستطع العبادي ان يتصرف كرئيس وزراء للبلاد، وتجاهل دور البيشمركة الابطال في وقت وبشهادة العالم باسره، فإن البيشمركة قبل جميع القوات المسلحة العراقية الأخرى قد كسرت اسطورة داعش، واذا لم تكن البيشمركة لا يستبعد ابدا بأن تكون نصف جغرافية العراق خارج السيطرة.
واضافت ان "هذه المرة لم يستطع السيد العبادي ان يخفِ كرهه وحقده للبيشمركة، ولا نعلم ولا نتفهم كيف لضميره ان يرتاح؟ وماذا سيقول لاطفال وعوائل 1824 شهيدًا، واكثر من 10 آلاف جريح من البيشمركة، وهو يعتبر نفسه رئيسًا للوزراء؟، وبأي وجه ينتظر من هؤلاء ومن شعب كردستان ان يطمئنوا الى العراق في وقت هذه معاملة رئيس الوزراء لهم؟".
وأشارت وزارة البيشمركة في الختام الى أن "احترام وحب البيشمركة وعوائلهم لدى شعب كردستان والعالم اكبر بكثير من ان تحتاج في يوم من الأيام تهنئة السيد العبادي، ومن أولئك الذي يفكرون ويتصرفون على شاكلته، لذا فإن البيشمركة لا تلتفت الى أمور كهذه، ولا تحتاج تلك التهنئة وتلك العطلة التي أعلنت بهذه المناسبة، لكننا نأسف جميعاً لأنه بدلاً من بذل الجهود لتهيئة أرضية للحوار وحل المشاكل نشاهد يوميًا حضرة رئيس الوزراء يراوح في مكانه"، بحسب قولها.
التعليقات