«إيلاف» من دبي: في يوم العاشر من أكتوبر العام 2016 أعطى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي شارة البدء لانطلاق أعمال الحفر والبناء لتشييد برج جديد في دبي يتجاوز ارتفاعه ارتفاع برج خليفة الذي أنجز في يناير 2010، ليكون الأطول في العالم وفِي صدارة ناطحات السحاب العالمية بعد اكتمال إنشائه في العام 2020 ويسمى ذلك البرج الجديد ببرج خور دبي، والذي سيكون إنجازه "هدية دبي قبل العام 2020"، حين تستضيف معرض "إكسبو" الدولي الذي من المرجح أن يستقطب ملايين الزوار إلى الإمارة.

 

فوق سطح الأرض

وبدأت عمليات تشييد برج خور دبي ظاهرة للعيان فوق سطح الأرض، وذلك قبل نحو ثلاثة أشهر من الموعد المحدد، حيث أن موعد ظهور البرج على السطح كان محدداً له الربع الأول من عام 2018. حيث نشرت الشركة العقارية المطوّرة للبرج "إعمار"، مؤخرا صوراً جديدة مثيرة للاهتمام كلقطات جوية لبصمة البرج، يظهر فيها العمال خلال إتمامهم أعمال البناء الأرضية والأساسات. وهو الأمر الذي يؤكد أن الأعمال الإنشائية في بناء البرج تسابق الزمن، وقد يتم الاعلان عن اكتمال اعمال البناء فيه وإنجازه بشكل كامل قبل الموعد المحدد له.

 

مسيرة المستقبل

وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إن "بناء هذا البرج يندرج ضمن مسيرتنا نحو المستقبل الذي نعمل على أن يكون لنا فيه سبق الريادة في كل المجالات".

وأضاف "تعودنا أن تحدي الذات هو مطلب مهم للوصول إلى مستويات غير مسبوقة من التميز في الوقت الذي لا ندخر فيه جهداً لتوفير كافة المقومات اللازمة لتعزيز تنافسيتنا على الصعيدين الإقليمي والدولي".

 

شعاع النور

ويضم برج خور دبي، الذي تفصله دقائق عن مطار دبي الدولي، عدداً من منصات المراقبة الأخاذة التي تطل على جميع جهات خور دبي، كما يطل البرج على محمية رأس الخور للحياة البرية. ويتميز البرج بتصميمه المستوحى من زهرة الزنبق ولمسات تقليدية من المآذن المستوحاة من التراث الشرقي، وبعد كل غروب، سينبعث "شعاع من النور" من قمة البرج ليضفي سحراً رائعا على أفق مدينة دبي.

 

مليار دولار

وقد بدأت عمليات التشييد في أكتوبر 2016، بتكلفة تتجاوز 3.6 مليارات درهم، ما يعادل نحو مليار دولار. ويقدم المشروع قيمة اقتصادية كبيرة لدبي والإمارات على المدى الطويل. وسيُعد البرج أعلى معلم معماري في العالم عند إنجازه في 2020. حيث من المقرر إنهاؤه مع حلول عام 2020 تزامناً مع استضافة دبي لـ Expo 2020. وتشرف على بنائه شركتا "إعمار" و"دبي القابضة".

 

بانوراما دبي

ويقع البرج ضمن مشروع الواجهة المائية بجوار "خور دبي"، مهد تاريخ وثقافة دبي، وعلى مقربة من محمية رأس الخور للحياة الفطرية، التي تم إدراجها ضمن اتفاقية "رامسار" الدولية برعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "يونسكو". وهي مجموعة من الأراضي الرطبة ذات التنوع الحيوي الكبير التي تحتضن ما يزيد على 67 فصيلة من الطيور المائية، ليقدم المشروع وجهة سكنية تضمن قيمة غير مسبوقة على المدى الطويل.

ويقدم البرج تجارب غير مسبوقة وإطلالات بانورامية كاملة على المدينة ومحيطها، وستكون "قاعة القمة" من أبرز معالم المشروع، التي تتيح للزوار فرصة التمتع بأروع المناظر في السماء. كما يضم البرج منصات تمثل حدائق لكبار الشخصيات، تحاكي في أجوائها حدائق بابل المعلقة، إحدى عجائب الدنيا السبع في العالم القديم. وسيكون الزوار على موعد مع تحفة هندسية بكل المقاييس مع الشرفات الزجاجية الدوارة المنبثقة من هيكل البرج. وسيكون البرج ما بين 18 و20 طابقاً فقط معداً لاستخدامات متعددة، ويضم فندقاً مميزاً من فئة "بوتيك" ومطاعم.

مضاد للزلازل

وسيتم استكمال تصميم البرج في أعقاب اختبارات دقيقة للأنفاق الهوائية، إضافة إلى كافة الاختبارات الإلزامية لمقاومة الزلازل. وقامت "إعمار العقارية" بتكليف المختصين بإجراء دراسات غير مسبوقة لأنفاق الرياح في منطقة البرج الجديد في "خور دبي" الذي سيضم منصات للمشاهدة، ووجهات إقامة فاخرة، وعدداً من المنافذ التجارية. ولكون الرياح من أبرز التحديات التي تواجه أعمال تطوير المباني المرتفعة، لاسيما الشاهقة منها، فإن هذه الدراسات تعدّ في غاية الأهمية وتلعب دوراً جوهرياً في تحديد عناصر التصميم والارتفاع النهائي للبرج. ويمثل استكمال اختبارات أنفاق الرياح ودراسات الأرض والزلازل والمناخ المحلي، خطوة مهمة في مسيرة تطوير البرج، وفق أعلى معايير التميز والأمان، وعلى كل المستويات.

 ويحدد شكل البرعم البيضاوي معالم منصات المشاهدة في البرج. كما يتشابه ساق زهرة الزنبق النحيل مع هيكل البرج الذي روعي في التصميم الهندسي لقطره أعلى درجات الدقة والكفاءة. ويرتبط الهيكل بأرضية المشروع عبر كابلات قوية، مستوحاة بدورها من شكل أوراق الزنبق. ويمنح تنسيق الكابلات هذا قوة كبيرة للهيكل، ويثبت "برعم" الزهرة إلى الأرض بدقة فائقة باستخدام أحدث المعدات الهندسية.

طول البرج.. وأرقام قياسية

من المتوقع أن يصل طول البرج الجديد عند الانتهاء من بنائه إلى 928 متراً، أي أكثر من برج خليفة - الأطول في العالم حالياً - بـ98 متراً.

ومنذ الإعلان عن إنشائه لا يزال برج خور دبي في صدارة ناطحات السحاب، رغم أنه لم يصل بعد في هيكله الخارجي إلى مستوى الأرض. 

ويبنى برج خور دبي حاليا على مجمع دبي "كريك هاربور" أو "خور دبي،" الذي تبلغ مساحته 3.7 كيلومترات مربعة، ليتفوق في طوله على برج خليفة الذي بلغت تكلفة إنشائه 1.5 مليار دولار، والذي احتفظ بلقب أطول برج في العالم منذ العام 2010. 

وقد تطلب تحطيم الرقم القياسي القديم الكثير من الأعمال، التي حطمت أرقاماً قياسية بنفسها أيضاً، مثل عملية تركيب حجر الأساس الذي بلغ عمقه 71.9 متراً، والذي من المقرر أن يغطى حوالي 45 ألف متر مكعب من الاسمنت.

وصمم المهندس المعماري السويسري الإسباني سانتياغو كالاترافا سطح مراقبة يلتف لـ360 درجة في أعلى البرج، فضلاً عن تصميم داخلي مستوحى من حدائق بابيلون المعلقة وإطلالة خلّابة على محمية رأس الخور البرية المجاورة.

 

من سيكون الأطول: برج الخور أم برج جدة؟!

ويتسابق مشروع خور دبي حاليا في عالم البناء مع برج جدة في المملكة العربية السعودية، إذ يتنافس كلا البرجين على لقب أطول بناء من صنع الإنسان في العالم. وبينما سيصل طول برج خور دبي إلى 928 متراً عند انتهائه، من المتوقع أن يتخطى برج جدة ذلك الرقم بـ72.2 متراً، ما سيعني أن برج خور دبي عليه أن يكتمل قبل برج جدة إذا ما أراد الاحتفاظ باللقب، ولو لفترة وجيزة. وقد بدأ العمل على برج جدة في العام 2013، لتظهر تقارير تفيد بتأخير المشروع في العام 2016، ولكن، منذ يوليو من العام 2017، وصل البناء إلى الطابق الـ58.

ويندرج كلا البرجين تحت فئات معمارية مختلفة، ما يعني أن المشروعين سيحصلان على سجلات عالمية، وسيحتوي برج جدة على 167 طابقاً سكنياً.