تمر هذه الأيام الذكرى الـ46 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الكويت وجمهورية الصين الشعبية، فكانت فرصة لسياسيي البلدين والصحافة للاشادة بالتعاون المتجذّر والمتنامي بين الشعبين.


إيلاف - متابعة: أقامت سفارة الكويت لدى الصين مؤخرا، حفل استقبال بمناسبة العيد الوطني الـ56 والذكرى الـ26 ليوم التحرير، والذكرى الـ46 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الكويت والصين.

حضر هذا الاحتفال السفير الكويتي لدى الصين سميح جوهر حيات ونائب وزير الخارجية تشانغ مينغ وغيرهما من الموظفين الحكوميين والدبلوماسيين وكبار المسؤولين في الشركات الصينية وفي أوساط مختلفة أخرى.

حضور هام&

حضور سياسي وإعلامي غفير في حفل الاستقبال الذي أقامته سفارة الكويت في بكين

شارك في هذا الاحتفال عدد كبير من قادة الحزب الحاكم في الصين، اضافة الى مسؤولين كبار في الحكومة والجيش، يتقدمهم السيد تشانغ مينغ &نائب وزير الخارجية الصيني، الى جانب رؤساء البعثات الدبلوماسية العربية والاسلامية، وحشد كبير من رجال الاعلام والصحافة والمؤسسات التجارية والاستثمارية، وممثلي المحافظات والمقاطعات الصينية، الذين قدموا للعاصمة الصينية بكين خصيصًا &لمشاركة الشعب الكويتي احتفالاته الوطنية.

كلمة السفير الكويتي

بعد عزف النشيدين الوطنيين الكويتي والصيني، ألقى سفير الكويت سميح عيسى جوهر كلمة استعرض فيها الانجازات التي تحققت في عهد الامير الشيخ صباح الاحمد الصباح امير دولة الكويت.

وتحدث عن تطور العلاقات الكويتية الصينية التي تشهد اليوم تطورًا سريعًا في مختلف المجالات، مشيرًا إلى أن زيارة الأمير الراحل جابر الأحمد الصباح للصين في فبراير 1965، ومحادثاته مع رئيس مجلس الدولة تشو آن لاي، وزيارة رئيس المجلس الصيني لتنمية التجارة الخارجية نان هان تشن إلى الكويت في يونيو العام نفسه، مهدتا الطريق لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الكويت والصين عام 1971، لتكون الكويت أول دولة خليجية تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين.

والدولة العربية الاولى التي قدمت القروض الحكومية الميسرة إلى الصين، وحتى نهاية أكتوبر عام 2015، بلغت قيمة القروض الميسرة التي قدمها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية إلى الصين مليار دولار تقريبا، وتغطي 39 مشروعًا كبيرًا أو متوسطًا في مجالات البنية التحتية والتعليم والصحة والزراعة وحماية البيئة، مما قدم مساهمة كبيرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة الوسطى والغربية للصين.

السفير الكويتي لدى الصين سميح جوهر حيات ونائب وزير الخارجية الصيني تشانغ مينغ

كما استثمرت الكويت على التوالي في أسهم المؤسسات المالية الصينية مثل بنك icbc وبنك abc وشركة citic الصينية، فوصل إجمالي الاستثمارات المالية الكويتية في الصين إلى أكثر من 10 مليارات دولار.

طريق الحرير

واكد السفير الكويتي على اهتمام بلاده الكبير بالمبادرة التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، والمتمثلة &بـ «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21» ، لما تجلبه من فرص تنموية جديدة تعود بالنفع على البلدين والشعبين.

وقال: "من هنا كانت الكويت أول دولة خليجية توقع على وثيقة التعاون بشأن البناء المشترك لـ «الحزام والطريق»، وهي عضو مؤسس في البنك الاستثماري الآسيوي للبنية التحتية (aiib) الذي بادرت الصين بإنشائه".

وحول دور الشركات الصينية العاملة في الكويت، أثنى السفير على إسهامات الشركات الصينية في تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين الصين والكويت، وجهدها الكبير في مد جسر التعاون الثنائي، حيث كانت قد بدأت تنفيذ مشاريع المقاولة في الكويت في أوائل ثمانينيات القرن الماضي وانجزت العديد من المشاريع الضخمة، وصل عدد المشاريع قيد التنفيذ للشركات الصينية في الكويت إلى 69 مشروعًا، وبلغت قيمة العقود الجديدة للشركات الصينية في عام 2015 أكثر من ملياري دولار، بزيادة ضعف تقريبًا عن العام الذي سبقه. حصلت المجموعات التي شاركت فيها الشركات الصينية النفطية على مشاريع epc في الكويت واحدة تلو الأخرى. وأصبحت شركة هواوي ثاني شركة دولية أسست شركتها المحلية المستقلة في الكويت. ومن الجدير بالذكر أن اجمالي الحجم التجاري بين البلدين قارب الاربعة عشر مليار دولار.

ويضيف السفير الكويتي في بكين: "الكويت باعتبارها عضوًا مهمًا في مجلس التعاون الخليجي، ظلت تلعب دورًا إيجابيًا لتعزيز التعاون الجماعي بين الصين ودول المجلس. وفي عام 2004، ساهمت الكويت في إطلاق المفاوضات بشأن إقامة منطقة التجارة الحرة بين الصين ودول المجلس، وفي عام 2010 التي تولت الكويت رئاسة مجلس التعاون، انعقدت الدورة الأولى للحوار الاستراتيجي الصيني ـ الخليجي في بيجين".

أما السفير الصيني في الكويت وانغ دي، فقد قال عن موضوع طريق الحرير: "قبل سنتين، طرح الرئيس الصيني مبادرة لبناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين بهدف تعزيز التواصل بين الشعوب والدول في المنطقة،&&"وفي الوقت نفسه لاحظنا أن القيادة الكويتية مهتمة جدًا بإحياء طريق الحرير، وأن خطة التنمية في الكويت تتمتع بالروح نفسها لذلك يجري التخطيط والمناقشات حول مشروع تنموي في هذا المجال من خلال مشروع مدينة الحرير".

وأضاف انه أثناء زيارة رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك إلى الصين عام 2014 تم توقيع وثيقة التعاون بين الصين والكويت من أجل المشاركة في بناء مدينة الحرير ومشروع طريق الحرير الجديد، وهي أول وثيقة تعاون وقعتها الصين مع دول العالم في هذا المجال.

وشدد السفير الصيني على أن بلاده جاهزة من أجل خطة تطوير الجزر الخمس التنموية، التي تجري مناقشتها حاليًا، مبينًا أن هناك مشاورات مكثفة جرت بين الجانبين حول هذه المشاريع، حيث زار خبراء صينيون أكثر من مرة الكويت للقاء نظرائهم لمناقشة كيفية مساهمة الجانب الصيني في هذا المشروع التنموي.

بناء متين

وحسب جرد لـ(كونا) نشرته بمناسبة الذكرى الـ46 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الكويت والصين، فقد "سطرت العلاقات السياسية بين البلدين الصديقين خلال تلك السنوات تناميًا كبيرًا في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها وأصبحت مجالات التعاون متزايدة ومتشعبة ولها آفاق مستقبلية واعدة تساهم بشكل فعّال في جهود التنمية والبناء والتطور والرقي المنشود الذي يطمح إليه قيادتا وشعبا البلدين الصديقين".

وبمناسبة مرور هذه الذكرى، قال سفير دولة الكويت لدى جمهورية الصين الشعبية سميح جوهر حيات في بيان صحافي إن دولة الكويت كانت أول دولة عربية خليجية تتبادل وتقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع الصين وذلك في 22 مارس عام 1971.

وأضاف السفير الذويخ أن العلاقات بين دولة الكويت وجمهورية الصين الشعبية نشأت فعليًا قبل إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية بينهما، وذلك حين قام الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، عندما كان وزيرًا للمالية والصناعة والتجارة بزيارة إلى الصين في 13 فبراير 1965 والتقى خلالها عددًا من المسؤولين منهم رئيس جمهورية الصين الشعبية حينذاك ليو شاو تشي.

وأوضح أنه قد بني كل ذلك على قاعدة متينة وصلبة من الأسس والمبادئ والسمات الراسخة التي تقوم عليها العلاقات المتميزة بين البلدين يتصدرها الاحترام المتبادل للسيادة والمساواة ووحدة الأراضي ومبادئ التعايش السلمي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتبادل المنافع المشتركة وغيرها من المبادئ والسمات والأعراف الدولية الرفيعة.

وذكر أن التعاون السياسي بين البلدين تعزز عقب الزيارة التي قام بها أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، إلى جمهورية الصين الشعبية عام 2009 تلتها زيارة ناجحة للشيخ جابر المبارك الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء إلى الصين في يونيو عام 2014، حيث تم التوقيع على العديد من اتفاقيات تعاون مشترك ومذكرات تفاهم والتي من شأنها أن تسهم في تعزيز العلاقات بين البلدين، كما قام المسؤولون في البلدين من مختلف المستويات بالعديد من الزيارات المتبادلة والمثمرة بين الطرفين.

ولفت إلى أن الكويت تدعم بقوة سياسة الصين الواحدة وتساند مساعي بكين في هذا الصدد سياسيًا واقتصاديًا، 'فقد كانت الكويت من الدول الداعمة لاستحواذ جمهورية الصين الشعبية لمقعدها الدائم في الأمم المتحدة عام 1971'.

وأشار السفير في المقابل إلى أن الصين تؤيد وبحزم حماية سيادة واستقلال دولة الكويت، كما وقفت الصين إلى جانب الكويت عندما تعرضت للاحتلال من جانب العراق عام 1990.

وقال إن قادة الكويت وحكومتها وشعبها أعربوا عن خالص شكرهم وتقديرهم لجمهورية الصين قيادة وحزبًا وحكومة وشعبًا، وشجع ذلك التأييد السياسي المتبادل بين البلدين على فتح آفاق واسعة للتعاون بينهما في المجالات الاقتصادية والتجارية والفنية والثقافية والعسكرية.

وبين أنه بعد حرب تحرير الكويت ساهمت الشركات الصينية في إعادة بناء الكويت وشاركت مؤسسة البترول الوطنية الصينية في إطفاء حرائق النفط التي تسببت بها قوات الاحتلال العراقي ونجح فريق الإطفاء الصيني في السيطرة على عشرة آبار نفطية مشتعلة في حقل برقان، كما نفذت شركة الهندسة البترولية الصينية مشروع ترميم مصفاة الأحمدي لتكرير النفط.

وذكر السفير أن الفضل في تنامي العلاقات بين البلدين يرجع إلى دور القيادتين الحكيمتين في بلورة الرؤى والأفكار التنموية العابرة للحدود الوطنية نحو آفاق الصداقة الواسعة مع الدول والشعوب والأمم الأخرى.

وأضاف أن دولة الكويت طرحت أيضًا برامج ومشاريع تنموية ضخمة وطموحة "ونحن نرحب بالشركات الصينية للمساهمة والمشاركة في هذه البرامج والمشاريع والمجال أمامها مفتوح وواسع لما لهذه الشركات من خبرة وإمكانات فنية مؤهلة للقيام بمثل هذه المشاريع العملاقة".

وقال السفير: "إننا نرى أن مسيرة ال46 عامًا من العلاقات الإيجابية والبناءة كانت خير دليل على حيوية ونشاط هذه العلاقة المتميزة، ونحن على ثقة بأن التطلع الجاد لدى كل من القيادتين السياسيتين في دولة الكويت وجمهورية الصين الشعبية وحرصهما على تعميق هذه العلاقة خلال الفترة القادمة سيؤديان الى استمرارية هذه الشراكة نحو مجالات أوسع وأرحب وبما يعود بالنفع عليهما وعلى شعبيهما الصديقين مستقبلا".

شريك أساسي

من جانبه، أكد سفير الصين لدى الكويت وانغ دي، أن الكويت أصبحت الآن شريكًا أساسيًا للصين في المنطقة لافتًا إلى أن دولة الكويت تعتبر من أوليات الدول العربية والخليجية التي أقامت علاقات مع الجمهورية الصينية والتي انطلقت في مثل هذا اليوم عام 1971.

وأعرب السفير دي في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) بمناسبة ذكرى مرور 46 عاما على انطلاق العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الصديقين عن سعادته لتزامن الذكرى هذا العام مع احتفالات الكويت بذكرى مرور 56 عاما على الاستقلال و26 عاما على التحرير و10 سنوات على تولي أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم.

وقال إنه على مدى ال 46 عامًا الماضية شهدت العلاقات بين البلدين تطورا كبيرا في شتى مجالات التعاون، "فالكويت في مقدمة الدول العربية والخليجية في تعاملها مع الصين وهي أول بلد عربي أقام علاقات دبلوماسية معها وأول بلد في المنطقة أجرى تعاونًا في مجال المقاولات والذي يرجع الى ثمانينات القرن الماضي".

وأوضح أنه بعد هذه الفترة من العلاقات تحققت إنجازات كثيرة بفضل رعاية قيادتي البلدين والجهود المشتركة من الشعبين "، حيث نشعر برضا تام عن كل ما تحقق لكننا لا نكتفي بذلك بل نتطلع إلى العمل مع الجانب الكويتي من أجل دفع هذه العلاقات وتحقيق المزيد من التقدم في المستقبل".

وذكر أن الكويت أكثر دولة عربية قدمت قروضًا ميسرة إلى الصين حيث بلغت منذ عام 1982 حتى الآن نحو مليار دولار أميركي في مشاريع تنموية في الصين مبينا أن 'الجانب الصيني يتذكر هذا الأمر الجميل الذي قدمته الكويت'.

وبين أن الكويت أول بلد عربي استثمر في الصندوق السيادي الصيني باستثمارات بلغت منذ عام 2005 حتى الان نحو 10 مليارات دولار.

واستذكر السفير الصيني موقف بلاده حين تعرضت الكويت للغزو العراقي مؤكدًا أن الصين أعلنت حينها دعم جهود تحرير الكويت واستعادة أرضها، وفي تلك الفترة زار الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح الصين حيث تم استقباله استقبالاً رسميًا على مستوى رئيس دولة رغم أن بلده كان محتلا.

ولفت إلى أن هناك توافقًا كبيرًا بين الجانبين حول رؤيتهما للأحداث الإقليمية والدولية معبرًا عن تقدير حكومة الصين لسياسة الكويت المتسمة بالحكمة والاتزان في التعامل مع الأحداث في المنطقة، وهو ما يبرز حكمة القيادة الكويتية في السياسات الخارجية.

وأشار السفير دي إلى أن هناك مبادئ عامة تنتهجها الخارجية الصينية تتفق تمامًا مع السياسة العامة للخارجية الكويتية وأهمها عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى وإيجاد الحلول السياسية للمشاكل عبر الحوار والمفاوضات والسماح للشعوب بتقرير مصيرها ومستقبلها.

ودعا دول المنطقة إلى اعتماد الطرق التنموية المناسبة للتعامل مع الظروف الخاصة، "فأي حل أو برنامج يجب ألا يفرض من الخارج بل يأتي من الداخل سواء في سوريا أو العراق أو أي دولة أخرى".

وشدد على ضرورة مكافحة الإرهاب بوصفه 'الآفة التي يعانيها العالم' داعيًا إلى تضافر الجهود الدولية من أجل مكافحته ومعالجته عبر مكافحة المنظمات الإرهابية ومعالجة أسباب وجذور المشكلة.

كما دعا السفير الصيني إلى عدم ممارسة ازدواجية المعايير وعدم ربط الإرهاب بالدين أو بدولة أو شعب محدد، لافتًا الى جهود بلاده في التعاون مع الآخرين للقضاء على هذه الظاهرة.

وكشف السفير دي أن حجم التبادل التجاري بين الكويت والصين بلغ 2ر11 مليار دولار في عام 2015 مقارنة ب 4ر13 مليار دولار في 2014 بسبب انخفاض أسعار النفط غير أن حجم صادرات النفط شهد زيادة تاريخية وصلت إلى 35 في المئة، وهو يعتبر الأعلى في تاريخ العلاقة بين البلدين حيث وصل إلى 14 مليون طن في السنة.

وبين أن الكويت تصدر البتروكيماويات إلى الصين أيضًا في حين أن أبرز الواردات الكويتية من الصين هي المعدات الميكانيكية.

وعن رأيه بالاختراعات الكويتية ذكر أن هناك شركتين صينيتين وقعتا مع مخترعين كويتيين في مركز صباح الأحمد للموهبة والإبداع عقدين لتصنيع وتسويق اختراعيهما، مشيرًا إلى أن الاختراعات تعتبر من الزخم الجديد للتنمية.

وأشار إلى أن الحكومة الصينية تشجع الاختراعات والإبداع من أجل دفع النمو الاقتصادي، حيث أصدرت الكثير من السياسات التشجيعية خصوصًا للشباب من أجل الابداع والاختراعات، مضيفًا 'لقد وجدت التوجه نفسه في الكويت، فالحكومة ترعى رفع قدرة الشباب على الاختراعات'.

وحول الاستثمارات أو المشاريع الجديدة بين البلدين، أفاد السفير الصيني بأنه رغم ما يعانيه العالم من ظروف اقتصادية صعبة وأزمات تخيم عليه، فإن الصين تريد تقوية العلاقات الاقتصادية مع الكويت فهي ترى أنها مهمة في المنطقة سياسيًا واقتصاديًا.