تمطر سماء بلدة القيارة العراقية والمناطق المحيطة بها في بعض الأيام مواد بترولية، ما يحوّل ألوان الماشية وجلود الناس إلى الأسود، فيما انتشرت أمراض بين السكان، ومات منهم سبعة على الأقل.
إيلاف من واشنطن: أشعل مقاتلو تنظيم داعش في يوليو الماضي النيران في 19 بئرًا نفطية بهدف التشويش على المقاتلات الأميركية وأقمار المراقبة الاصطناعية، ولا تزال النيران مشتعلة في ثلاثة من هذه الآبار منذ ثمانية أشهر، بعدما فشلت السلطات العراقية في إخمادها.
لا مشتشفيات!
ومن المرجّح أن تؤدي هذه الكارثة البيئة إلى تفشّي مرض السرطان بين بعض السكان خلال السنوات المقبلة، كما يقول أطباء.
نشرت صحيفة "سيدني مورنينغ هيرالد" تقريرًا مصورًا، الثلاثاء، كشف حجم الأزمة التي تواجهها البلدة، التي تقع على مسافة 65 كيلومترًا جنوب الموصل.
محاولات إخماد الآبار متواصلة... والأخطار الصحية محدقة |
أشار تقرير الصحيفة الأسترالية إلى أن "السكان يمرضون هنا، فيما المستشفى الوحيد مغلق، بعدما دُمّرت أجزاء منه بسبب المعارك بين الجيش العراقي والميليشيات الداعمة له من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى". لافتًا إلى أنه وفي بعض الأيام يزداد مستوى الأدخنة الناتجة من الحرائق "فيمرض الناس".
وأوضح التقرير الصحافي أن "سماء البلدة أصبح لونه قاتمًا، فيما تنتشر في الأجواء روائح مواد كيميائية قوية، وما زالت في أرجائها شاحنات وسيارات مدمرة، إضافة إلى نقاط تفتيش تحرسها ميليشيات (موالية للحكومة)".&
تضرر المواشي
وقال &الراعي أمير أحمد، وهو يقف على مقربة من قطيع ماشيته، الذي غطى صوفه لون أسود ، قال للصحيفة: "إن ماشيتي تعاني أحيانًا من مشكلات في التنفس، واضطر إلى إعطائها أدوية".&
وكان أسوأ ما فعله مقاتلو داعش هو إشعال النار في مصنع للكبريت، ما نشر غاز ثاني أوكسيد الكبريت القاتل بين السكان على مدى ثلاثة أشهر، قبل أن تتمكن السلطات من إخماده في أكتوبر الماضي.
ونقلت "سيدني مورنيغ" عن الدكتور عبدالمنعم تابور، مدير المركز الصحي الوحيد في البلدة، قوله: "عالجنا في المركز 800 شخص أصيبوا بأمراض بسبب هذا الغاز، ومات منهم ستة أو سبعة". لا يعرف الطبيب عدد من تلقوا العلاج أو ماتوا ممن قصدوا العيادات الأخرى في البلدة أو المناطق المحيطة بها.
المواشي حتى أصيبت باختناقات وبضيق في التنفس |
الآبار لم تنطفئ
أضاف "في الأيام السيئة، حينما ينتشر الدخان بكثافة، يمرض الناس، فيأتون بحثًا عن العلاج". وتابع: "استنشاق المواد البترولية المشتعلة يسبب أمراضًا، مثل السرطان، الذي ستظهر أعراضه بعد سنوات قليلة (على بعض السكان)".
ونقلت الصحيفة عن رجال إطفاء قولهم إنهم لم ينجحوا في إخماد النيران المشتعلة في البئر رقم 79، وهي بعمق 300 متر، وعزوا فشلهم "إلى أن البئر تحوي، إضافة إلى النفط، كميات كبيرة من الغاز".
ومعلوم أن أمراض السرطان وحالات تشوه الأجنة ارتفعت معدلاتها في مناطق عدة في العراق، بسبب الحروب التي شهدتها البلاد منذ غزو الكويت، إثر استخدام القوات الأميركية أسلحة تحوي اليورانيوم المخصب ومادة الفوسفور الأبيض، ما قد يؤدي إلى خلل في الجينات البشرية، وفقًا لتقارير منظمات دولية.
فوفقًا لتقرير نشرته صحيفة "أندبدندنت" البريطانية في 24 يوليو عام 2010، بلغت نسبة تفشي السرطان بين أطفال بلدة الفلوجة العراقية ثمانية أضعاف ما هو موجود في الكويت، وأربعة أضعاف ما هو في الأردن، فيما انتشرت حالات الوفاة والتشوه بين المواليد.
عدم اكتراث
ونقلت الصحيفة البريطانية أن حالات السرطان في البلدة العراقية التي خاضت حروبًا شرسة مع القوات الأميركية أكثر من المعدلات تلك التي شهدتها مدينتا هيروشيما وناغازاكي اليابانيتان، بعدما ألقيت عليهما قنابل ذرية في الحرب العالمية الثانية.
تعاطت الحكومات العراقية المتعاقبة بتجاهل أو بطريقة بدائية لمواجهة هذه الكوارث التي أنتجتها الحروب. فوفقًا لتقارير صحافية نُشرت خلال الأعوام الماضية، فإن الكثير من المدرعات والسيارات العسكرية التي استهدفها الجيش الأميركي بصواريخ تحوي مادة اليورانيوم المخصب خلال غزو العراق في 2003، تم دفن بعضها، ما لوّث التربة لملايين السنين، أو الاكتفاء بإحاطتها بسياج حديدي، وتركها في أراض مفتوحة، ما يشكل خطرًا على صحة السكان في المناطق المحيطة. &
&
التعليقات