«إيلاف» من القاهرة: فجأة، ولأسباب خارجة عن إرادته، خرج النقيب أحمد مجدي، الحارس الخاص للرئيس عبد الفتاح السيسي، من حياة الغموض إلى العلانية.

وبعد أن كانت عدسات المصورين تخشى الاقتراب منه، أصبح هدفًا لها، بل أسلم نفسه طواعية للكاميرات، وأصبح نجمًا في عالم كمال الأجسام و"التصوير الرومانسي"، وعُرض عليه المشاركة في مجال السينما.

وفي مقابلة خاصة مع "إيلاف"، يكشف الحارس الخاص السابق للسيسي الذي كان بمثابة "ظل السيسي"، أنه تعرض لإصابة بالغة أثناء التدريب تسببت بخروجه من طاقم الحراسة الرئاسي.

وقال إنه ترك الحياة العسكرية كليًا، واتجه إلى العمل الخاص، وشارك في مسابقات لكمال الأجسام في الإمارات العربية المتحدة، وتحول إلى نجم لما يعرف في عالم بالتصوير بالـ"فوتوسيشن".



كيف جاء التحاقك بالعمل في الحراسة الخاصة بالرئيس عبد الفتاح السيسي؟
التحقت بالكلية الحربية في عام 2006، وشاركت في سلاح الصاعقة في عام 2010. ونظرًا لتمتعي بقوى بدنية جيدة، تم ترشيحي للعمل في الحرس الجمهوري في عام ٢٠١٠. في ٣٠ يونيو ٢٠١٢، رشحت لأكون حارسًا خاصًا لرئيس الجمهورية حينئذ الدكتور محمد مرسي، طوال السنة التي حكم فيها مصر. وبعد عزله بسبب ثورة 30 يونيو 2013، عدت إلى العمل في صفوف الحرس الجمهوري. في عام 2015، رشحت مرة أخرى للعمل حارسًا خاصًا للرئيس عبد الفتاح السيسي، وكان هذا الترشيح وسامًا على صدري أعتز به، فأنا طوال مسيرتي المهنية وحتى الآن، أحرص على أن أكون على استعداد لأي عمل يتم تكليفي به.

&

&

ما الظروف التي حالت دون الاستمرار في العمل بطاقم الحراسة الرئاسي؟
تعرضت لإصابة في أثناء التدريبات اليومية، للحفاظ على المستوى المتميز في العمل. ولم تكن إصابة عادية بل خطيرة، جعلتني غير قادر على المشي أو ممارسة حياتي العملية بصورة طبيعية، وخضعت لعملية جراحية في القدم لاستعادة القدرة على المشي مرة أخرى إلا أنني لم أستعد لياقتي الكاملة التي يتطلبها مني عملي، ولم أعد ذلك الجسد القوي القادر على تحمل متطلبات المجهود العنيف الذي يكون دائمًا مصاحبًا لعملي.

&



كيف واجهت هذه الأزمة؟
لم أحزن وابتسمت للقدر بصدر رحب، وعرفت أن إرادة الله أقوى من أي شيء، وتحدثت إلى نفسي لتهدأ. وجلست أتذكر ذلك الشريط الطويل الذي نسميه نحن التاريخ بكل مراحل حياتي، وبكل ما قدمته لخدمة الوطن، وكل الأيام الصعبة التي مررت بها، وكل لحظات الألم التي تحملتها لأثبت للعالم كله، ولبلدنا أننا بالفعل خير أجناد الأرض. تذكرت زملائي الذين شاركوني أصعب لحظات العمر، كتفًا بكتف، وقادتي الذين تعلمت منهم كثيرًا، وعائلتي التي وقفت إلى جانبي للوصول إلى ما أنا عليه، وابني ووالدته اللذين طالما حلمت أن أكون مثلًا أعلى لهما في كل شيء، تذكرت هذا الأمر في عمر يتراوح بين ٢٩ و٣٠ عامًا، وبدا لي أنا هذا التاريخ يمسح وفي طياته كل طموحاتي التي طلبت من الله أن أحققها.

&



لماذا لم تستكمل العمل في مهام أخرى أقل حاجة إلى المجهود البدني؟
بناءً على رغبتي أُحلت على المعاش؛ لأن القوانين العسكرية تمنعني من ممارسة عملي حارسًا خاصًا لرئيس الجمهورية وأنا لست في كامل لياقتي البدنية. تركت الخدمة العسكرية مع الاحتفاظ برتبتي، وكل ما وفره لي هذا الكيان العظيم أي القوات المسلحة المصرية. حاول كل قادتي من أعلى المستويات إقناعي بأن أظل معهم، حتى لو تركت العمل الميداني إلى أعمال مكتبية، لكن الصراع الذي في داخلي كان يدفع بي دائمًا إلى الأمام، هي روح ذلك الوحش الذي يسكن بداخلي، والذي لا يكل ولا يمل من التدريب ليظل شامخًا أمام نفسه، وأمام كل من حوله وجنوده، لم يعد له وجود في هذا الكيان. وفي يوم ١٥ /٣ /٢٠١٦، عدت إلى الحياة المدنية.

&



كيف جاء التحول من عسكري صارم وغامض إلى نجم تطلبه الكاميرات؟
لم أكن أصطنع تلك الشخصية الصارمة في عملي أمام الناس، لذلك لم أجد صعوبة في الحياة المدنية. خرجت لأمارس رياضتي المعتادة كل صباح في نادي التدريب القريب من بيتي. كنت أظل فترات طويلة في التدريب لاستعادة قوتي، ولأتعافى من إصابتي. ومع التدريب المستمر، ازدادت قوتي و إرادتي يومًا بعد يوم؛ وكان هناك من يشجعني من أصدقائي الذين وجدتهم دائمًا خير سند لي في كل شيء. وهبني الله نعمة الجسم القوي الجميل الذي طالما كان سندي في كل شيء، لأنني لم أبخل عليه في يوم من الأيام بالتدريب الشاق؛ لتزداد قوته وصلابته لتلبية نداء المولى عز وجل "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة". ورشحني مدربي للاشتراك في إحدى البطولات الدولية، وأقنعني بالقدرة على الفوز على الرغم من قلة خبرتي في بطولات كمال الأجسام، وكان التحدي في داخلي أكبر من مجرد بطولة: إثبات أنني ما زلت قادرًا على العطاء.

&



كيف كان الاستعداد للبطولة، وهل وجدت صعوبة في الاشتراك بها؟
اتخذت قرار دخول هذه البطولة قبل موعدها بشهرين ونصف الشهر، ويعلم كثير من أبطال هذه الرياضة أن هذا الوقت غير كاف لمبتدئ مثلي لتجهيز نفسه للمشاركة في بطولة دولية مثل هذه " Dubai muscle show". ضاعفت عدد ساعات التدريب إلى ثلاث مرات يوميًا مع نظام غذائي معقد، وتحت إشراف مدرب لا يكل ولا يمل. اقترب وقت البطولة وازداد الضغط النفسي، وكالعادة نحن العسكريين اعتدنا هذا المجهود والضغط فزادني هذا الأمر إصرارًا على الفوز.
سافرت إلى الإمارات حيث تقام البطولة، وكنت أتساءل هل ما جاء بي إلى هنا هو الخوف من الفشل في الحياة المدنية، أم إثبات أنني قادر على خوض أي كفاح. وعلى الرغم من أن قدمي لم تتعاف تمامًا، لكني حققت المركز الرابع على مستوى البطولة، وانتابني هذا الشعور الذي طالما كان يقودني للاستمرار إلى الأمام، وهو النصر على كل عقبة تقف أمامي. وانتهت مراسم البطولة. وفي اليوم التالي أكملت حياتي الطبيعية التي لم تكن تخلو من لمة الأصدقاء، والخروج والترفيه، فأنا عاشق للموضة، فاتجهت إلى محلات الملابس كعادتي للبحث عن كل ما هو أنيق يليق بي، وأشبعت رغباتي من الأكل الذي حرمت منه شهرين ونصف الشهر قبل البطولة.

&



هل كانت تلك البطولة سببًا مباشرًا في خوض تجربة "فوتوسيشن"؟
بعد عودتي إلى القاهرة، تلقيت العديد من الرسائل من شركات ميديا تدعوني للتصوير معها. وافقت على أول طلب لي من "ليو جيم" خصوصًا أن القائمين عليها كثيرًا ما وقفوا بجانبي طوال فترات تدريبي ووفروا لي الوقت للتدريب حتى ساعات متأخرة من اليوم، وأنهيت معهم تصوير الفوتوسيشن تحت إشراف فريق عمل محترف. ثم بدأت تتحول الأنظار إليَ من مصورين كثيرين، ومن مخرجين، وتلقيت عروضًا للمشاركة في أفلام ومسلسلات، لكنني رفضت احترامنا لمكانة وظيفتي. فمع أني تركت الحياة العسكرية، لكن تبقى القيم والمبادئ تسكن في داخلي والتزم بها. وعرض علي جلسة تصوير فوتوسيشن أخرى من مصورة محترفة صغيرة وجدت في داخلها ذلك الطموح الذي طالما كان الدافع لي للنجاح، وأعجبتني أفكارها التي عرضتها علي مع فريق عملها، واقترحت أن تكون هذه الصور عن شيء يفصح عن حياتي الشخصية التي اعتقد كثيرون أنها حياة معقدة تمتلئ بالغموض؛ بسبب مكانة وظيفتي الحساسة، لكن يجب أنني ومثلي كثيرون يعيشون حياة بسيطة قد تخلوا قليلًا من أوقات الفراغ التي نمارس فيها حياتنا الطبيعية، ولذلك فنحن نستمتع بتلك الأوقات على أكمل وجه لنخرج كل الطاقات السلبية التي بداخلنا لنستعد للعمل بروح إيجابية جديدة.

&


هل تنوي السير في طريق النجومية والشهرة؟
لم يكن طموحي الشهرة أو فتح مجالات أخرى للعمل أو اتجاهًا لكسب الرزق، كما يعتقد البعض، فليس هناك حياة نعيشها في الخفاء، وحياة في العراء، فكل ما لا يعترض مع القيم والمبادئ لا عيب في إعلانه، فأنا رجل عسكري صاحب تاريخ ليس طويلًا، لكن كان مليئًا بالمسؤولية والأماكن المهمة التي عملت بها، واعتز بشرفي العسكري الذي تربيت عليه، فأنا لا أقبل أي عمل لا ينتمي إلى هذا التاريخ، ولم أهتم بالعروض الكثيرة التي تلقيتها.
أنا الآن أعمل مع شخصية سياسية أفتخر بها، أكنّ لها كل الاحترام و التقدير، فهي تعمل من أجل الوطن من دون مقابل، وأفخر بالعمل مع من يخدمون الوطن بكل ما تعلمته من خبرات في مجال عملي السابق. كما قضيت عمري في خدمة القوات المسلحة، ورئيس الجمهورية وبلدي، سأكمل باقي العمر في خدمة من يخدمون الوطن، ومن يقفون بجانب قواته، وأجهزته الأمنية، والسيادية كتفًا بكتف، حتى يعلو شأن هذا الوطن.

&