نصر المجالي: يعيد الكشف عن خطة لدى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتقسيم ليبيا إلى 3 دول صغيرة، وهي برقة وطرابلس وفزان، إلى الأذهان العهد العثماني، والفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية وصولاً إلى إعلان الدستور الليبي بإشراف الأمم المتحدة العام 1951 وقيام مملكة دستورية متحدة بقيادة الملك الراحل محمد إدريس السنوسي.&

ويبدو أن المسؤول الكبير في البيت الأبيض وهو مساعد الرئيس ترامب في العلاقات الخارجية سباستيان غوركا اعتمد على الوثائق التاريخية من دون النظر الى التداعيات التي حدثت في السنوات السبعين الأخيرة مرورًا بقيام "الجماهيرية الشعبية الليبية الموحدة"، &ثم انهيارها على وقع الربيع العربي.&

&

الملك الراحل محمد إدريس السنوسي&

&

متحدة على الدوام

الشواهد التاريخية تؤكد وجود 3 ولايات في ليبيا، ولكن هذه الولايات ومن خلال الشواهد نفسها تؤكد سواء بسواء أن هذه الولايات ظلت متحدة على الدوام وعبر جميع الفترات التاريخية الحديثة والقديمة وحتى في العهد العثماني وصولاً الى النضال للتخلص من الاستعمار الإيطالي.&

الليبيون هم أنفسهم، في ولاياتهم الثلاث، الذين تنادوا بعد الاستقلال العام 1951 إلى وحدة ليبيا وإقرار ديباجة دستورها الجديد، الذي قامت على أساسه المملكة الليبية المتحدة التي انهارت مع الانقلاب الذي كان قاده الملازم أول معمر بومنيار القذافي صبيحة الفاتح من سبتمبر 1969 إيذانًا بالعهد الجماهيري، حيث أطاح بالملكية ومجلس النواب الليبي وتم ايقاف العمل بالدستور.

دستور 1951 هو الأساس&

الديباجة&

وتنشر (إيلاف) نص "الديباجة"& التي كان اتفق عليها ممثلو الولايات الثلاث لتشكيل الاتحاد الليبي وإعلان الدستور، وهي جاءت على النحو التالي:&

بسم الله الرحمن الرحيم

نحن &ممثلي شعب ليبيا من برقة وطرابلس الغرب وفزّان المجتمعين بمدينة طرابلس فمدينة بنغازي في جمعية وطنية تأسيسية بإرادة الله.

بعد الاتفاق وعقد العزم على تأليف اتحاد بيننا تحت تاج الملك محمد ادريس المهدي السنوسي، الذي بايعه الشعب الليبي ونادت به هذه الجمعية الوطنية التأسيسية ملكًا دستوريًا على ليبيا.

وعلى تكوين دولة ديمقراطية مستقلة ذات سيادة تؤمن الوحدة القومية وتصون الطمأنينة الداخلية وتهيّئ وسائل الدفاع المشتركة وتكفل إقامة العدالة وتضمن مبادئ الحرية والمساواة والإخاء وترعى الرقي الاقتصادي والاجتماعي والخير العام.

وبعد الاتكال على الله مالك الملك، وضعنا وقررنا هذا الدستور للمملكة الليبية المتحدة.

لا بديل عن وحدة ودستور 1951

&

الدستور&

دستور المملكة الجديدة كان دخل حيز التنفيذ في 7 أكتوبر 1951 مباشرة قبل استقلال ليبيا الرسمي في 21 ديسمبر 1951، وهو نص على كون ليبيا ملكية دستورية وبالملك إدريس الأول ملكاً عليها.&

وكان هذا الدستور حدثاً رئيسياً في حياة الليبيين كونه الوثيقة الوطنية التشريعية الأولى والوحيدة والتي ترسخ رسميًا حقوق المواطنين الليبيين بعد الحرب وقيام الدولة القومية الليبية.

تم اقرار الدستور الليبي في الاجتماع الذي عقدته الجمعية الوطنية الليبية في مدينة بنغازي& يوم 7 أكتوبر 1951بحضور رئيس الجمعية الوطنية محمد أبو الأسعاد العالم ونائبي الرئيس، عمر فاروق شنيب وأبو بكر أحمد أبو بكر، حيث قدموا الدستور للملك إدريس قبل نشره في الجريدة الرسمية الليبية.

أول تشريع&

اعتبر دستور ليبيا في 1951 أول تشريع يرسخ رسميًا حقوق المواطنين الليبيين في أعقاب قيام الدولة الوطنية الليبية بعد الحرب. وبعد نقاشات مكثفة للأمم المتحدة، حيث كان الملك إدريس يقول بأن إنشاء دولة ليبية واحدة سوف يعود بالنفع على مناطق طرابلس، فزان وبرقة، وكانت الحكومة الليبية حريصة في صياغتها للدستور على أن يتضمن العديد من القيم الإنسانية والحقوقية الراسخة والمشتركة في البلدان الديمقراطية.

يشار إلى أن المادة 5 من دستور الاستقلال أن (الإسلام دين الدولة) وبهذا لم يكن دستوراً علمانياً، إلا أنه رسمياً أقر عدداً من الحقوق مثل المساواة أمام القانون، وكذلك المساواة في الحقوق المدنية والسياسية، وتكافؤ الفرص، والمسؤولية المتساوية في المهام والواجبات العامة "دون تمييز في الدين أو المعتقد أو العرق أو اللغة أو الثروة أو النسب أو الآراء السياسية أو الاجتماعية" (المادة 11).