باريس: أثار الاعتداء الذي قتل فيه شرطي مساء الخميس في جادة الشانزيليزيه في باريس بلبلة وتوترا في ختام حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وزاد من غموض نتيجة جولتها الاولى المقررة الاحد.
وشهدت جادة الشانزيليزيه مساء الخميس في قلب باريس اطلاق نار تسبب بمقتل شرطي واصابة اثنين آخرين وسائحة المانية بجروح.
وسرعان ما تبنى تنظيم الدولة الاسلامية الاعتداء معلنا أن "منفذ الهجوم في منطقة الشانزيليزيه وسط باريس هو أبو يوسف البلجيكي".&
لكن مصادر مقربة من التحقيق اكدت أن المعتدي فرنسي في التاسعة والثلاثين من عمره اسمه كريم الشرفي وكان يخضع لتحقيق جهاز مكافحة الإرهاب وسبق أن حاول قتل شرطي قبل أكثر من 10 سنوات.
بالتالي بات من الضروري التحقق إن كان المنفذ الرجل نفسه الذي نشر التنظيم اسمه. إذ تلقت فرنسا الخميس من السلطات البلجيكية مذكرة توقيف صادرة بحق رجل يحمل الاسم نفسه الذي ورد في تبني التنظيم المتشدد بحسب الداخلية الفرنسية.
ونددت اهم منظمات مسلمي فرنسا بهذا الاعتداء "الجبان والوحشي".
وقالت دولفين سوزا (55 عاما) التي تقطن في الحي الاشهر في العاصمة الفرنسية الجمعة "لم نعد في امان في اي مكان".
من جهتها قالت يو يو (24 عاما) وهي سائحة صينية "شعرنا ببعض الخوف لكن موظفة الاستقبال في الفندق اكدت لنا ان كل شيء على ما يرام".
وقالت اديلاييد ذوالفقارباسيك مديرة معهد الاستطلاعات بي في ايه ردا على سؤال عن مدى تأثير هذا الهجوم على الانتخابات؟ انه يمكن "ان تقلص الفوارق" بين المرشحين.
دعوة الى التحلي بالهدوء
ومنذ صباح الجمعة استغل مرشحو اليمين واليمين المتطرف الاعتداء داعين الحكومة الى تشديد اجراءات التصدي للارهاب التي يعتبرون انها غير كافية.
وطالبت رئيسة الجبهة الوطنية (يمين متطرف) مارين لوبن الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند ب "ان يصحو اخيرا" ويعتمد على الفور "ردا امنيا اكثر شمولية".
وفي الاتجاه ذاته دعا اليميني المحافظ فرنسوا فيون الى "صفاء ذهن" في "حرب ستكون طويلة" متحدثا عن إجراءات امنية مشددة سيطبقها "بيد من حديد" في حال انتخب رئيسا.
في المقابل، اتهم رئيس الوزراء الفرنسي برنار كازينوف مرشحي اليمين ب "استغلال" الهجوم وأخذ على مارين لوبن سعيها الى "الاستغلال بهدف التفرقة واشاعة الخوف لأغراض محض سياسية".
واضاف في هذا السياق ان فيون "يدعو الى خلق عشرة آلاف وظيفة في الشرطة. كيف يمكن تصديق مرشح ألغى عندما كان رئيسا للوزراء 13 الف وظيفة في قوى الأمن الداخلي"؟
في الاثناء ندد مرشح الوسط ايمانويل ماكرون ب"مزايدات" خصومه ووعد بأن يتصدى "بلا هوادة" للارهاب.
اما مرشح اليسار المتشدد جان لوك ميلانشون فقد اكد ان "واجبنا الاول يتمثل في التحلي بالهدوء".
وقبل ساعات من اختتام الحملة الانتخابية منتصف ليل الجمعة (22,00 ت غ)، أعلن ثلاثة من المرشحين الاربعة الاوفر حظا (لوبن وماكرون وفيون) إلغاء اجتماعاتهم الانتخابية الأخيرة الجمعة.
وحده ميلانشون الذي يخوض حملته تحت شعار "فرنسا المتمردة" أبقى على لقاء مقرر مساء الجمعة في حي باريسي. واعتبر المرشح انه يجب "أن نثبت أن الكلمة الأخيرة ليست لمن يمارسون العنف".
واثر اجتماع مجلس الدفاع قال رئيس الوزراء الفرنسي انه "لا شيء يجب ان يعرقل الموعد الديمقراطي" للانتخابات الرئاسية.
واعتبر الرئيس الاميركي دونالد ترامب ان الهجوم "سيكون له أثر كبير" على الانتخابات الفرنسية.
اما ايران فإنها نددت بالاعتداء وانتقدت في الآن ذاته سياسة الغرب القائمة على تقديم "تنازلات للارهابيين المجرمين" في سوريا.
تساؤلات بشأن منفذ الاعتداء
ويتساءل المحققون الجمعة عن مسار منفذ الهجوم. وكان تنظيم الدولة الاسلامية قال مساء الخميس انه "ابو يوسف البلجيكي" وهو اسم لا يبدو انه لشخص يحمل الجنسية الفرنسية.
في الاثناء تقدم رجل يحمل اسم ابو يوسف البلجيكي صدرت بحقه مذكرة تفتيش بلجيكية نقلت الخميس الى اجهزة الامن الفرنسية، صباح الجمعة الى مفوضية شرطة مدينة انفير البلجيمية، بحسب الداخلية الفرنسية.
وكان النائب العام فرنسوا مولانس اكد من موقع الاعتداء ان "هوية المهاجم معروفة وتم التحقق منها" لكنه رفض الافصاح عنها لدواعي التحقيق.&
الا ان مصادر قريبة من التحقيق افادت ان الرجل يدعى كريم الشرفي (39 عاما) كان يخضع للتحقيق بعد أن اعرب عن نيته قتل شرطيين واوقف في 23 فبراير ثم أفرج عنه لعدم كفاية الأدلة. وكان حكم عليه 2005 بالسجن لنحو 15 سنة لمحاولة قتل شرطي وشخصين اخرين في منطقة باريس.
ويبدو انه تصرف بمفرده. ودهمت الشرطة مساء الخميس منزل المعتدي في منطقة سين-إي-مارن في ضاحية باريس. في هذه الاثناء استجوبت شرطة مكافحة الارهاب ثلاثة أشخاص من معارف المهاجم الجمعة بحسب مصدر قضائي، بعد توقيفهم في مداهمات ليلية في ضواحي باريس الشرقية.
ووصف سليم الذي كان التقى الشرفي قبل اسابيع، بانه شخص "يعاني اضطرابا". وقال احد جيرانه ان "افعاله وردود افعاله وطريقة مشيته وسلوكه ليست سوية، كانه قادم من كوكب المريخ".
وتجري الانتخابات الفرنسية في ظل حالة الطوارئ التي أعلنت في أعقاب اعتداءات 13 نوفمبر.
التعليقات