يوصف جيمس كومي عادة بأنه مدير سياسي ذو مهارة فائقة. لكن سمعته تعرضت لهزات خطيرة في الفترة الأخيرة، مع ورود اسمه في إحدى القضايا المثيرة للجدل.

وتصدر اسم مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي - السابق - عناوين الأخبار بسبب التحقيق في موضوع البريد الإلكتروني الخاص بهيلاري كلينتون - وهي القضية التي تقول كلينتون إنها كانت السبب وراء هزيمتها الصادمة في الانتخابات في مواجهة دونالد ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

ويأتي قرار طرد ترامب له - بعد مضي أقل من نصف فترته في المنصب، وهي 10 سنوات - عقب الكشف عن أنه قدم معلومات غير دقيقة عن القضية في الكونغرس، وإن كان هذا لم يذكر كسبب لإقالته.

وقال مسؤولون كبار في وزارة العدل إنه انتهك إجراءات الوزارة بمناقشته - علانية - موضوع التحقيق بشأن كلينتون.

وقال الرئيس ترامب - الذي كان قد امتدح كومي ووصفه بالشجاعة - إن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، البالغ من العمر 56 عاما، "لم يستطع" قيادة المكتب.

ولكن كومي كان يرأس أيضا تحقيقات يجريها المكتب في الادعاءات بتدخل روسيا لصالح ترامب في الانتخابات، ويقول الديمقراطيون إن هذا هو السبب الحقيقي وراء قرار إقالته.

وأول ما يلفت الانتباه في شخصية كومي هو طوله، إذ يبلغ مترين وثلاثة سنتيمترات. ولكنه أيضا يحظى بالاحترام الكبير لمؤهلاته وصفاته: فقد ظل منخرطا في الدوائر السياسية والقانونية، في ولاية نيويورك التي ينحدر منها، على أعلى مستوى لثلاثة عقود.

وقيل إنه اجتذب - حينما كان المدعي الأمريكي عن منطقة ساوث ديستريكت في نيويورك - متابعين له من بين الكثيرين من الأشخاص العاديين في نيويورك بسبب إصراره على الملاحقة القانونية للأغنياء وذوي السلطة.

جيمس كومي
Reuters
كومي يحظى باحترام كبير نظرا لمؤهلاته وصفاته

وأصبح في عام 2003 نائبا لوزير العدل. وكان هو الذي رأس الادعاء في قضية مارثا ستيورات، سيدة الأعمال الشهيرة والمذيعة المعروفة التي ضللت المحققين في قضية بيع أسهم. كما رأس أيضا القضية التي نالت تغطية إعلامية كبيرة واتهم فيها المصرفي والمستثمر الأمريكي في وول ستريت، فرانك كواترون.

وتعرض كومي للأضواء أكثر في العام التالي عندما كشف عن مواجهة بينه وبين مسؤولين كبار في إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش خلال شغله منصب وزير العدل بالنيابة، عندما مرض وزير العدل جون أشكروفت، ونقل إلى المستشفى.

وكان مستشار بوش، ألبيرتو غونزاليس، ورئيس الأركان، أندرو كارد، يضغطان على أشكروفت - وهو في المستشفى - للموافقة مرة أخرى على برنامج مثير للجدل يسمح للوكلاء الفيدراليين بالتجسس على المحادثات التليفونية بدون تصريح.

ولكن كومي، الذي كان وزيرا للعدل بالنيابة، سارع إلى المستشفى وتدخل في الأمر.

وأدخلت بعد ذلك تعديلات على البرنامج، نال عنها كومي ثناء واسعا.

"الرجل الذي يقف شامخا"

وبعد ترك العمل مع إدارة بوش، عمل كومي مستشارا عاما لجمعيات بريدجووتر، وهي صندوق حماية استثماري في ولاية كونيتيكت. وهو الآن يحاضر في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا في نيويورك.

ورشحه في عام 2013 الرئيس باراك أوباما، مديرا لمكتب التحقيقات الفيدرالي. ووصفه أوباما آنذاك بأنه "الرجل الذي يقف شامخا من أجل العدالة وسيادة القانون". وفي سبتمبر/أيلول، عين بالفعل مديرا سابعا للمكتب لفترة 10 سنوات.

جيمس كومي
Reuters
الرئيس السابق أوباما هو الذي رشح كومي لإدارة مكتب التحقيقات الفيدرالي

وكان كومي في قلب الحدث في انتخابات 2016 للرئاسة الأمريكية. وتدخل مرتين خلال الحملة الانتخابية بإصدار تصريحات بشأن التحقيق في موضوع البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون.

وقال في يوليو/تموز إن القضية يجب أن تغلق دون أي ملاحقة قضائية، لكنه أعلن بعد ذلك، وقبل الانتخابات بـ11 يوما، أنه أعاد فتح التحقيق بعد أن اكتشف أمورا جديدة ذات صلة بالبريد الإلكتروني لكلينتون.

وقال كومي خلال جلسة استماع الأسبوع الماضي في مجلس الشيوخ بالكونغرس، إن مساعدة كلينتون الرئيسية، هوما أبيدين، أرسلت "آلافا ومئات" من رسائل البريد الإلكتروني، "بعضها تتضمن معلومات سرية"، إلى زوجها آنذاك.

لكن مكتب التحقيقات الفيدرالي اعترف بعد ذلك بأن مجموعتين فقط من الرسائل، كانت تتضمن معلومات سرية، هي التي أرسلتها أبيدين إلى زوجها لطباعتها.

وبعد ساعات من ذلك أقيل كومي من منصبه، ولكن لا يبدو - رسميا - أن هذه القضية المثيرة للجدل هي التي كلفته وظيفته.