بزورك محمد من السليمانية: شيّعت مدينة السليمانية في إقليم كرديستان العراق القيادي الكردي البارز نوشيروان مصطفى أمين زعيم حركة التغيير الكردية وسط حضور سياسي وجماهيري واسع حيث أعلن الحداد لمدة ثلاثة أيام لوفاته الى جانب إنزال أعلام حركة التغيير.
وانطلق موكب الجنازة وسط مدينة السليمانية وإستغرق وصوله الى المقر الرئيس لحركة التغيير في تل زركته أكثر من ثلاث ساعات. &&
وأشاد المشيعون بـ"الأدوار والمواقف البطولية وبحنكة الفقيد الذي كان أنموذجا في سلوكه القيادي الرفيع كقائد ومربٍّ يمتلك روح المسؤولية وكان يحرص على تنفيذ المهام الوطنية والقومية لمكافحة الفساد وتثبيت أسس حكومة المواطنة والنظام المؤسساتي بكفاءة وبروح معنوية عالية".
وحضر مراسم َالتشييع ممثلو الأحزاب الكردستانية وقادة عراقيون.
رسائل تعزية
رئيس التحالف الوطني العراقي (الشيعي) عمار الحكيم قال في كلمة أثناء مراسم التشييع إن العراق فقد أحد أهم القادة الوطنيين الذين ناضلوا من أجل عراقٍ ديمقراطي موحد، مطالبا &أنصار ومسؤولي حركة التغيير بمواصلة نهج نوشيروان مصطفى في مقارعة الظلم والديكتاتورية والفساد.
كما بعث قادة عراقيون برقيات تعزية الى حركة التغيير عبروا فيها عن حزنهم لوفاة نوشيروان مصطفى مؤكدين &أن رحيله يمثل خسارة للأكراد والعراقيين على حد سواء.
وقال الرئيس العراقي فؤاد معصوم في برقية تعزية إن الشعبين الكردي والعراقي خسرا برحيل نوشيروان مصطفى، واصفا إياه بالمناضل الصلب.
كما أشار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بيان أن الراحل قارع الظلم والديكتاتورية مع بقية أبناء الشعب العراقي وحاول جاهدا جمع كلمة العراقيين لبناء عراق حر وديمقراطي.
وقال رئيس البرلمان سليم الجبوري في برقية تعزية إن نوشيروان مصطفى "كان مثالا للمثابرة والإخلاص والجد من اجل خدمة الوطن وان وفاته خسارة للساحة السياسية في البلاد.
أما الإتحاد الوطني الكردستاني فقد أكد أن نوشيروان مصطفى كان رمزا وطنيا في مواجهة الإحتكار والفساد.
وقال حاكم قادر المتحدث الرسمي باسم الإتحاد الوطني الكردستاني في كلمة له أثناء المراسم إن مصطفى كان مثالا رفيعا يُحتذى به في تحقيق العدالة الإجتماعية وإسترداد حقوق المواطنين، مشيرا الى أن الإتحاد الوطني يأمل في التوحيد مع حركة التغيير لمواصلة مشوار نوشيروان مصطفى وذلك بناء على الإتفاق المبرم بين الجانبين في العام الماضي.
&
من جانبه أعلن مجلس محافظة السليمانية في بيان الحداد لمدة ثلاثة أيام، اعتبارا من اليوم السبت، في مؤسسات ودوائر محافظة السليمانية، لوفاة زعيم حركة التغيير نوشيروان مصطفى.
يّذكر أن نوشيروان مصطفى أمين توفي صباح أمس الجمعة عن عمر يناهر الثالثة والسبعين بعد صراع مرير مع مرض عضال.
محطات سياسية
نوشيروان مصطفى كان سياسيا كرديا ومؤسس حركة التغيير في كردستان العراق، بدأ مشواره السياسي مبكرا وقاتل النظام العراقي السابق.
ولد عام 1944 بالسليمانية شمال&العراق ودرس مراحل الإبتدائية والثانوية في السليمانية وأكمل العلوم السياسية في جامعة بغداد.
وأصدر مجلة رزكاري (التحرير) بداية السبعينات، فحكمت السلطات العراقية عليه بالإعدام، مما اضطره للهرب إلى النمسا، والتحق بجامعة فينا.
عاد إلى كردستان العراق بعد التوقيع على اتفاقية الجزائر بين شاه إيران وصدام حسين عام 1975، وتراجع الحراك الكردي نتيجة قطع الشاه الإمدادات العسكرية عن الأكراد، وساهم في تأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني عام 1975 في سوريا.
شغل منصب نائب سكرتير الإتحاد الوطني، ويعتبر من أبرز قيادات الحزب الذين عارضوا ووقفوا ضد سياسات الغريم الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود برزاني.
الإنتفاضة الشعبية
وخاض نوشيروان مصطفى في 1984 مفاوضات صعبة وشاقة مع الحكومة العراقية لتحقيق الحقوق القومية للشعب الكردستاني.
كما أنه يعتبر العقل المدبِّر للإنتفاضة الشعبية في كردستان العراق 1991 التي إندلعت شرارتها في السليمانية لتنتهي بتثبيت الحكم الذاتي في إقليم كردستان.
الوظائف والمسؤوليات
وعقب سقوط نظام صدام وانخراط الاتحاد الوطني الكردستاني في العملية السياسية ورئاسة طالباني مجلس الحكم الانتقالي، تبنّى مصطفى توجها إصلاحيا داخل الحزب ليطالب بالشفافية ومكافحة الفساد، وإعادة هيكلة مؤسسات الحزب، لكنه لم يتمكن من تحقيق مطالبه الإصلاحية، فاستقال أواخر العام 2006 من الاتحاد الوطني الكردستاني، وإختار مغادرة الإتحاد الوطني حيث أسس شركة متخصصة في مجال الثقافة والإعلام، ثم أصدر صحيفة أسبوعية وأنشأ موقعا إلكترونيا كرديا وأطلق قناة فضائية ناطقة بالكردية، واتخذت هذه المنابر موقفا معارضا من سلطات الإقليم وانتقدت طرفي الحكم برزاني وطالباني.
حركة جماهيرية
وفي أواسط عام 2009، أسس مصطفى حركة التغيير التي قدمت نفسها بديلا سياسيا، يتبنّى مشروعا إصلاحيا يقوم على فصل سلطة العائلة عن الحزب، وفصل سلطة الحزب عن مؤسسات الإقليم الخدمية والسياسية والاقتصادية والتعليمية والتربوية، وفصل سلطة الإقليم عن مؤسسات المجتمع المدني، واستقلال السلطات القضائية وإبعادها عن تأثير الأحزاب وتدخلاتها فيها.
حلت حركة التغيير في المرتبة الثانية من حيث الأصوات في انتخابات عام 2014، وشاركت في التشكيلة الحكومية بناء على إتفاق سياسي يسمى إتفاق الهدوء لأربع سنوات مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، إلا أن حركة التغيير إستمرت في أسلوبها الناقد للحكومة مما دفع الحزب الديمقراطي الكردستاني الى إلغاء الإتفاق وطرد الفريق الوزاري لحركة التغيير من الحكومة ومنع رئيس البرلمان يوسف محمد الذي ينتمي الى الحركة من دخول مبنى البرلمان في الثاني عشر من أكتوبر عام 2015، مما أدى الى تعطيل البرلمان وشل المؤسسات التشريعية والحكومية في إقليم كردستان.
الخلافات مع الحزب الديمقراطي الكردستاني برزت وتعمقت بعد أن عارضت حركة التغيير استمرار برزاني في رئاسة الإقليم.
التعليقات