وجّهت منظمات دولية لحقوق الانسان اتهامات اليوم إلى قوات العراق والتحالف الدولي باستخدام أسلحة عشوائية ومحلية الصنع في معركة الموصل الأمر الذي يوقع المزيد من القتلى بين مدنيي المدينة ودعتها إلى وقف استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار على المواطنين وممتلكاتهم.
إيلاف - متابعة: قالت منظمات إغاثة ومنظمات حقوقية دولية اليوم إن المعركة التي تشارك فيها القوات العراقية وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة ضدّ تنظيم داعش في المدينة القديمة غربي الموصل تشكل خطرا كبيرا على المدنيين وممتلكاتهم ولذلك فإن على أطراف النزاع جميعا وقف استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة والأسلحة العشوائية بطبيعتها في غرب الموصل ذي الكثافة السكانية العالية بينما يزيد استخدام داعش غير القانوني للمدنيين كـ "دروع بشرية" وصعوبة تمييز المدنيين في البنايات من خطر وقوع خسائر بين المدنيين.
وأشارت إلى أنّه بحسب تقديرات الأمم المتحدة، ما زال هناك 200 ألف مدني في منطقة مساحتها 2 كم مربع في المدينة القديمة غرب الموصل، والتي تحاصرها القوات العراقية وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة استعدادا للمعركة هناك.
وقالت لمى فقيه نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش "آلاف الأسر عالقة لدى داعش في غرب الموصل، حيث يمنع مسلحوه المدنيين من الهروب إلى مكان آمن. على القوات العراقية وقوات التحالف أن تقر بأن استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة في المدينة القديمة المزدحمة يضع المدنيين في خطر مفرط".
والمنظمات التي عبرت عن قلقها من هذه الاوضاع هي "آيروارز"؛ "منظمة العفو الدولية"؛ مركز المدنيين في النزاعات (CIVIC)؛ حقوق الانسان أولاً؛ هيومن رايتس ووتش؛ "الشبكة العالمية للأسلحة المتفجرة؛ ومنظمة "أطفال الحرب".
تزايد أوضاع المواطنين العالقين خطورة
واوضحت انه في 25 مايو 2017 ألقت القوات التي تحارب داعش منشورات تدعو المدنيين إلى مغادرة المناطق الخاضعة لسيطرة داعش. على القوات المحاربة لداعش اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الأضرار عند تنفيذ هجماتها والتأكد من قدرة المدنيين على إخلاء المدينة القديمة بأمان وتلقي الإغاثة داخل المنطقة المحاصرة وخارجها.
واضافت انه مع دخول الحملة العسكرية لاسترجاع غرب الموصل يومها الـ 109، يزيد وضع المدنيين العالقين هناك خطورة. وقال فارون من الموصل لمنظمات الإغاثة ومنظمات حقوق الإنسان إن الأسواق خالية من المواد الغذائية حيث يعيش المدنيون على القمح ومياه الأمطار فقط تقريبا.
وفي منتصف فبراير الماضي بدأت قوات الأمن العراقية، مدعومة بالتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يطلق عليه اسم "قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب" حملتها لاسترجاع غرب الموصل وهي مجموعة من الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية.
وقد زاد ارتفاع عدد الضحايا المدنيين جراء الضربات الجوية من القلق بشأن الغارات الجوية التي تنفذها قوات التحالف والقوات العراقية حيث يكون استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة كالقنابل التي تُطلق جوا ووزنها 500 رطل فما فوق والتي استخدمت في إطار هذه العملية السبب في خسائر مدنية وأضرار للممتلكات بشكل يفوق النتائج المتوقعة عسكريا وهذه الهجمات العسكرية غير المتناسبة محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي.
كما أطلقت القوات العراقية أيضا قذائف محلية الصنع على غرب الموصل حيث تُظهر الصور التي نشرتها وسائل الإعلام والجيش الأميركي أيضا قوات أميركية وعراقية تطلق قذائف هاون وقذائف مدفعية غير موجهة على غرب الموصل وكلا هذين السلاحين غير دقيق وقد يكون عشوائيا، أي غير قانوني إذا استُخدم في مناطق ذات كثافة سكانية عالية.
صعوبة التعرف إلى مدنيين في مدينة مزدحمة بهم
وقالت هذه المنظمات انه من الصعب التعرف إلى مدنيين في مدينة مزدحمة حتى باستخدام أنظمة استهداف متطورة ومراقبة مستمرة ومن الصعب تحديد عدد المدنيين في المنطقة المستهدفة قبل الموافقة على الهجمات ويزيد من هذا الخطر استخدام داعش مدنيين "كدروع بشرية" وهي جريمة حرب.
وقال عشرات النازحين من غرب الموصل بما في ذلك المدينة القديمة والذين نزحوا مؤخرا لمنظمات الإغاثة ومنظمات حقوق الإنسان إن مقاتلي داعش أجبروهم وأسرهم على الانتقال من ديارهم 3 مرات في بعض الأحيان، حيث جمّعوا عددا كبيرا من الأسر في أحياء صغيرة ما زالت تحت سيطرتهم كما انهم رأوا مقاتلين يقتلون عشرات الرجال بإجراءات موجزة عقابا على محاولتهم الفرار مع أسرهم من سيطرة داعش. كما رأوا مقاتلين يطلقون النار على مجموعات من المدنيين كانوا يحاولون الهرب، ورأى بعضهم مدنيين فارين يقتلون رميا بالرصاص.
تغييرات اجرائية أميركية تفتك بالمزيد
وشدد المنظمات الانسانية على انه مع احتدام الصراع واستخدام داعش المدنيين كدروع بشرية بشكل متزايد فإنه على القوات التي تقاتل داعش فعل كل ما بوسعها للتأكد من وجود مدنيين في المواقع القريبة من المقاتلين أو الأهداف العسكرية المرصودة موضحة انه في ديسمبر عام 2016، أدخلت القوات الأميركية تغييرات إجرائية في عمليات الاستهداف من شأنها زيادة احتمال وقوع ضحايا مدنيين.
وأشارت إلى أنّ قوانين الحرب تمنع كل أطراف النزاع من شن هجمات مقصودة ضد مدنيين أو ممتلكات مدنية، أو شن هجمات عشوائية أو غير متناسبة لان الهجمات العشوائية هي التي تضرب أهدافا عسكرية ومدنيين وممتلكات مدنية دون تمييز والهجوم غير المتناسب هو الذي يُتوقع أن يتسبب بخسائر عرضية في أرواح المدنيين أو أضرار بالممتلكات المدنية قد تكون مفرطة مقارنة بالامتيازات العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة منه.
انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب
وحذرت قائلة ان الأشخاص الذين يرتكبون انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب بنية إجرامية، أي عمدا أو بتهور هم مسؤولون عن جرائم حرب كما قد يكون الأشخاص مسؤولين جنائيا عن نية ارتكاب جرائم حرب، أو المساعدة فيها أو تسهيلها أو دعمها أو التحريض عليها.
ويذكر ان قوانين الحرب تطالب أطراف النزاع باتخاذ الحذر بشكل مستمر خلال العمليات العسكرية لتفادي إلحاق الأذى بالمدنيين واتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لتفادي أو التقليل من الخسائر العرضية في الأرواح أو الممتلكات المدنية. عندما تستخدم الذخائر المحمّلة بكميات كبيرة من المتفجرات في المناطق المدنية، قد يكون لها أثر مدمر واسع، ولا يمكن لدى استخدامها التمييز بشكل مناسب بين المدنيين والمسلحين، ما يؤدي إلى خسائر مدنية لا محالة.
دعوة لاختيار أسلحة وذخائر محددة لتقليل الخسائر
وأشارت المنظمات إلى أنّ الأسلحة الشبيهة بالهاون وقاذفات الصواريخ متعددة البراميل التي تطلق ذخائر غير موجهة والقذائف محلية الصنع كلها غير دقيقة بطبيعتها، ما قد يجعل التمييز بين المدنيين والمقاتلين خلال هجوم على منطقة ذات كثافة سكانية عالية أمرا مستحيلا. وقد وثقت منظمات الإغاثة ومنظمات حقوق الإنسان وصحافيون استخدام القوات العراقية قذائف محلية الصنع لا يمكن توجيهها إلا توجيها تقريبيا نحو الهدف وهي عشوائية بطبيعتها.
وأكدت ان الأسلحة الشبيهة بالهاون وراجمات الصواريخ المتعددة التي تطلق ذخائر غير موجهة، والتي تستخدمها القوات التي تقاتل داعش، يمكن إطلاقها على هدف ثم تعديل التصويب بمساعدة ملاحظ لكن الأسلحة ذات الآثار واسعة النطاق عندما تُستخدم في مناطق ذات كثافة سكانية عالية فهي معرضة للاستخدام غير القانوني والعشوائي.
وطالبت قوات التحالف بقيادة العراق والولايات المتحدة العمل على تفادي أي استخدام لتلك الأسلحة في المدينة القديمة غربي الموصل ذات الكثافة السكانية العالية. ودعت القادة إلى اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين والمباني المدنية أثناء شن عمليات في مناطق مكتظة بالسكان حيث يختلط المدنيون بالمقاتلين وان يطلبوا من الذين يتخذون قرار إطلاق الأسلحة في مراكز التحكم في الهجوم الحفاظ على أعلى مستوى من السيطرة المباشرة على كل ضربة بما في ذلك رؤية الهدف والطائرة المهاجمة.
كما شددت على القادة بضرورة الحد من استخدام الأسلحة النارية غير المباشرة "قذائف الهاون والمدفعية والصواريخ" التي تستخدم الذخائر غير الموجهة حيث إن وحدة إطلاق النار لا ترى الهدف ولكن تعتمد على محددي المواقع لتوفير معلومات الاستهداف.. وقالت انه في جميع الحالات على القادة وعناصر الاستهداف اختيار أسلحة وذخائر محددة لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين إلى أقصى حد ممكن.
التعليقات