الرباط: قال محمد النشناش، ناشط حقوقي وناطق باسم "المبادرة المدنية من أجل الريف" إن التظاهرات التي قام بها شباب الحسيمة اتسمت بالطابع السلمي، رغم بعض التجاوزات التي تمس كرامة بعض المسؤولين والرموز الدستورية للمملكة، مؤكدا أن أعضاء المبادرة لم يسجلوا وجود أي نزعة انفصالية، في زيارتهم للمنطقة، وذلك خلال ندوة صحافية تم تنظيمها اليوم في الرباط.

واعتبر النشناش الذي كان يتحدث الْيَوْم في مؤتمر صحافي، أن العنف غير المبرر لبعض المتظاهرين ضد رجال الأمن خلق نوعا من العنف المضاد مع حدوث تجاوزات أفسدت هذا العرس الشبابي، حسب قوله.

بخصوص الملاحظات التي تم تسجيلها إبان الزيارة، أكد النشناش أن أغلب الشباب الذين يشاركون في الاحتجاجات يافع، لم يتجاوز سنه 20 سنة، إضافة إلى نزول العنصر النسائي للتظاهر، ما يعني أن المغاربة أصبحوا واعين بحقوقهم.

فقدان الثقة في الحكومة

وبشأن الدوافع التي أجّجت التظاهرات التي يقودها نشطاء "الحراك بالريف"، أوضح النشناش أن سكان المنطقة فقدوا الثقة في عمل الحكومة والأحزاب السياسية، خاصة أن المشاريع التي تم الاتفاق على إنشائها بحضور الملك محمد السادس لم يتم تفعيلها لتظل حبرا على ورق، إضافة إلى تفشي ظاهرة البطالة، وتوقف أنشطة الصيد البحري، والعزلة التي تعيشها المنطقة، ما ساهم في نوع من التوتر وفقدان الأمل بشأن تنميتها والنهوض بأوضاع سكانها.

جانب من المؤتمر الصحافي

في غضون ذلك، انتقد الناطق باسم المبادرة الأحكام القضائية التي صدرت الأربعاء بحق معتقلين، معتبرا إياها قاسية، وطالب بالإفراج عن شباب الحراك.

وقال النشناش "ان المغرب الذي عرف إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة لمواجهة مشاكل الماضي، كيف لا يمكنه أن يكون وطنا غفورا ورحيما مع أبنائه الذين قاموا بتظاهر سلمي، وهنا يجب أن نميز بين من دافعوا عن مطالبهم بطريقة حضارية ومن قاموا بأفعال إجرامية، لذا، نطالب بالإفراج عن هؤلاء الناشطين، والمغرب له آليات دستورية وقانونية تسمح له بذلك".

زيارة الزفزافي ورفاقه

من جهته، أكد عبد السلام بوطيب، رئيس مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم أن أعضاء المبادرة حضروا وقفة احتجاجية في حي سيدي عابد في مدينة الحسيمة، كما عملوا على التواصل مع لجنة دعم عائلات المعتقلين، وأطراف أخرى، تمثل الوكيل العام للملك، وأحزاب سياسية، وأطباء في المستشفى الأنكولوجي ،ووزير الدولة لحقوق الإنسان، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

 
أعضاء المبادرة خلال تقديمهم تقريرا أوليا 
جانب من الحضور

وعن الخطوات التي ستنتهجها المبادرة، أشار إلى أنه ستتم زيارة كل من ناصر الزفزافي، محمد جلول، نبيل أمحجيق، وسليمة الزياني، في السجن المحلي عين السبع في الدار البيضاء اليوم، على أن تستأنف الزيارة غدا للناشط المرتضى إعمراشا في سجن سلا غدا الجمعة.

سمات الحركة الاحتجاجية

في قراءة أولية لمجريات الأحداث في المنطقة، أفاد صلاح الوديع، رئيس حركة ضمير أن الحركة الاحتجاجية المطلبية في الريف تنتمي إلى جيل جديد من أشكال الاحتجاج الاجتماعي الذي يتّسم بسمات السلمية، ورفض الوساطات مع الدولة، و تثير الانتباه إلى استعجال التعاطي وطنيا مع الملف الاجتماعي وجعله في قلب الأجندة الوطنية.

وزاد قائلا: "عرفت الحركة الاحتجاجية بعض الانزياحات اللفظية التي جاءت ضمن حماس اللحظة وحداثة تجربة أصحابها، و كرد فعل على غياب التفاعل الإيجابي للحكومة مع مسلسل الاحتقان خلال أشهر، وكذا بطء تنفيذ العديد من مخططات التنمية المعلنة والتخلي عن بعضها.

وأشار الوديع إلى تحفظ العديد من الأصوات ضمن الحركة الاحتجاجية من المخاطبين التقليديين"إداريين ومنتخبين"، بسبب لجوء الكثير منهم لما يمكن نعته بالتعامل الإداري البارد، بعيدا عن إدراك حجم التحديات التاريخية في التنمية وبناء الديمقراطية.

واعتبر جمال بندحمان، أستاذ جامعي وفاعل مدني أنه تم إحداث موقع الكتروني بعنوان mobadara-rif .ma للتعريف بمطالب الحركة الاحتجاجية في الريف، والمتمثلة في 41 مطلبا، 6 منها استعجالية، لتتم الاستجابة بنسبة 22 بالمئة، مقسمة ما بين مطالب حقوقية، تعليم، صحة، ثقافة، رياضة، صيد بحري، فلاحة، تشغيل وفك العزلة.

توصيات المبادرة

أخذا بكل ذلك، أوصت المبادرة بضرورة إقلاع الدولة عن كيل التهم للحركة الاحتجاجية ونعتها بالخيانة والعمالة للخارج، مع تخصيص صندوق دعم استعجالي لمنطقة الريف، واعتبار المنطقة ضمن الأولويات التنموية الوطنية، محاربة العقلية البيروقراطية والإدارية المحضة في تدبير الشأن العام في جميع مستويات المسؤولية الترابية والإدارية.

في السياق نفسه، انتقد المصطفى المعتصم، أستاذ جامعي، هيئة دفاع المعتقلين لإدلائها بتصريحات من شأنها التشويش على سير القضية، في ظل تضاربها حول تعرضهم للتعذيب من عدمه. وقال "من الضروري أن تكون لهيئة الدفاع استراتيجية، فهي قضية رأي عام، وعليهم التحلي بالانسجام وتكوين نواة صلبة للتنسيق مع المعتقلين.

يذكر أن المبادرة المدنية من أجل الريف تضم فعاليات مدنية وحقوقية وأكاديمية مغربية، هدفها تدارس الاحتقان الذي يعرفه إقليم الحسيمة، إثر الحركة الاحتجاجية التي انطلقت بعد مقتل بائع السمك محسن فكري بتاريخ 28 أكتوبر 2016.

وقامت لجنة مصغرة من المبادرة بزيارة للإقليم أيام 5 و6 و7 و8 يونيو الحالي، التقت خلالها بمجموعة من ممثلي الحركة، ومنتخبين ومسؤولين جهويين ومحليين وفاعلين جمعويين وحقوقيين، إضافة إلى أسر المعتقلين على خلفية الحراك في الريف.