أنقرة: شارك الآلاف من أنصار حزب الشعب الجمهوري، أبرز أحزاب المعارضة التركية، الخميس في مسيرة بقيادة زعيمه كمال كيليتشدار اوغلو انطلقت من أنقرة باتجاه اسطنبول للاحتجاج على سجن أحد نوابه.

وتأتي المسيرة التي سيقطع المشاركون فيها قرابة 500 كلم تلبية لدعوة أطلقها كيليتشدار اوغلو بعدما حكم على أنيس بربر اوغلو، الصحافي السابق الذي اصبح نائبا عن حزب الشعب الجمهوري، بالسجن 25 عاما الاربعاء بعد إدانته بتزويد إحدى الصحف بمعلومات سرية.

وتشكل هذه المسيرة مشهدا غير معتاد للتعبير عن الغضب تجاه حكومة الرئيس رجب طيب اردوغان، الذي يهيمن على الحياة السياسية التركية منذ عقد ونصف عقد، وسط اتهامات من مناهضيه بميله أكثر فأكثر نحو الاستبداد. 

وهذه المرة الأولى التي يتم فيها سجن نائب من حزب الشعب الجمهوري -- أبرز الأحزاب العلمانية المعارضة والذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك، أول رئيس للجمهورية التركية. 

وسبق أن أوقفت السلطات 12 نائبا عن حزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد وثالث أكبر حزب في البرلمان، بموجب حالة الطوارئ التي أعلنت عقب محاولة انقلاب تموز/يوليو 2016.

وحزب الشعب الجمهوري هو ثاني أكبر حزب في البرلمان بعد حزب العدالة والتنمية الحاكم.

وقاد التظاهرة رئيس الحزب، كيليتشدار اوغلو، الذي تعرض إلى انتقادات في الماضي لعدم اتخاذه موقفا قويا بما فيه الكفاية ضد الرئيس رجب طيب اردوغان، رافعا لافتة كتب عليها "عدالة".

"عازم ومصمم"

وتعهد كيليتشدار اوغلو السير مع أنصاره حتى مالتبة، القريبة من اسطنبول حيث يقبع بربر اوغلو وراء القضبان.

وقال رئيس حزب الشعب للمتظاهرين الذين تجمعوا في ساحة كيزيلاي بأنقرة في بداية المسيرة "إن كان هناك من ثمن يتعين دفعه سأكون أول من يدفع".

ومع انقضاء أول يوم من السير، أكد كيليتشدار اوغلو أنه ليس متعبا أو قلقا بل "عازم" و"مصمم" على مواصلة السير حتى بلوغ الهدف. 

وبحسب المتحدث باسمه، سار زعيم المعارضة 18 كلم خلال خمس ساعات. وتبعد اسطنبول مسافة 450 كلم غرب العاصمة.

وهتف المحتجون "معا ضد الفاشية" فيما رفع آخرون لافتات كتب عليها "العدالة للنواب المعتقلين".

وسمحت قوات الأمن التي تمنع عادة خروج تظاهرات في أنقرة واسطنبول للمسيرة بالتقدم دون تدخل. 

وسار كيليتشدار اوغلو في الصفوف الأمامية وحوله عناصر حراسته وكان يلوح بيديه للحشد. 

ولم تقع أي حوادث تذكر عدا عن بعض المناوشات مع معارضي الحزب.

وتظاهر المئات كذلك في حديقة ماتشكا الواقعة في الجانب الاوروبي من اسطنبول هاتفين "بالمقاومة ننتصر"

وقال أحد المتظاهرين في اسطنبول والذي عرف عن نفسه باسم "تشيم" "لماذا يتم اعتقال شخص فقط بسبب تقرير إخباري (كتبه)؟ يعني ذلك أن البعض يخشى الحقيقة التي كشف عنها هذا التقرير". 

ضغوطات على الصحافيين

وكان حزب الشعب أعرب عن تضامنه مع اردوغان غداة محاولة الانقلاب العام الماضي حيث التقى كيليتشدار اوغلو مع الرئيس في قصره. 

ولكن حدة التوتر تصاعدت منذ الاستفتاء الذي جرى في نيسان/ابريل على توسيع صلاحيات اردوغان والذي فاز فيه الرئيس بأغلبية ضئيلة وسط تشكيك المعارضة بنتائجه. 

واعتقل عشرات الآلاف في الحملة الأمنية التي أعقبت محاولة الانقلاب، والتي اتهمت السلطات الداعية الإسلامي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن بتدبيرها، وهو ما ينفيه الأخير. 

وقدم محامو بربر اوغلو استئنافا ضد ادانته لدى محكمة منطقة اسطنبول.

وتتعلق القضية بنشر صحيفة "جمهورييت" لصور مثيرة للجدل عام 2015 تظهر ما قيل إنه سعي الاستخبارات التركية نقل الأسلحة عبر الحدود إلى سوريا. 

وأظهرت مقاطع فيديو عناصر الشرطة تفتح صناديق مليئة بالأسلحة والذخيرة وضعت في شاحنات ادعت "جمهورييت" أنها تابعة لجهاز الاستخبارات الوطنية.

واتهم المدعون بربر اوغلو، الذي كان صحافيا بارزا على مدى ثلاثة عقود قبل أن يصبح نائبا في حزيران/يونيو 2015، بتسليم المواد إلى رئيس تحرير الصحيفة آنذاك جان دوندار المقيم حاليا في ألمانيا.

وقضت محكمة العام الماضي بسجن دوندار لخمسة أعوام وعشرة أشهر على خلفية القضية.

وفي تطور منفصل، أمرت محكمة تركية بالإفراج عن رئيس تحرير النسخة الإلكترونية لصحيفة "جمهورييت" أوغوز غوفن، الذي اعتقل الشهر الماضي بتهم تتعلق بالإرهاب، ريثما تجري محاكمته.

وتتنامى المخاوف بشأن استخدام الاتهامات المتعلقة بالإرهاب، إما على خلفية تأييد حركة غولن أو المسلحين الأكراد، ضد الصحافيين.