«إيلاف» من لندن: اعتبر القادة العراقيون اليوم تفجير داعش لجامع النوري ومنارته الحدباء في مدينة الموصل القديمة عملاً همجيًا يستهدف الحضارة والانسانية، وشددوا على القوات الامنية بضرورة الاسراع بتحرير المدينة لتجنب المزيد من الخسائر والخراب، واكدوا ضرورة العمل على انقاذ المدنيين المحاصرين فيها، والذين يزيد عددهم على مائة الف شخص.
ودعا القادة العراقيون في سلسلة بيانات صحافية تلقتها «إيلاف» الخميس، العالم للتوحد ضد سرطان الارهاب والعمل على تحرير المدنيين في الموصل القديمة، الذين يعيشون ظروفًا صعبة واوضاعاً مأساوية تحت نير الدواعش والجوع والعطش والخوف.
وكان نظيم داعش قد فجر جامع النوري الكبير ومنارته الحدباء في المدينة القديمة بأيمن الموصل مساء امس، بعد ان اقتربت منه القوات الامنية حيث كان قد فخخهما من اجل ارتكاب جريمته الجديدة ضد حضارة بلاد الرافدين، كما قام في اوقات سابقة بتحطيم النصب والتماثيل والآثار العراقية منذ دخوله الى البلاد في يونيو عام 2014.
وقد اعتبر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي مساء امس تفجير المنارة والجامع بمثابة اعلان رسمي لهزيمة تنظيم داعش.
فيديو للحظة تفجير منارة الحدباء:
معصوم: الاسراع بتحرير المدينة القديمة
واكد الرئيس العراقي فؤاد معصوم على ضرورة بذل كل الجهود لإعادة تشييد منارة الحدباء وجامع النوري بأسرع وقت، وقال إن "هذه الجريمة الانتقامية دليل على قرب الهزيمة النهائية لداعش"
وشدد معصوم "على ضرورة بذل كل جهد من اجل إعادة تشييد هذا الصرح الديني والتاريخي الوطني الخالد بأسرع وقت"، معتبرًا اقدام داعش على هذه الجريمة النكراء دليلاً على الذهنية الهمجية الانتقامية والعقل المنحرف لعصابات التنظيم وحقدها الأعمى على كل العراقيين وتراثهم الديني والتأريخي .
ووجه معصوم القوات المسلحة بـ"الإسراع في استكمال تحرير المدينة"، داعيًا الى "نجدة وحماية سكان الموصل من المدنيين الذين عاشوا ظروفاً صعبة وأوضاعاً مأساوية تحت نير إرهاب داعش".
الجبوري: التعجيل بتحرير المدنيين
ومن جانبه، قال رئيس مجلس النواب سليم الجبوري إن اجرام داعش تخطى كل الحدود وفاق كل التصورات، وهذا ناتج بالتأكيد عن فكره المريض وذهنيته الانتقامية التي لم تسلم منها حتى دور العبادة.
واضاف "لقد اقدم هذا التنظيم الوحشي على جريمة جديدة بعدما مارس كل اساليب الترهيب والقتل الوحشي ضد اهالي الموصل، فقد عمد على تفجير الجامع النوري الكبير ومنارته الحدباء والتي تمثل صرحًا ومعلمًا دينيًا وتاريخيًا ليس للموصل فقط، وانما لجميع العراقيين".
ودعا الى الاسراع "بتحرير المدنيين في الموصل القديمة والذين يعيشون ظروفًا صعبة واوضاعاً مأساوية تحت نير الدواعش والجوع والعطش والخوف".
الحكيم : دعوة العالم لتوحيد صفوفه لانقاذ الانسانية من سرطان الارهاب
وقال رئيس التحالف الشيعي العراقي عمار الحكيم إن تفجير داعش للجامع والمنارة يؤكد نهج التنظيم "المخالف لكل ما هو حضاري وإنساني وجريمتهم الجديدة تضاف الى سلسلة جرائمهم التي تكشف عن أنهم مجموعة شاذة من المجرمين الأوباش فقد قاموا بالتفجير "لا لشيء إلا لأنهم يعرفون أنها ستكون علامة دائمة على هزيمتهم الماحقة على ايدي الابطال من أبناء قواتنا المسلحة".
ودعا الحكيم "العالم المتحضر الى إدانة هذا الفعل الهمجي البربري وأن تعمل قوى الخير المحبة للسلام في العالم على توحيد صفوفها لمواجهة هذا الداء السرطاني الذي أجتاح مناطق كثيرة من المعمورة ولنعمل سوية على ترسيخ أسس العيش بسلام ووئام وبما يحصن الإنسانية من التطرف والإرهاب".
داعش فخخ جامع النوري ومنارته الحدباء
واكد قائد جهاز مكافحة الارهاب أن تنظيم داعش كان قد فخخ جامع النوري الكبير ومنارته في الموصل في وقت سابق وجهزهما للتفجير والتخريب .
وقال الفريق الركن عبد الغني الاسدي في تصريح صحافي إن "تفجير وتخريب المراكز الاثرية هو ديدن تنظيم داعش وقد سبقه جامع النبي يونس وغيره .. مشيراً الى أن داعش قد فجر جامع النوري حين وصل الى حالة الافلاس التام .
واضاف أن القوات الامنية باتت على مسافة قريبة من الجامع تعد بالامتار.. موضحاً أن "الجامع كان مهيئًا ومفخخاً كتخريب مؤجل" لحين تأكده من هزيمته. واكد ان هذا الامر "لا ينهي عزيمتنا في قتلهم".. مشيراً الى أن جامع النوري ومنارته الحدباء "ارث نعتز بهما جميعًا وخاصة اهالي الموصل ومن الممكن ان يعمرا مجددا".
الحدباء والنوري معلمان تاريخيان
و"الجامع النوري" أو "الجامع الكبير" أو "جامع النوري الكبير" ابرز مساجد العراق التاريخية، يقع في منطقة محلة الجامع الكبير اقدم مناطق الساحل الأيمن غرب مدينة الموصل... ظل صامداً ما يقارب 844 عاماً ونجا من غزو المغول إلا أنه لم يسلم من تنظيم داعش.
ويعود تاريخ بناء جامع النوري الكبير إلى القرن السادس الهجري أي قبل نحو تسعة قرون، وهو ثاني جامع يُبنى في الموصل بعد الجامع الأموي. وبنى نور الدين زنكي المسجد عام 1172 ميلادية بعد سيطرته على الموصل، حيث شيده استجابة لحاجة المسلمين إلى مسجد جديد. وتعرض الجامع للإهمال على مر العصور، لكنه خضع لعمليات ترميم ضرورية للحفاظ عليه.
أما منارة الحدباء فهي الجزء الوحيد المتبقي من جامع النوري القديم، وقد حاول داعش تدميرها، لكنّ العراقيين وقفوا ضد هذه المحاولة وشكلوا سلسلة بشرية لحمايتها، ما دفع التنظيم إلى التراجع لكنه عاد اليوم وقام بتفجيرها.
وكان تنظيم داعش قد حطم مواقع اثرية وتماثيل يعود تاريخها الى اربعة الاف سنة منذ دخوله الى العراق في يونيو عام 2014 في هجمة بربرية شرسة تستهدف محو حضارة بلاد الرافدين.
قتال شرس
اعلن قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت مقتل 53 عنصراً من داعش خلال معارك تحرير راس الجادة وباب البيض بالمدينة القديمة في ايمن الموصل.
وقال جودت في بيان "إن قطعاتنا البطلة حاصرت الجماعات الارهابية المتطرفة في المدينة القديمة، مشيرًا الى ان العمليات العسكرية في راس الجادة وباب البيض اسفرت عن قتل 43 ارهابيًا، بينهم 3 من خبراء التفخيخ وتدمير 5 عجلات ملغمة وتفكيك 15 عبوة ناسفة، و 4 منازل ملغمة والسيطرة على مستودع للذخيرة".
واضاف ان مقاتلي الشرطة الاتحادية يخوضون قتالاً شرساً ويشتبكون مع الدواعش بالاسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية على اسطح المنازل المتراصة والازقة الضيقة وقتلوا 10منهم، ودمروا دراجتين ملغمتين، والتقدم جارٍ في راس الجادة وباب البيض بالمدينة القديمة .
واوضحت مصادر استخبارية من داخل حي الشفاء في مدينة الموصل القديمة أن القوات الأمنية استطاعت ان تقتل مسؤول المتفجرات بتنظيم داعش. وقالت إن القوات الأمنية قتلت مسؤول المتفجرات في حي الشفاء المدعو أبو فرقان الموصلي بعملية نوعية قامت بها القوات الأمنية ليلاً، بالإضافة الى قتل 15 من عناصر داعش كانوا متواجدين في أحد المنازل.
وتمثل منطقة الموصل القديمة التحدي الأبرز للقوات العراقية في حملة تحرير المدينة بسبب أزقتها الضيقة والمتشعبة ما يجعل الآليات العسكرية عاجزة عن دخولها، فضلاً عن اكتظاظها بالمدنيين.
والموصل هي ثاني أكثر مدن العراق سكاناً بعد بغداد وسيطر عليها داعش صيف عام 2014 قبل أن تتمكن القوات العراقية وبإسناد من التحالف الدولي من استعادة الجانب الشرقي للمدينة، وبدأت في 19 فبراير الماضي معارك لاستعادة جانبها الغربي ضمن حملة عسكرية بدأت في 17 أكتوبر الماضي.
وأصبحت معركة السيطرة على المدينة القديمة هي أعنف المعارك في الهجوم المستمر منذ ثمانية أشهر لاستعادة الموصل معقل داعش في العراق وأكبر مدينة سيطر عليها التنظيم في البلاد.
وتشير تقديرات الجيش العراقي إلى أن عدد مقاتلي التنظيم في المدينة لم يعد يزيد على 300 مقاتل من أصل نحو 6 آلاف مقاتل كانوا في المدينة عندما بدأت حملة تحرير الموصل يوم 17 أكتوبرالماضي.
وسيمثل سقوط الموصل نهاية فعلية للشطر العراقي من "دولة الخلافة"، التي أعلنها أبو بكر البغدادي زعيم الدولة الإسلامية في خطبة ألقاها من على منبر جامع النوري قبل ثلاث سنوات، وتضم أجزاء من العراق وسوريا.
التعليقات