كراكاس: شهدت فنزويلا الخميس يوم اضراب عام احتجاجا على مشروع الرئيس نيكولاس مادورو انشاء جمعية تأسيسية لصياغة دستور جديد للبلاد، قتل خلاله متظاهران واعتقل نحو 370 آخرين حسب منظمة غير حكومية.

وشمل الاضراب مناطق من العاصمة وغيرها بما فيها ثاني اكبر مدينة في البلاد ماراكايبو حيث اغلقت المحلات التجارية وتوقفت حركة النقل العام واقفرت غالبية الشوارع. 

واطلقت الشرطة والجنود الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذي اغلقوا الشوارع في عدد من مناطق كراكاس واحرقوا كشكا لشرطة. واستمر اغلاق الشوارع طوال ليل الخميس الجمعة.

وقال مكتب المدعي العام ان شابا في الرابعة والعشرين من العمر قتل في احدى ضواحي كراكاس بينما قتل شاب آخر في الثالثة والعشرين في مدينة فالنسيا بشمال البلاد. وبذلك ترتفع حصيلة قتلى الحركة الاحتجاجية الى 99 شخصا منذ بدئها في أبريل الماضي.

وصرح كوروموتو غارسيا (48 عاما) الذي كان في شارع اغلقه المحتجون في كراكاس "اتمنى ان يستمر هذا الاضراب الى ما لا نهاية حتى رحيل الديكتاتورية".

ورشق المتظاهرون بالحجارة عاملين في محطة التلفزيون الحكومية "في تي في"، قامت شرطة مكافحة الشغب بانقاذهم. وقالت المنظمة غير الحكومية "فورو بينال" انه تم توقيف حوالى 370 متظاهرا.

وصرح عمر الذي اكتفى بذكر اسمه الاول، احد المحتجين يبلغ من العمر 34 عاما ويملك شركة صغيرة للبناء "لدي سبعة عمال وسادفع لهم اجرهم اليومي. لا يهم خسارة يوم عمل حين نكون على وشك خسارة البلاد".

واضاف "ساشارك في التعبئة والاضراب لمحاولة انقاذ ما تبقى ولزيادة الضغط". 

"سيقومون بطردي"

في المناطق الموالية للحكومة في العاصمة، سارت الحياة على طبيعتها. وكان بعض العمال في مكاتب حكومية متحفظين على المشاركة في الاحتجاج خوفا من فقدان وظائفهم.

وقالت واحدة من هؤلاء العمال وهي في التاسعة والثلاثين من العمر واكتفت بذكر اسمها الاول كارولينا، لفرانس برس "اذا لم اعمل فسيقومون بتسريحي". واكد مادورو انه سينتصر على المعارضين مشيرا الى ان "مئة بالمئة" من القطاعات الاساسية لم تتأثر بالاضراب.

اما ماريا فرنسيس (53 عاما) التي تعمل في مترو كراكاس، فقد وصفت الاضراب "بالعبثي". وقالت ان "المعارضة تريد ان تأتي الولايات المتحدة وتأخذ فنزويلا". لكن قادة المعارضة اكدوا ان نسبة المشاركة في الاضراب بلغت 85 بالمئة. وقال انريكي كابريلس احد هؤلاء القادة ان "الشعب برهن على انه لن يركع".

وامتدت المعارضة إلى بعثة فنزويلا في الأمم المتحدة بعد استقالة مسؤول كبير بها احتجاجا على "قمع التظاهرات" المناهضة للحكومة. وأعلن ايسايس ميدينا المستشار برتبة وزير في بعثة فنزويلا، استقالته في تسجيل فيديو.

وقال ميدينا في الفيديو الذي تم تصويره في الأمم المتحدة "لا يمكن أن اكون جزءا من حكومة تهاجم المتظاهرين بشكل منهجي، هذا لا يمثل احتراما للحق الدستوري في التظاهر". ولاحقا اعلنت بعثة فنزويلا استقالة ميدينا.

انتخابات مثيرة للجدل

يصر مادورو على مشروعه انتخاب اعضاء الجمعية التأسيسية في 30 يوليو، لصياغة دستور جديد على الرغم من الانتقادات التي يواجهها.

وقد هدد الرئيس الاميركي دونالد ترامب باتخاذ "اجراءات اقتصادية شديدة" ضد كراكاس، علما أن واشنطن هي أكبر مستورد للنفط الفنزويلي. ورد مادورو بالقول ان هذا التهديد "عزز تصميمه" على اجراء الانتخابات.

ويعتمد اقتصاد فنزويلا بشكل كبير على النفط الذي يذهب ثلث انتاجه تقريبا الى الولايات المتحدة. واكدت شركة النفط الوطنية الفنزويلية للتلفزيون الحكومي ان الاضراب لم يؤثر على عملياتها.

ولقي الاضراب دعم المنظمات الكبرى لارباب العمل ونقابات العمل وعمال النقل. لكن الحكومة هي اكبر جهة تؤمن وظائف في البلاد ويعمل فيها ثلاثة ملايين شخص. كما انها تسيطر على شركة النفط الذي يؤمن 96 بالمئة من دخل فنزويلا.

يقول لويس فيسنتي ليون من معهد "داتاناليسس" ان "اضرابا في بلد نفطي تسيطر فيه الدولة على القطاع النفطي، يشكل اختبار قوة ماليا بين أرباب العمل والسكان الذين يعانون من الفقر والجوع من جهة وبين حكومة تكاد تنهار من جهة اخرى لكنها لا تزال تسيطر على الموارد الشحيحة للبلاد".

وبعد ان كانت فنزويلا أغنى دول اميركا الجنوبية بفضل ثروتها النفطية، تعاني اليوم من نقص خطير في الادوية والاغذية وتضخما متزايدا .

وتسيطر المعارضة على البرلمان. وينوي نواب المعارضة في اطار المواجهة المفتوحة مع رئيس الدولة، ان يعينوا الجمعة قضاة جددا في المحكمة العليا التي تتهمها المعارضة بدعم الرئيس نيكولاس مادورو.

وتخشى بعض القطاعات الاقتصادية التي يتهمها مادورو بشن "حرب اقتصادية" على البلاد، من ان تقيم الجمعية التأسيسية نموذجا اقتصاديا "شبيها بكوبا" مما سيؤدي الى تدهور أكبر للوضع في البلاد.