اسطنبول: رفض العديد من الصحافيين في اليومية المعارضة الشهيرة في تركيا "جمهورييت"، الاثنين اتهامهم بـ"دعم منظمات ارهابية مسلحة"، بعدما قضوا عدة أشهر خلف القضبان في قضية أثارت المخاوف بشأن حرية الإعلام في ظل حكم الرئيس رجب طيب اردوغان.
ويحاكم في المجموع 17 صحافيا ومسؤولا ومتعاونا يعمل او عمل سابقا مع الصحيفة المعروفة بانتقادها الشديد لنظام اردوغان.
وبدأت المحاكمة بتلاوة اسماء المتهمين وسط تصفيق حشد حضر الجلسة لدعمهم.
وبحسب لائحة الاتهام فان هؤلاء متهمين بمساعدة واحدة او عدة "منظمات ارهابية" في اشارة الى حزب العمال الكردستاني ومجموعة يسارية متشددة وحركة الداعية فتح الله غولن التي يتهمها النظام بتدبير محاولة انقلاب صيف 2016، الامر الذي ينفيه غولن قطعيا.
وقال احد المتهمين صاحب الصحيفة اكين اتالاي امام المحكمة ان "جمهورييت لا تخاف ولن تستسلم"، مضيفا بحسب مراسل لفرانس برس في المكان ان "الاستقلالية والحرية هما روح هذه الصحيفة".
تزامن بدء المحاكمة مع "يوم الصحافة"، عندما رفعت الرقابة الرسمية العام 1908 بعدما كانت سارية ابان السلطنة العثمانية. وبين المتهمين هناك اقلام شهيرة على غرار كاتب العمود قدري غورسيل والصحافي احمد شيك ورسام الكاريكاتور موسى كارت اضافة الى رئيس تحريرها مراد صابونجو. وهناك 11 من المتهمين قيد الاعتقال الاحتياطي معظمهم منذ نحو تسعة اشهر.
أعتبر رئيس منظمة مراسلون بلا حدود بيار هاسكي ان المحاكمة في اسطنبول "تختصر كل ما يجري في تركيا التي باتت أكبر سجن للصحافيين في العالم". وتابع هاسكي في حديث لاذاعة فرانس انتر ان تركيا "+ديموقراتورية+، مزيج من الديموقراطية والديكتاتورية...حيث يتم الاحتفاظ بمظاهر التعددية لكن مع تشديد متزايد للسيطرة على المؤسسات وتلاشي السلطات المضادة" وبينها الاعلام.
وابدى هاسكي تعجبه "لتكتم المواقف الفرنسية ازاء هذه المسالة". وخلال الجلسة، رفض غورسيل اتهامه بانه على صلة بحركة غولن كونه تلقى رسائل قصيرة او اتصالات من انصار للداعية.
وقال "اذا كان مسؤولو الادعاء غير قادرين على رؤية الرسائل القصيرة التي بقيت من دون جواب والاتصالات التي جرت مرة واحدة فانهم يستخدمون سلطاتهم بنوايا سيئة". وقبل بدء الجلسة، اعتبر متهم يمثل حرا هو كاتب الافتتاحيات ايدين انجين ان "هذه المحاكمة اختبار لتركيا"، مضيفا ان "رجب طيب اردوغان يقول ان القضاء محايد في تركيا، سنرى".
واعتقل المشتبه بهم منذ اكتوبر العام الماضي بموجب حالة الطوارئ التي فُرضَت بعد محاولة الانقلاب التي وقعت في 15 يوليو 2016. وتخشى المعارضة من استغلال السلطات لحالة الطوارئ لملاحقة كل من يتحدى اردوغان. وفي حال تمت إدانتهم، فقد يواجه المتهمون السجن لمدد قد تصل إلى 43 عاما.
وينظر إلى المحاكمة على أنها اختبار لحرية الصحافة في تركيا التي حلت في المرتبة الـ155 في آخر مؤشر لمنظمة مراسلون بلا حدود المتعلق بحرية الصحافة في العالم، أي بعد بيلاروسيا وجمهورية الكونغو الديموقراطية. وبحسب مجموعة "بي24" لحرية الصحافة، هناك 166 صحافيا يقبعون في السجون التركية، اعتقل معظمهم في ظل حالة الطوارئ. لكن اردوغان أصر في مقابلة هذا الشهر أن هناك "صحافيين حقيقيين اثنين فقط" خلف القضبان في تركيا.
فراغ أبيض مكان الأعمدة
وتحولت صحيفة "جمهورييت" التي تأسست عام 1924 وتعد أقدم صحيفة قومية شعبية في البلاد، إلى شوكة في خاصرة اردوغان خلال الأعوام القليلة الماضية.
وتعد احدى الأصوات المعارضة الحقيقية القليلة في الصحافة، التي تهيمن عليها وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة واليوميات الشعبية الأكبر التي باتت أكثر حرصا على عدم تحدي السلطات.
كما تجري محاكمة رئيس تحرير الصحيفة السابق جان دوندار الذي فر إلى ألمانيا غيابيا، حيث حكم عليه بالسجن خمسة أعوام وعشرة أشهر على خلفية تقرير في الصفحة الأولى يتهم الحكومة التركية بإرسال أسلحة إلى سوريا.
وقضى المحبوسون حتى اليوم 267 يوما في السجن، باستثناء شيك الموقوف منذ 206 أيام. منذ اعتقالهم، استمرت "جمهورييت" بتخصيص مساحة لاعمدة صحافييها المسجونين، ولكن بفراغ أبيض بدلا من الكتابة.
التعليقات