تقدم نائب في البرلمان المصري بمقترح لتعديل ست مواد من الدستور، منها تعديل الولاية الرئاسية لتكون ست سنوات، بدلًا من أربع سنوات، ويستفيد منها الرئيس عبد الفتاح السيسي. وأثار المقترح الكثير من الجدل، بين مؤيد ومعارض.

إيلاف من القاهرة: قال النائب في البرلمان المصري، إسماعيل نصر الدين، إنه سيعيد تقديم التعديلات الدستورية، التي تقدم بها في دور الانعقاد الماضي، للمطالبة بمد الفترة الرئاسية من 4 إلى 6 سنوات، ومنح الرئيس سلطة تعيين رئيس الحكومة والوزراء وإقالتهم، بعد أن كان ذلك يتم بالتشاور أو بعد موافقة البرلمان.

وأضاف نصر الدين في بيان له، أن الدستور الحالي تم وضعه في ظروف مختلفة لا تتماشى وما تشهده البلاد حاليا من ظروف سياسية، لافتا إلى أن "مصر في حاجة ماسّة لإجراء تعديلات دستورية جوهرية".

وذكر أن الفريق القانوني القائم على هذه التعديلات أدخل تعديلات على المادة 147 من الدستور، والتي تنص على أن "لرئيس الجمهورية إعفاء الحكومة من أداء عملها، بشرط موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب، ولرئيس الجمهورية إجراء تعديل وزاري، بعد التشاور مع رئيس مجلس الوزراء وموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين، وبما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس".

وقال إن "هذه المادة يوجد بها عوار دستوري، حيث إنه بمقتضى هذه المادة لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يعفى أيا من الوزراء الذين عينهم- وهو رئيس السلطة التنفيذية- من منصبه، ولا يعفيه إلا بعد موافقة مجلس النواب"، متسائلًا: "فإذا رفض مجلس النواب عزل الوزير، فكيف يتعامل رئيس الجمهورية مع هذا الوزير؟!".

وكشف إسماعيل نصر الدين أنه سيتم إدخال تعديل على 6 مواد على الأقل، وسيتم تقديم المذكرة النهائية الخاصة بالتعديلات الدستورية، وجمع توقيعات النواب عليها لتقديمها إلى البرلمان.

ويلقى مقترح نصر الدين بتعديل الدستور ومدة ولاية الرئيس إلى ست سنوات بدلًا من أربع سنوات، ليستفيد منها الرئيس عبد الفتاح السيسي، تأييد الكتل البرلمانية الأكبر في مجلس النواب، ومنها كتلة حزب المصريين الأحرار.

وطالب رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، علاء عابد، اليوم السبت، بالإسراع بتعديل الدستور لجعل فترة الرئاسة ست سنوات وإعطاء رئيس الدولة سلطة إقالة الوزراء دون الحاجة إلى موافقة البرلمان.

وقال في تصريح أرسله لـ"إيلاف" "إذا كان الدستور يعيق التنمية ومكافحة الإرهاب وتقدم الدولة اقتصاديا فوجب على المجلس التشريعي الإسراع في تعديله ونترك للشعب المصري القرار الأخير بالموافقة على التعديلات أو الرفض".

ويرى عابد أن الفترة الرئاسية المحددة في الدستور بأربع سنوات قصيرة بدرجة لا تمكن رئيس الدولة من تنفيذ مشروعات التنمية التي يقرها ومجابهة إسلاميين متشددين يمثلون تحديا أمنيا.

وأضاف: "من الضروري إعادة الغرفة التشريعية الثانية تحت مسمي مجلس الشيوخ، هناك قرابة الخمسة عشر مادة تحتاج للتعديل".

ويؤيد رئيس مجلس النواب، الدكتور على عبد العال، المقترح بتعديل الدستور، وقال إن أي دستور يتم وضعه في حالة عدم استقرار يحتاج إلى إعادة نظر بعد استقرار الدولة، مشيراً إلى أن الدستور ينص على أنه لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يعفى أياً من الوزراء الذين عينهم، وهو رئيس السلطة التنفيذية، من منصبه إلا بعد موافقة مجلس النواب، وهذا أمر خارج عن المنطق، فلو رفض مجلس النواب فكيف سيتعامل رئيس الجمهورية بعد ذلك مع الوزير".

وأضاف، خلال رئاسته لجنة لمناقشة رسالة دكتوراه بكلية الحقوق جامعة المنصورة: "هناك مواد بالدستور تحتاج لإعادة معالجة لأنها غير منطقية، مثل مادة اختصاص محكمة النقض بالفصل في عضوية النواب"، مشيرًا إلى أن ذلك يعد مخالفة لمبدأ وحدة المنازعة، وأمر غير منطقي أن يتم الفصل في العضوية قبل إعلان النتيجة بمحكمة القضاء الإداري وبعد إعلان النتيجة بمحكمة النقض".

وتابع عبد العال: "لو أتيحت الفرصة لتعديل الدستور فلابد من تعديل تلك المادة لأنها غير منطقية مع احترامي لشيوخ القضاة، فكيف يكون حتى إعلان النتيجة قرارا إداريا وتفصل فيه محكمة القضاء الإداري وبعد إعلان النتيجة محكمة النقض".

واتهم عبد العال وسائل الإعلام بأنها ظلمت مجلس النواب كثيراً، رغم أن المنتج الذي قُدِّم إلى أبناء هذا الوطن كثير، وسيشهد التاريخ للمجلس، وكيف أنه عانى وتصدى لملفات كان محظوراً الاقتراب منها، مشيراً إلى أن المجلس يمكن أن يكون قد أخطأ لكنه اجتهد، واجتهاده مقبول.

وبالمقابل، فإن المقترح يلقى معارضة من بعض النواب، لأنه وقال النائب طارق الخولي، إن "مطالبة البعض بتعديل مدد الرئيس توحي بأنها رغبة الرئيس السيسي، وهذا غير صحيح"، مشيرا إلى أن "التعديلات الدستورية تحتاج إلى مزيد من الوقت ولابد من تجربتها أولا وفق احتياجات المواطنين".

وأضاف لـ"إيلاف" إن هذا المقترح غير مقبول، مشيرًا إلى أن الدستور هو أبرز مكتسبات ثورتي 25 يناير و30 يونيو.

وأشار إلى أن الدستور نص على أن للرئيس الحق في البقاء لولايتين رئاستين كحد أقصى، كل واحدة أربع سنوات، منوهًا بأنه من غير مقبول المساس به.

ولفت إلى أن الأعراف الدستورية العالمية تقضي بأنه في حال إجراء مثل تلك التعديلات فإنها لا تطبق على الرئيس الذي حدث التعديل في عهده، وذلك مثلما حدث مع الرئيس الأميركي الأسبق أيزنهاور.

وطالب رئيس لجنة الخمسين التي وضعت الدستور، مجلس النواب بتفعيل الدستور بدلًا من تعديله، وقال عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، إن "مقترح تعديل مد فترة الرئاسة، كان يجب أن يخضع لمناقشة مجتمعية مع ممارسة سياسية ذكية قبل الإقدام على اقتراح تعديله، على اعتبار أن الدستور علامة استقرار في حياة الأمم، واحترامه علامة رقي في الممارسة السياسية للشعوب".

وأضاف موسى، عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، أن "الحديث المعاد عن تعديل الدستور في عام انتخاب الرئيس يثير علامات استفهام عن مدى نضوج الفكر السياسي الذي يقف وراءه".

وذكر موسى أن "مصر في حاجة إلى تعميق الاستقرار وليس إشاعة التوتر، كما تحتاج إلى تأكيد احترام الدستور وليس إلى التشكيك فيه، فالدستور ليس عصياً علي التعديل ولكن الحكمة تقتضي مقاربة سليمة سياسيا وتوقيتا مدروساً من منطلق مصلحة مصر والمصريين خاصة في هذا الوقت العصيب"، مطالبًا مجلس النواب بـ"تفعيل الدستور قبل المطالبة بتعديله".