برلين: تتواجه أنغيلا ميركل الهادئة الأعصاب مع خصمها الحاد الأطباع مارتن شولتز الأحد في مناظرة تلفزيونية ستشهد صدام شخصيتين وستشكل الفرصة الأخيرة للاشتراكي الديموقراطي قبل الانتخابات.

وعنونت صحيفة هاندلسبلات هذا الاسبوع معلقة على رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي إنها "فرصته الأخيرة" لقلب التوجه السلبي قبل انتخابات 24 سبتمبر.

ويبقي المحافظون بزعامة المستشارة على تقدم 15 نقطة في مختلف استطلاعات الرأي على الاشتراكيين الديموقراطيين، وتشير جميع التوقعات إلى فوز ميركل بولاية رابعة، لتحقق بذلك رقما قياسيا من حيث مدة بقائها في السلطة في المانيا ما بعد الحرب.

وأقر أحد قادة الحزب الاشتراكي الديموقراطي توماس اوبرمان بأن "المهم بالنسبة لنا هو تقليص الفارق، ومبارزة الأحد ستلعب دورا كبيرا" بهذا الشأن.

 20 مليون مشاهد 

ومناظرة مساء الاحد التي ستستمر ساعة ونصف وتنقلها الشبكات التلفزيونية الاربع الكبرى، ستكون الوحيدة خلال الحملة الانتخابية، ومن المتوقع أن يتابعها ما لا يقل عن عشرين مليون مشاهد، أي ثلث الناخبين.

وفي مواجهة أنغيلا ميركل (63 عاما)، ابنة القس البروتستانتي في المانيا الشرقية سابقا، والعقلانية إلى أقصى الحدود التي تزن كلامها على الدوام بأدق ما يكون، يبدو سياق التلفزيون مؤاتيا أكثر لرئيس البرلمان الأوروبي السابق المعروف بطلاقته في الكلام والذي يصغرها سنتين.

فهو المولود في المانيا الغربية الكاثوليكية، يعرف عن نفسه بأنه "رجل الشعب" وهو يبدي حرارة وحفاوة ويحرص على التذكير دائما بأنه مدمن كحول سابق أقلع عن إدمانه وبأنه بدأ حياته المهنية كبائع كتب.

وقال رئيس معهد "فورسا" مانفريد غولنر إن "المناظرة التلفزيونية، على غرار العفوية وطلاقة الكلام، ليست من صفات ميركل التي تبدو جافة قليلا. وشولتز قد يغتنم الامر".

هل أن هذا ما جعل المستشارية تشدد على تحديد شكل المناظرة بشكل صارم وترفض اقتراحات قدمت لجعله أكثر حيوية؟

في مطلق الأحوال، أعربت نقابة الصحافيين الألمان عن "دهشتها" إذ لاحظت أن ميركل "تريد بوضوح أن تملي على الشبكات التلفزيونية كيفية إدارة المناظرة التلفزيونية".

وأقر رئيس تحرير شبكة "زد دي إف" الجمعة بأن المستشارة هددت بعدم المشاركة إذا ما رفضت شروطها، وقال بيتر فراي "من الأفضل أن تجري مناظرة على أن لا تكون هناك مناظرة على الإطلاق".

ولا يمكن أن يكون الاختلاف أوضح بين المرشحين على صعيد الأسلوب كما على صعيد الموقع في الحملة الانتخابية.

وهو ما أبرزته الأسبوعية "دي تسايت" في رسمين نشرا بحجم عريض، تظهر في إحديهما أنغيلا ميركل باسمة الوجه في شخص الملكة الأبدية الواثقة من نفسها، جالسة على عرش يحمل شعار النسر الالماني.

شولتز في موقع هجومي 

بجانبها، يظهر مارتن شولتز وجهه محتقن ويتصبب عرقا، وهو يرتدي بدلة عمّال ويجهد لنشر مقعد منافسته.

ورأت دي تسايت "إنه يراهن بكل ما لديه على الخط الهجومي"، وهي استراتيجية يتبعها شولتز في الأسابيع الأخيرة، من غير أن يحقق تقدما في استطلاعات الرأي.

وذهب إلى حد اتهام المستشارة بـ"تقويض الديموقراطية" بتفاديها النقاش واكتفائها بمكاسبها.

وقال الاشتراكي الديموقراطي إن حزبها "لديه نظرية واحدة وهي أنغيلا ميركل، وهذا يفترض أن يكفي الجميع"، مركزا حملته الانتخابية من جهته على المطالبة بمزيد من الاستثمارات العامة في البنى التحتية والتعليم.

إلا أن الخبير السياسي في جامعة "ليبر" ببرلين أوسكار نيدرماير حذر بأنه "يتحتم على شولتز أن يكون أكثر حدة وحماسة خلال المناظرة، لكن عليه أن يحرص على عدم المبالغة في مهاجمة ميركل، وخصوصا على الصعيد الشخصي. ليس هذا ما يريده الألمان".

غير أن المستشارة باتت معتادة على مواجهة المنافسة والمعارضة، وهي تبقى متمسكة باستراتيجيتها القاضية بالحفاظ على هدوئها في وجه المصاعب والتركيز على حصيلتها منذ وصولها إلى السلطة عام 2005، مع تحقيق نسبة بطالة متدنية تاريخية في ألمانيا.

وبعدما شكلت خطرا عليها إثر تدفق أكثر من مليون طالب لجوء إلى البلاد في 2015 و2016، تراجعت مسألة الهجرة إلى المرتبة الثانية بين اهتمامات الناخبين.

وميركل على يقين بأنها تشكل مصدر طمأنينة لقسم كبير من الرأي العام المتخوف من تصاعد الشعبوية في العالم، مع تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي ووصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

وأظهر استطلاع للرأي أن 64% من الألمان يعتقدون أنها ستخرج منتصرة من مناظرة الأحد.