أحمد قنديل من دبي: تستعد العاصمة الإماراتية أبوظبي لافتتاح متحف اللوفر - أبوظبي رسميا في 11 نوفمبر المقبل، والذي يضم 620 عملا فنياً تعرض ضمن سلسلة من الأعمال الفردية والتشكيلات المتنوعة، بالإضافة إلى 23 قاعة عرض دائمة تعكس روح المدينة العربية و13 مؤسسة ثقافية فرنسية وأخرى عالمية تعرض مقتنياتها في المتحف، فضلا عن 300 عمل فني معار من كبريات الصالات العالمية.
وتجري الاستعدادات على قدم وساق في جزيرة السعديات الحاضنة للمتحف العالمي لإتمام كافة التجهيزات اللازمة في المتحف ليكون مستعدا لحفل الافتتاح الضخم والذي من المتوقع أن يخطى باهتمام عالمي كبير.
وقد استوحى المهندس المعماري العالمي الفرنسي جان نوفيل تصميمه الرائع لمتحف اللوفر أبوظبي من الهندسة المعمارية العربية التقليدية وأيضا من موقع أبوظبي بين البر والبحر. ويعد هذا المتحف أهم مشروع ثقافي لفرنسا خارج أراضيها، حيث يعكس روح الإمارات.
نوفيل الذي يعد أحد أهم المهندسين المعماريين في الخمسين سنة الأخيرة، أنجز تصوراً رائعاً لمبنى متحف اللوفر أبوظبي، مستلهماً تصميمه من فن العمارة والتقاليد الإماراتية، وهو ما تمثل في الصرح المعماري الاستثنائي.
استعارة اسم لوفر باريس 30 عاما
وقد تمكن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، من إقناع الحكومة الفرنسية في عام 2007 بإنشاء متحف اللوفر أبوظبي، في شراكة إماراتية فرنسية تمثل أنموذجاً للربط بين الثقافات.
وبموجب هذا الاتفاق يستعير اللوفر أبوظبي اسم متحف اللوفر لمدة 30 عاما و6 أشهر إلى جانب التعاون بين الدولتين على إقامة المعارض المؤقتة لمدة 15 سنة وإعارة الأعمال الفنية من المتاحف الوطنية الفرنسية لمدة 10 أعوام وعرضها إلى جانب المجموعة الفنية للمتحف. ويحصل الجانب الفرنسي في المقابل على تمويل بمليار يورو من الجانب الإماراتي.
وقال الشيخ محمد بن زايد إن "هذا المتحف هو هدية للعالم وللأجيال المستقبلية على أمل أن يحدث تغييرا، نحن لن ننسى من ساهموا في إنجاز هذا الصرح، فهم في الواقع أبطال هذا الإنجاز المتميز".
وتابع "يحتضن لوفر أبوظبي ما أفرزته التجربة الإنسانية من فنون وإبداعات ليجسد رؤية الإمارات في نشر التسامح وتعزيز آفاق التواصل الثقافي.. المبادرات الخلاقة التي يرعاها خليفة ويتبناها محمد بن راشد تتجسد في مشاريع نوعية ومنجزات حضارية تعزز مكانتنا العالمية".
مدينة مصغرة عائمة على البحر
من جهته، قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "إن متحف اللوفر أبوظبي مفخرة إماراتية.. وتحفة معمارية.. ووجهة ثقافية عالمية جديدة، تمتزج في أروقته ثقافات العالم بإبداعاته الحضارية. مضيفا "القبة الفضية العائمة في ظلال من النور لمتحف اللوفر هي بحق إنجاز إنساني جديد.. قبة معمارية عربية تظلل 55 مبنى منفصلا يضم أجمل إبداعات الإنسان.. متحف اللوفر أبوظبي هو مدينة مصغرة عائمة على البحر ومطلة على أفق أبوظبي.. عاصمتنا الجميلة.. والعاصمة العالمية الجديدة للثقافة والفنون.. هذا المشروع يدفع فنون وثقافة ومعمار العالم خطوة للأمام".
إنجاز في 10 سنوات
ووصف جان لوك مارتينيز رئيس متحف اللوفر في باريس، هذا المشروع المشترك مع الإمارات بغير المسبوق في العالم. قائلا "هذا المشروع أصبح حقيقة وسيفتتح أبوابه للعالم قريباً، اللوفر في باريس تطلب 100 سنة لإنجازه، لكنه في أبوظبي استغرق 10 سنوات فقط، وذلك بفضل التعاون الوثيق بين البلدين والرؤية المتميزة لدولة الإمارات".
تحف تاريخية على مساحة 97 ألف متر
يتضمن المتحف أعمالاً فنية وتحفاً تاريخية تحمل أهمية تاريخية وثقافية واجتماعية تعود إلى مختلف الحضارات، وصمم من قبل المعماري الشهير جان نوفيل الحائز على جائزة بريتزكر العالمية، مستلهماً ملامحه من تقاليد الثقافة المعمارية العربية.
وتبلغ المساحة الإجمالية التي يشغلها المتحف حوالي 97 ألف متر مربع، ويضم إلى جانب قاعات للمعارض المؤقتة، متحفاً للأطفال، ومقهى، ومطعماً، ومتجراً ومركزاً للبحوث.
ويعلو قاعات العرض 17 سقفاً زجاجياً مصنوعة من 18 نوعاً مختلفاً من الألواح الزجاجية، فيما يبلغ إجمالي القطع الزجاجية المفردة أكثر من 25 ألف قطعة، فيما تبلغ المساحات الداخلية للوفر أبوظبي حوالي 8600 متر مربع، وتصل مساحة قاعات العرض إلى 6400 متر مربع.
وتظلل القبّة الساحة الخارجية وأبنية المتحف وتحميها من حرارة الشمس، كما تسهم في توفير الراحة للزوّار والحد من استهلاك الطاقة. وتمتد الطوابق السفلية من المتحف لعمق 10 أمتار أسفل مستوى البحر، وقد كان في مقدمة أولويات تصميم المتحف توفير نظام فعّال لعزل المياه.
قبة تطفو فوق مدينة التحف
تتركز فكرة المهندس نوفيل على قبة فضية ضخمة يبدو من شكلها أنها تطفو فوق مدينة المتحف بأكملها، وتبدو وكأنها خفيفة الوزن، لكنها في الحقيقة تزن حوالي 7500 طن، وهو نفس وزن برج إيفل في باريس، وتعد قبة نوفيل المستوحاة من القبة الهندسية، وهي سمة مميزة في الهندسة المعمارية العربية، بنية معقدة مكونة من 7850 نجماً، مكررة بمختلف الأحجام والزوايا في ثماني طبقات مختلفة، وعند مرور الشمس فوقها، تنساب أشعتها من خلال الثقوب الموجودة في القبة لخلق تأثير ملهم داخل المتحف، يعرف باسم شعاع النور، ويستوحي هذا التصميم روعته من الطبيعة، وإلهامه من عناصر أشجار النخيل في أبوظبي، فأوراقه تلتقط أشعة الشمس الساطعة من أعلى لتنساب أشعتها كبقع على الأرض وتلطف من حدتها. فصول مثيرة تروي حكايات الزمانتسرد قاعات عرض متحف لوفر أبوظبي حكاية الإنسانية عبر 12 فصلاً مثيراً، وفيها يركز كل فصل على مواضيع وأفكار مشتركة لتسليط الضوء على حلقات وصل بين الأمم البشرية التي تشكلت عبر مر الزمان.
وتتراوح الأعمال في قاعات العرض بين آثار من عصور ما قبل التاريخ، وحتى إبداعات فنانين معاصرين، والتي تبلغ سنوياً ما يفوق الـ600 قطعة من المجموعة الفنية للمتحف إلى جانب عدد من القطع المميزة المعارة من أبرز المتاحف في فرنسا.
ويتجلى متحف اللوفر أبوظبي بتقديم منظور جديد كلياً لرؤية الإنسانية من خلاله، وتتخذ قاعات العرض أسماء معبرة، هي: القرى الأولى، والقوى العظمى الأولى، والحضارات والإمبراطوريات، والأديان العالمية، وطرق التبادل التجاري الآسيوية، ومن المتوسط إلى الأطلسي، وعلم أوصاف الكون، والعالم من منظور جديد، وفي بلاط الأمراء، وأسلوب جديد في العيش، وعالم حديث، والحداثة موضع تساؤل، ومنبر عالمي.
ثلاثة جدران حجرية
أول الأعمال الفنية المثبتة في الأماكن العامة خارج المتحف ثلاثة جدران حجرية من إبداع الفنانة الأميركية المعاصرة الشهيرة جيني هولزر «1950» حيث قامت بابتكار ثلاثة جدران حجرية خصيصا لمتحف اللوفر أبوظبي «2017» نحت على الجدار الأول مقتطفات من كتاب «المقدمة» لابن خلدون.. أما الجدار الثاني فيحمل نصوصاً مستوحاة من لغات بلاد الرافدين «السومرية والأكادية المكتوبة بالخط المسماري» الموجودة على «لوح الأسطورة» في حين نقشت على الجدار الثالث نصوص مدعمة بالشرح من طبعة عام 1588 لمقالات الكاتب والفيلسوف الفرنسي ميشيل دي مونتين.
أبوالهول
ومن الأعمال الفنية التي وضعت في الآونة الأخيرة في المتحف مجموعة جنائزية للأميرة حنوت تاوي، وأحد التماثيل القديمة «لأبو الهول» في بلاد الإغريق الذي يعود تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد وتابوت رخامي فينيقي و«ثلاثة عشر جزءا من إفريز» عليه نصوص من سورة الحشر من القرآن الكريم.
التعليقات