برلين: يعتمد مارتن شولتز، مدمن الكحول السابق الذي ترك المدرسة من دون نيل شهادة ليصبح في نهاية المطاف رئيسا للبرلمان الأوروبي، على مسيرته غير المألوفة وصورته كرجل من عامة الشعب، لافشال توقعات الانتخابات الالمانية.

غير أن فرص زعيم الاشتراكيين الديموقراطيين في التفوق على المستشارة المحافظة أنغيلا ميركل تبقى ضعيفة جدا على ضوء استطلاعات الرأي.

غير أن آماله كانت كبيرة عند تعيينه في نهاية كانون الثاني/يناير مرشحا للحزب الاشتراكي الديموقراطي، فباشر حملته بحماسة في مواجهة ميركل المتربعة في السلطة منذ ثلاث ولايات والمرشحة لولاية رابعة.

غير أن حملته فقدت دفعها منذ ذلك الحين، وأظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه مؤخرا أن 25% فقط من الألمان يودون أن يكون مستشار البلاد، مقابل 51% يفضلون بقاء ميركل في السلطة.

مشاكس

كتبت مجلة "در شبيغل" الألمانية "كل المؤشرت تدعو إلى الاعتقاد بأن اسم الفائز معروف، وكذلك اسم الخاسر"، مضيفة أنه على الرغم من "جهوده الحثيثة"، فإن شولتز يواجه "أكبر الصعوبات في طرح نفسه كبديل لميركل".

ورغم كل شيء، لا يزال شولتز مؤمنا بامكانية فوزه ويرى في مسيرته غير المنتظمة والمفاجئة بالنسبة الى مسؤول سياسي بهذا المستوى وفي المحن التي تغلب عليها، أدلة على صفاته كمناضل و"رجل منبثق من الشعب"، في مواجهة ميركل العقلانية الباردة.

وشولتز الذي ولد في 20 كانون الاول/ديسمبر 1955 في إسكويلر القريبة من مدينة آخن (غرب)، ترك المدرسة من دون شهادة. وقال لمجلة "بونتي" الالمانية "في المدرسة كنت مشاكسا حقيقيا".

وكان شولتز مولع بكرة القدم ومن أشد مشجعي فريق كولن، ويحلم بأن يصبح لاعب كرة قدم محترفا، قبل ان تحطم آماله إصابة في ركبته. 

ومن شدة حزنه أدمن الكحول، وقال "في العشرين من عمري كنت الشاب الأكثر جنونا في كل ألمانيا. والأسوأ كان الشعور بالفشل الذي كان يلازمني يوميا في ذلك الحين".

لكن تلقيه تدريبا على إدارة مكتبة اعاده الى الطريق الصحيح، فكرس نفسه طوال 11 عاما لإدارة مكتبته الخاصة في فورسالن بضاحية آخن، بموازاة انخراطه في العمل السياسي في جهاز الحزب الاشتراكي الديمقراطي المحلي. 

كان ملتزما بمبادئ الحزب الذي التحق به منذ سن التاسعة عشرة. وفي 1987 عندما كان في الحادية والثلاثين من عمره فقط، انتخب رئيسا لبلدية فورسالن المنصب الذي شغله طوال 11 عاما (1987-1998).

عام 2000، اصبح شولتز زعيم كتلة النواب الاوروبيين للحزب الاشتراكي الديموقراطي. وفي 2004 انتخب رئيسا لمجموعة الحزب الاشتراكي الاوروبي في البرلمان الاوروبي، التكتل الذي يضم خصوصا النواب الالمان والفرنسيين والايطاليين.

كوارث

ويقول شولتز لمجلة "در شبيغل" "أعتقد أنني السياسي الوحيد من الصف الأول في ألمانيا الذي يتحدث علنا عن كوارثه الشخصية"، في انتقاد واضح موجه إلى المستشارة المعروفة بتمنعها عن الكشف عن كل ما يمت إلى حياتها الخاصة.

ويضيف "البعض لديه صعوبات في تقبل ذلك، لكن البعض الآخر يقول: إنه نجح في تخطي الأمر، فهو متميز وخارج عن المألوف خلافا للقادة السياسيين الآخرين".

وشولتز متزوج منذ 30 عاما من منسقة حدائق وأب لولدين، يتكلم خمس لغات تعلمها بنفسه. توجه الى أوروبا بسرعة في وقت لم يكن هذا النوع من المسيرات السياسية يهمّ ألمانيا. وفي عام 1994، ربح الرهان وأصبح عضوا في البرلمان الاوروبي لمدة 22 عاما.

وتولى الرجل المعروف ببلاغته وصراحته القصوى، حتى إن البعض ينعته بـ"الفظاظة"، رئاسة البرلمان الاوروبي لخمسة أعوام (2012-2017). 

ويسخر منتقدوه من ادعاءاته بأنه رجل جديد قريب من الناس في ألمانيا، ويرون فيه بالأحرى تجسيدا للنخب الأوروبية.

يؤكد شولتز من جهته أن مسيرته الاوروبية تجعله مؤهلا لمنصب المستشارية.

وترى وسائل إعلام أنه أخطأ عندما باشر حملته الانتخابية حول موضوع "العدالة الاجتماعية" في وقت تحسد فيه الدول الاوروبية ألمانيا على اقتصادها المزدهر.

وفسرت تصميمه على الترشح لولاية جديدة على رأس الحزب الاشتراكي الديموقراطي، حتى في حال هزيمة الحزب في الانتخابات التشريعية، اعترافا بأنه هو نفسه لا يؤمن بالفوز.

وتساءلت صحيفة "تاغس شبيل" "من سيقاتل من أجل مرشح يبدو وكأنه قبل بالهزيمة"؟