إيلاف من لندن: مع تنفيذ سلطات اقليم كردستان العراق اليوم قرارها بإجراء استفتاء للانفصال، فقد تصاعدت حدة الاتهامات والتهديدات بين قادة الحكومتين المركزية والكردية، فيما دعا علاوي بارزاني الى تجميد نتائج الاستفتاء طارحًا مبادرة وطنية لحل الازمة وسط توجه برلماني لسحب الثقة عن الرئيس معصوم.

وفي بغداد، عقد مجلس النواب العراقي جلسة خاصة لمناقشة تداعيات استفتاء الانفصال بغياب النواب الاكراد، حيث دعا رئيس مجلس النواب سليم الجبوري الحكومة الى اتخاذ جميع الاجراءات الكفيلة بمنع تقسيم العراق وانفصال اقليم كردستان. وشدد الجبوري على رفض مجلس النواب للانفصال مطالبًا الحكومة بالتحرك لاتخاذ جميع الاجراءات من اجل الحفاظ على وحدة العراق.

وأضاف قائلا "للأسف يجري حاليًا إستفتاء لإنفصال جزء مهم من البلاد، ولذلك سيقف البرلمان مع الحكومة".. مشددًا على التمسك بكردستان واعتبار الاكراد مكوناً أصيلاً من مكونات شعب العراق. واشار الى ان مجلس النواب اليوم أمام موقف تاريخي يستدعي اتخاذ مواقف موحدة انطلاقًا من الحرص على الشراكة و"على شعبنا في كردستان".

ومن جانبهم، فقد دعا رؤساء كتل نيابية واعضاء بمجلس النواب الى إلغاء تسمية اقليم كردستان واطلاق شمال العراق بدلاً عنه.

توجه لإقالة الرئيس معصوم

وعلى هامش انعقاد جلسة البرلمان، فقد بدأ عدد من النواب بجمع توقيعات لاقالة رئيس الجمهورية الكردي فؤاد معصوم بتهمة حنث اليمين الدستورية، التي اداها لدى تسلمه لمنصبه عام 2014 بالحفاظ على وحدة وسيادة البلاد.

وكان رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني قد توقع امس ان يقدم الرئيس معصوم استقالته من منصبه بعد الاستفتاء، في حال تعرضه الى ضغوطات سياسية في بغداد. وقال: "لم يتبقَ لنا مسؤول كبير في بغداد سوى رئيس الجمهورية فؤاد معصوم اذا طلبوا منه البقاء فليبقَ واذا لم يريدوا منه البقاء فليأتِ الى كردستان". وأضاف "انا متأكد اذا فرضوا ضغوطًا على رئيس الجمهورية فإنه سيقدم استقالته من منصبه".

نجيرفان: مواقف العبادي شبيهة بممارسات صدام

وفي اربيل، اعتبر رئيس حكومة اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني دعوة الحكومة العراقية لتسليمها المنافذ الحدودية والمطارات في الاقليم ودعوتها لدول الجوار بالتعامل مع بغداد حصرًا عقوبة جماعية شبيهة بقرارات مجلس قيادة حزب البعث في زمن الرئيس السابق صدام حسين. 

وأضاف انه في الوقت الذي تأوي كردستان ملايين النازحين وتؤمن احتياجاتهم، تطبق بغداد هذه العقوبات الجماعية. وقال "ليس لدينا شيء مخفيّ في المطارات واستقبلنا بها النازحين واللاجئين".

وقال ان "العقلية التي تتعامل بها الحكومة العراقية حالياً مع الكرد هي ذاتها التي دفعتنا لإجراء الاستفتاء ونحن ندرك انه لايخلو من المخاطر لكن إرادة شعبنا لا تقهر ولا ننوي الدخول في حرب مع أي جهة". وعبر عن الامل بأن لا تعتبر الدول المجاورة وخاصة تركيا الاستفتاء الذي يجري حاليا تهديدًا لأمنها.

وقال بارزاني في مؤتمر صحافي عقب ادلائه بصوته في الاستفتاء، "نتمنى على تركيا ان تتفهم بأننا لن نعلن الاستقلال اليوم.. ان علاقتنا مع تركيا جيدة ونحن لا نهدد امنها ونرغب بتعزيز العلاقات معها في المجالات كافة". وأضاف انه "نتمنى على تركيا الا تعتبر الاستفتاء تهديدًا نحن لا نريد ان نهدد امن احد يجب على الجميع تفهم معاناتنا ومشاكلنا مع العراق". وأضاف "خلال السنوات الماضية أثبتنا إننا عامل أمن واستقرار في المنطقة، ولدينا علاقات متينة مع تركيا منذ تسعينيات القرن الماضي ونحن نشكر ما قدمته لنا من مساعدة".

وقال ان "سكان إقليم كردستان يريدون بكافة مكوناتهم التعبير عن آرائهم بشأن مستقبلهم ونحن نرغب في الاستقلال بطريقة سلمية وديمقراطية بعيداً عن العنف". واشار الى ان التوجه صوب الاستقلال سيكون عبر مفاوضات جادة مع بغداد ونستغرب طلب بغداد مساعدة الدول الأخرى لفرض عقوبات على إقليم كردستان ولم نكن نتوقع مثل هذه الخطوة في العراق الجديد. وشدد على ان التجارب قد اثبتت عبر التاريخ أن فرض العقوبات الجماعية على الشعوب لن يتمخض عنه تحقيق أي نتيجة ونأمل أن تكون الحكومة العراقية مستعدة لإجراء المفاوضات".

علاوي يطرح مبادرة تسوية ويدعو لتجميد نتائج الاستفتاء

دعا نائب الرئيس العراقي رئيس حزب الوفاق اياد علاوي اليوم بارزاني الى تجميد نتائج استفتاء الانفصال، والبدء بحوار وطني تشارك في الاطراف السياسية، وعدم تشتيت طاقة القوات المسلحة وتركيز جهدها على جبهة المواجهة مع تنظيم داعش وتحرير ما تبقى من الاراضي تحت سيطرته

وقال علاوي خلال مؤتمر صحافي في بغداد اليوم، وتابعته "إيلاف"، اننا "الان في لحظة تاريخية فارقة بين الاحتكام الى المثل الوطنية والمصالح العليا وما يفرضه منطق العقل والحكمة او الانزلاق الى المزيد من الانحدار والتردي. واشار الى انه على الرغم من محاولات الغاء الاستفتاء اختار الاشقاء الكرد المضي في الاستفتاء ولم يعد بالامكان ثنيهم عما اختاروا وبقي علينا جميعاً من اعترض على توقيت الاستفتاء او من تشدد في الرفض المطلق له ومن لاحول له ولا قوة سوى الترقب وتمني الخير للعراقيين ان ننتبه الى المخاطر التي تحدق بنا وتعرض مستقبلنا الى اخطار مفتوحة على كل الاحتمالات.

ودعا الى اليقظة والحذر والعمل بكل الوسائل لدرء المخاطر وتجنب كل ما يؤزم الاوضاع ويشحن الاحقاد ويؤجج اسباب الفتنة والتشرذم.. وطرح مبادرة وطنية لحل ازمة الاستفتاء تقوم على الاسس التالية:

اولاً: اناشد الاخ مسعود البارزاني والقيادة الكردستانية ان يؤكد على تجميد نتائج الاستفتاء خلال مرحلة انتقالية بناءة يجري فيها حوار وطني مسؤول وبنّاء لمعالجة كل اوجه الخلاف بما يضمن ويحافظ على الارث المشترك ويعززه ويكرس كل ما يوطد الاخّوة العربية الكردية، ويؤدي الى تحقيق العراق الاتحادي الديمقراطي الموحد.

ثانياً: ان يخضع مصير كركوك والمناطق المختلف عليها وفقاً لنصوص المادة 140 من دستور البلاد ومعالجة اوجه الاخلال بما يعمق المشاركة الوطنية ويستجيب لمصالح كل الشرائح فيها ويطفئ فتيل اثارة الفتنة فيما بينها. 

ثالثاً: تخلي السلطة واطراف العملية السياسية وبشكل خاص قوى التحالف الوطني (الشيعي) والكرد عن الدعوة الى التصعيد واستخدام لغة الانتقام والوعيد والتلويح بالحل العسكري.

رابعاً: التزام الحكومة والقوات المسلحة بالوقوف بحزم ضد أي انتهاك لحرمة كل المواطنين ورفض تدخل أي طرف في النزاع ولا مواجهة مسلحة إلا مع الارهاب وداعش والارهاب التكفيري.

خامساً: على التحالفات المشاركة في السلطة البدء بحوارات عملية بناءة على مدار الاسابيع القادمة للشروع بإتخاذ كل ما يلزم لتصفية المظاهر التمييزية والاقتصادية والانفراد بالحكم وصولاً عبر التشريعات التوافقية غير المعرقلة الى تصفية منظومات المحاصصة الطائفية والمذهبية وتعديل كل القوانين التي تتعارض مع روح الدستور بإقامة الدولة الديمقراطية المدنية، دولة القانون والحريات والمواطنة.

سادساً: احذر الدول الاقليمية من التدخل في الشأن الداخلي العراقي بأي وسيلة تصدع وحدة العراقيين وعلى الحكومة تنبيه الدول المعنية.

سابعاً: رفض انفراد التحالف الوطني (الشيعي) بالحوار مع الاشقاء الكرد وانما التوجه لتشكيل لجنة وطنية عليا تقوم بهذه المهمة.

ثامناً: عدم تشتيت طاقة القوات المسلحة وتركيز جهدها على جبهة المواجهة مع داعش وتحرير ما تبقى من الاراضي والحواضر التي لاتزال تحت سيطرتها.

المالكي: الاستفتاء اعلان حرب على وحدة العراق

ومن جانبه، اعتبر نائب الرئيس العراقي رئيس ائتلاف دولة القانون الشيعي استفتاء الاقليم بمثابة اعلان حرب على وحدة الشعب العراقي محذرًا من تداعيات خطيرة سيسببها على العراق والاقليم بشكل خاص.

وقال المالكي في كلمه له خلال احتفال جماهيري مناهض لاستفتاء اقليم كردستان اقيم اليوم في بغداد ووزعتها الوكالة الوطنية للانباء ان الكل يؤكد عدم دستورية الاستفتاء لانه واضح منه يستهدف وحدة البلاد، وهي خطوة ستكون لها تبعات خطيرة على مستقبل العراق بشكل عام وكردستان بشكل خاص".. داعيًا الحكومة الى "اتخاذ جميع التدابير اللازمة لإنهاء هذه الممارسات غير القانونية عبر ايقاف التحاور مع دعاة الاستفتاء وفرض مقاطعة شاملة ".

وحمّل المالكي ، دعاة الاستفتاء للانفصال مسؤولية ما سيحصل مستقبلاً من أزمات وصراعات وحروب، قائلا "لسنا سعداء بما آلت اليه الامور لكننا نحمّل الإقليم ورئيسه المنتهية ولايته مسؤولية العواقب " واشار الى ان مواقف الكثير من الدول المجاورة للعراق كانت حازمة وواضحة إزاء هذه الممارسة غير الشرعية.. مطالباً تلك الدول بمقاطعة اقليم كردستان سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا وعدم التعامل معه. 

وانتقد مواقف بارزاني الرامية لتمزيق العراق قائلا "لم تكن سياسات الرئيس غير الشرعي بارزاني في يوم من الايام تعبر عن الشراكة طوال هذه السنوات فهو عارض مرارًا تسليح الجيش العراقي وتجاوز على الدستور عبر الاستحواذ على النفط العراقي والتمدد على أراضي الآخرين عبر حجج وذرائع شتى ناهيك عن اتخاذه من أربيل عقبة في طريق أي عجلة بناء سياسي وحدوي فكانت تخالف الدستور وتتلاعب بالاقتصاد العراقي وتعمد على خرق سيادة ووحدة العراق".

وحذر المالكي من "تحول كردستان الى مساحة نفوذ وتآمر دولي إقليمي ضد العراق ودول المنطقة وشعوبها وتاريخها ورسالتها".. داعيًا الشعب العراقي عربا وكردًا وأقليات الى "افشال مخطط الانفصال المدعوم من اسرائيل والوقوف بحزم ضد هذا المشروع الذي مهد له بارزاني عبر دعمه لداعش في اسقاط الموصل وصلاح الدين والتأكيد على ان العراق واحد موحد ولا يمكن تقسيمه مهما كانت الاسباب ".

وطالب المالكي الحكومة بضرورة توفير الحماية لاهالي محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها من عرب وتركمان ومسيحيين وشبك وصابئة وايزيديين.. معتبرًا ان "الاعتداء على تلك المكونات هو اعتداء على العراق كله".

وفي وقت سابق اليوم، شرع اقليم كردستان بعملية الاستفتاء على الانفصال على الرغم من رفضه وطنيًا ودوليًا ومن ودول الجوار وعلى رأسها إيران وتركيا. واكد رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي مساء امس "ان التفرد باجراء الاستفتاء على الانفصال من طرف واحد ، هو قرار مخالف للدستور وللتعايش السلمي بين المواطنين ولن يتم التعامل معه ولا مع نتائجه".