الرباط: ينظم معهد سرفانتس والسفارة الإسبانية، بمساهمة وزارة الثقافة والإعلام المغربية وولاية جهة مراكش آسفي وبلدية مراكش، اليوم (الجمعة)، بمراكش، تكريماً للكاتب الإسباني الراحل خوان غويتسولو، الذي توفي، عن سن ناهز 86 عاماً، في 4 يونيو الماضي بمراكش، المدينة التي عشقها فأقام بها منذ 1975.
وسيتم هذا التكريم بعدة فضاءات بالمدينة الحمراء، بينها قصر البديع ومعهد سرفانتس وساحة جامع الفنا، فيما ستحضره مجموعة من الكتاب والمثقفين وأصدقاء، مغاربة وإسبان وفرنسيين، لهذا الكاتب المحتفى به، والذي يعتبر، حسب المنظمين، "وصالاً رابطاً ومعبراً بين المغرب وإسبانيا".
ويتضمن برنامج التكريم تقديم معرض مشترك للفن التشكيلي، مع تنظيم "حلقة" مهداة لغويتسولو، صاحب فكرة اعتبار ساحة جامع الفنا تراثاً لا مادياً للإنسانية.
وينتظر أن يتم حفل الافتتاح بقصر البديع، بحضور يتقدمه مسؤولون مغاربة والمدير العام لمعهد سرفانتسوالسفير الإسباني، مع تنظيم ندوة حول العلاقة العميقة التي ربطت غويتسولو بالمغرب، عامة، ومراكش، خاصة.
كما سيحتضن معهد سرفانتس بمراكش ندوتين لتحليل العمل الأدبي والنقدي للكاتب الذي حصل على "جائزة سرفانتس" سنة 2014، بمشاركة عدد من النقاد والباحثين، بينهم إبراهيم الخطيب وجوردي دوسي ونورية آمات وحسن أوريد والحسين بوزينب.
وسيسدل الستار على التكريم، على إيقاع غروب الشمس، بساحة جامع الفنا، حيث سيقدم الحكواتي المشهور، محمد باريز، بطريقة تقليدية عريقة، حكايات استلهمها من صديقه الراحل.
وموازاة مع هذا النشاط، يحتضن المقر القديم لـ"بنك المغرب"، بساحة جامع الفنا، معرضاً تشكيلياً لفنانين مغاربة، من أصدقاء ومحبي الكاتب الراحل، بينهممحمد مرابطي، ماحي بنبين وحسان بورقية.
ويرى المنظمون أن من شأن هذا الحدث أن يشكل مناسبة للتأكيد على أهمية المغرب في حياة وأعمال هذا الكاتب العالمي، وتكريم ذاكرته وأعماله وإبراز العلاقة العميقة التي ربطها مع مدينة مراكش.
ويصنف غويتسولو، الذي ولد في برشلونة، في 5 يناير 1931، بحسب عدد من المهتمين، واحداً من أهم الكتاب الإسبان المعاصرين، عرف بمساهماته العديدة في التعريف بالعالم العربي والإسلامي، سواء من خلال كتاباته ومقالاته الأدبية أو عبر البرامج التلفزيونية والإذاعية، كما يعتبر من القليلين في العالم الذين التزموا بخط واضح في الإبداع الأدبي، مع الحرص على الانتصار لحقوق الشعوب.
وراكم غويتسولو عدداً من الكتابات المهمة، بينها "إسبانيا في مواجهة التاريخ" و"الأربعينية" و"حدود زجاجية" و"قوي مثل تركي" و"سراييفو" و"فضائل الطائر المتوحد". كما حصل على عدد من أرفع الجوائز العالمية، آخرها جائزة "سرفانتس" في 2014، هو الذي رفض، في 2009، "جائزة معمر القذافي الدولية للآداب"، التي كانت قيمتها تناهز 150 ألف دولار، "لأسباب سياسية وأخلاقية".
ش
وارتبط اسم غويتسولو، في السنوات الأخيرة، بالمدينة الحمراء وتحولاتها إلى درجة أن اليونسكو منحته شرف كتابة إعلان ساحة جامع الفنا الشهيرة تراثاً لا مادياً للإنسانية، هو الذي سبق له أن أهدى مخطوط "مقبرة"، إحدى أهم رواياته، لمدينة مراكش. وهي رواية استلهم عوالمها من فضاء جامع الفنا، بإيقاعاته وأصواته ومتخيلاته، ومن الحرية التعبيرية لكل ما يتحرك فيه، تقديراً رمزياً منه لما يشكله المغرب ومدينة مراكش خصوصاً في حياته وفي كتاباته، وتكريماً لروح المكان ولأهله الذين يصنعون يومياً يوتوبيا بسيطة للمساواة التامة والتحرر المطلق؛ هو الذي ظل يردد أن المغرب قد صار منذ عقود، وتحديداً مدينة مراكش، جزءا لا يتجزأ من حياته، حيث شكل انجذابه للمغرب ومعايشته اليومية لأمكنته وتنوعه الهائل انعطافة أساسية في حياته ومساره الأدبي، الشيء الذي ساعده على تجاوز الحدود القائمة بين الكتابة والتراث الشفوي، وبين الأفكار وتعبيرات الحواس المشاعة في الساحات والحواري، كما مكنه من تشكيل رؤية جديدة للإبداع ودوره في بناء الجسور بين الثقافات.
التعليقات