يجاهر الإسلام السياسي الإخواني في مصر العداء لليهود، لكنه ما استهدفهم يومًا، بل خطب ودّهم سرًا. ومن ينسى رسالة محمد مرسي التي صدّرها بـ"صديقي العزيز شمعون بيريز".

إيلاف من القاهرة: في العصر الحديث، ومع تصاعد ما يعرف بـ"تيار الإسلامي"، بقيت العلاقة بين هذا التيار وبين اليهود في مصر غامضة. ففي الوقت الذي يظهر العداء لإسرائيل، يتجنب استخدام خطاب الكراهية معهم أو المساس بمعابدهم وآثارهم، بل يحاول خطب ودهم دوليًا، بينما لا تتورع الجماعات الإسلامية عن إعلان عدائها للأقباط واستهدافهم، بشرًا وكنائس.

في 25 يناير 2011، ثار المصريون ضد نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك. وتسلم الإخوان المسلمون السلطة، وتصدر تيار الإسلام السياسي المشهد سياسيًا واجتماعيًا. تصاعد الخطاب التحريضي ضد المسيحيين، ثم ثار المصريون مرة أخرى في 30 يونيو 2013، بعد سنة واحدة من حكم الرئيس الإسلامي محمد مرسي، واندلعت في تلك الأثناء أعمال عنف وفوضى، وتعرض الأقباط وكنائسهم للاستهداف منذ 3 يوليو 2013، وحتى الآن، بينما بقي اليهود ومعالمهم بمنأى عن لغة الكراهية والمقت.

خطابات متناقضان

تمتلك جماعات الإسلام السياسي خطابين متناقضين حيال اليهود في مصر، حسبما تقتضي المصلحة. قال محمد البحيري، الخبير في الشؤون الإسرائيلية: "اعتادت جماعات الإسلام السياسي المتاجرة بكل شيء، ومن بينها الجالية اليهودية. فعندما يكون أتباع الإسلام السياسي في المساجد، لا تسمع منهم إلا أن اليهود أحفاد القردة والخنازير، ويتجاهلون أنهم أهل ذمة وكتاب، وأن الرسول عاش معهم في المدينة، وحين أراد أن يستدين استدان من يهودي".

أضاف البحيري لـ"إيلاف": "سياسيًا، عندما يريد الإخوان وجماعات الإسلام السياسي تشويه خصومهم يتهمونهم بأنهم حلفاء اليهود ومواليهم، وحين يسافر أتباع هذا التيار إلى الخارج ويلتقون بمسؤولين غربيين، تجدوهم يمعنون في شرح أنهم ليسوا ضد اليهود، وأن هؤلاء أهل كتاب".

وضرب البحيري مثالًا خطاب مرسي الشهير الذي كتب فيه إلى الرئيس الإسرائيلي آنذاك شمعون بيريز عبارة "صديقي العزيز شمعون بيريز". وكانت الصحف الإسرائيلية ترى في مرسي "كنزًا استراتيجيًا" لإسرائيل، علمًا أن عصام العريان، القيادي بالجماعة ومستشار مرسي، دعا اليهود المصريين إلى العودة إلى مصر.

عداء الأقباط وود اليهود

ترفع الجماعات الإسلامية الجهادية شعار محو إسرائيل، لكن هناك سرًا وراء عدم استهدافها على الرغم من القرب المكاني منها في سيناء، وفي الوقت نفسه تجاهر بالعداء للأقباط إلى درجة أن تنظيم داعش يصفهم بـ"الصيد المفضل".

وعن السر وراء ذلك، أوضح البحيري: "الجماعات الإرهابية تستهدف المعالم المسيحية لأنها تريد إثارة الذعر بين الإخوة المسيحيين في مصر، فيسارعون إلى تصدير هذا الذعر إلى الخارج لينتقل بدوره إلى العواصم الغربية، فتبدو مصر غير آمنة، وأن السلطة عير مسيطرة على مجريات الأمور في البلاد".

تابع: "في المقابل، لا يستهدف الإرهاب المعالم اليهودية لأنه لا توجد جالية يهودية كبيرة في مصر يمكن اللعب على مخاوفها أو تحركاتها. وفي الوقت نفسه، استهداف المعالم اليهودية يثير غضب اللوبي اليهودي العالمي على التنظيم العالمي للإخوان، ما سيؤدي إلى محاصرتهم بشكل خانق في مختلف أنحاء العالم، خصوصًا في الولايات المتحدة ودول أوروبا".