واشنطن: في ظلّ الضغط المتزايد، حتّى في صفوف الجمهوريّين، أمر الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجمعة الإف بي آي بإجراء مزيد من التحقيقات حول القاضي بريت كافانو المتّهم بارتكاب تجاوزات جنسيّة، وهو ما سيؤجّل تصويتاً منتظراً في مجلس الشيوخ لتثبيت كافانو في المحكمة العليا. &

وقال ترمب "أمرتُ الإف بي آي بإجراء مزيد من التحقيقات لتحديث ملفّ القاضي كافانو" الذي كان الرئيس الأميركي قد رشّحه في وقت سابق لعضويّة المحكمة العليا.&

وأرجأ مجلس الشيوخ الجمعة لمدة أسبوع تصويته لتثبيت كافانو في المحكمة العليا، من أجل منح الإف بي آي الوقت للتحقيق في مزاعم التحرّش الجنسي التي تُطاول هذا القاضي.&

وقالت اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ في بيان إنّ التحقيق حول كافانو سيكون "مقتصرًا على اتّهامات موثوقة" موجّهة إليه وهو الأمر الذي "لن يتطلب أكثر من أسبوع".

وشدّد ترمب في بيان على أنّ هذا التحقيق يجب أن يكون "كما طلب مجلس الشيوخ، محدودًا في نطاقه، وأن يتم استكماله في أقلّ من أسبوع واحد".

وفي وقت سابق الجمعة كانت لجنة العدل في مجلس الشيوخ قد صادقت على ترشيح كافانو للمحكمة العليا، وذلك غداة الاستماع إلى شهادته وشهادة المرأة التي تتهمه بالتحرش بها جنسيًا، ووسط اتهامات متبادلة بين أعضاء الكونغرس.

ونال كافانو أصوات 11 عضوًا جمهوريًا في اللجنة مقابل معارضة 10 أعضاء ديموقراطيين صوّتوا ضد خيار الرئيس دونالد ترمب. ومن شأن تثبيت كافانو في المنصب أن يميل دفة المحكمة العليا بشكل حاد إلى اليمين.

ورفعت اللجنة توصيتها إلى مجلس الشيوخ حيث سيتم التصويت بحضور كامل الأعضاء في الأيام التالية. وللجمهوريين غالبية بسيطة من 51 مقعدا في مقابل 49 للديموقراطيين.

لكن السناتور الجمهوري عن ولاية أريزونا جيف فلايك فجّر مفاجأة في اللحظات الأخيرة بمطالبته بإرجاء التصويت في مجلس الشيوخ أسبوعا لإفساح المجال أمام قيام مكتب التحقيقات الفدرالي بتحقيق في الادعاء الموجه ضد كافانو.

وقال فلايك المعارض الشرس لترمب والذي لن يترشح لولاية جديدة إن البلاد تشهد انقساما، مشددا على أهمية إيلاء الموضوع العناية اللازمة.

وكانت الجلسة افتتحت الجمعة في أجواء سياسية مشحونة بين مؤيدي كافانو ومعارضيه في المجلس.

وقال جمهوريون إن المجلس يعيش أسوأ أيامه منذ جلسات 1991 أو حتى 1954 ابان الحقبة المكارثية.

والمكارثية مصطلح سياسي نسبة إلى السناتور جوزف مكارثي في خمسينيات القرن الماضي حين كان يتم اتهام أشخاص بالشيوعية بلا أدلة كافية.

ورد الديموقراطيون واصفين شهادة كافانو بالعدوانية والمنحازة.

وقالت السناتور الديموقراطية دايان فاينستين "لم أرَ على الإطلاق مرشحا لاي منصب يتصرف بهذه الطريقة".

وإذا كان كافانو لا يواجه خطر إدانته إلا أنه يجازف بالكثير في فترة تشهد تحركا نسائيا ضد التحرش الجنسي طالت مسؤولين وشخصيات عدة.

وأدت جلسة استماع ماراتونية الخميس نفى فيها كافانو (53 عاما) اتهام الباحثة الاجتماعية بلازي فورد (51 عاما) بالاعتداء عليها جنسيا قبل 36 عاما إلى استقطاب حاد بين الجمهوريين والديموقراطيين الذين تبادلوا الشتائم والاتهامات على خلفية ترشيح كافانو للمنصب.

وبعد الجلسة جدد ترمب دعمه المطلق لكافانو. والجمعة ردا على سؤال حول احتمال ترشيحه شخصا آخر للمنصب قال ترمب إن الاحتمال غير وارد.

وبعد جلسة الاستماع الخميس طالبت نقابة المحامين، التي كانت تدعم ترشيح كافانو، بإرجاء التصويت وفتح مكتب التحقيقات الفدرالي تحقيقا في الادعاءات الجنسية.

كافانو الذي كان مستشارا قانونيا للرئيس الجمهوري الاسبق جورج بوش الابن، بدأ مسيرته في السلك القضائي مساعداً لانطوني كينيدي الذي فاجأ الجميع في حزيران/يونيو الفائت بقراره التقاعد من منصبه في المحكمة العليا، علما أن اعضاء هذه الهيئة يمكنهم البقاء في مناصبهم مدى الحياة.

وكان ترمب قال إنه يمكن أن يعدل عن ترشيح كافانو إذا اقتنع برواية بلازي فورد لكنه أعاد مساء الخميس تأكيد دعمه قائلا "شهادته كانت قوية وصادقة ومثبتة".

ومجلس الشيوخ مكلف بحسب الدستور إعطاء الضوء الأخضر للمرشحين الى المحكمة العليا.

- "حياتها تغيّرت" -روَت بلازي فورد أنّ "حياتها تغيرت بشكل جذري" في سهرة صيف العام 1982.

وقالت بتأثر أمام أعضاء لجنة العدل إنها كانت في ال15 عندما شاركت في سهرة لطلاب ثانويين في ضاحية واشنطن، وإنها عندما كانت في طريقها الى الحمام اعترضها كافانو وصديقه مارك جادج اللذين كانا "ثملين" وعزلاها في غرفة ثم دفعاها على السرير وارتمى بريت فوقها وحاول نزع ملابسها مع لمسها في كل مكان في جسدها وكان "ثملاً تماما".

ورد كافانو قائلا "أنا لم أعتدِ جنسيّاً على أحد، لا في المدرسة الثانوية ولا في الجامعة"، نافيًا اتهاماتها ومشددًا على ثغرات في شهادتها.

وندد كافانو بـ"عملية مدبّرة" وقال إنه لن يرضخ للدعوات بالانسحاب "لا أحد سيُرغمني على الانسحاب من هذه العمليّة". وأضاف قد تهزمونني في التصويت النهائي، لكنكم لم تدفعوني للانسحاب. أبداً".
&