شهدت مصر خلال عام 2017 عددا من الهجمات الدامية التي أسفرت عن مقتل المئات.

ووقع الهجوم الأكثر دموية في تاريخ مصر الحديث بشمال سيناء، حيث استهدف مسلحون مسجد الروضة، فقتلوا 310 أشخاص، وفقا للإحصائيات الرسمية.

وقد عايش محمد عبدالفتاح، خطيب مسجد قرية الروضة ببئر العبد، تلك اللحظات المروعة.

يقول عبدالفتاح لبي بي سي عربي إنه أفلت من موت محقق أو "بمعجزة سماوية" عندما نجا من أعيرة نارية وقذائف أر بي جي وقنابل استهدفت عن قرب المصلين العزل وهم بمسجد الروضة بشمال سيناء.

وعاد عبدالفتاح إلى مسقط رأسه بمحافظة الشرقية بدلتا مصر للعلاج والنقاهة من أثار الفاجعة التي وقعت أثناء اعتلائه منبر الخطابة بالمسجد أثناء صلاة الجمعة في 24 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

بحسب روايته، فقد دخل "المسلحون إلى داخل الصحن وأخذوا في إطلاق النار على كل من بقى على قيد الحياة طفلا أو شابا أو شيخا".

ويتذكر عبدالفتاح أنه خلال تلك الدقائق سمع "ما يشيب له الولدان"، فقد سمع مسنا يعرفه "يتوسل لأحد المهاجمين أن يتركه" بعدما صعد الرجل مصابا على درج المنبر محاولة النجاة بحياته. لكن المدجج بالسلاح "أطلق الرصاص بلا رحمة".

يصمت عبدالفتاح ويحبس دموعا تسربت إلى مقلتيه عندما تذكر صديقه المؤذن الذي قضت عليه 12 رصاصة بلا رحمة بينما كان يزحف مصابا نحو الميكرفون ناطقا الشهادة علّ أحد من الخارج يغيث من بالداخل.

لم تكن المساجد مسرحا لمثل هذه الهجمات الدامية في مصر قبل هذا الاعتداء المروع.

وقد أعادت السلطات بناء مسجد الروضة، وأزيلت آثار الرصاص والقذائف والدماء، وزاره شيخ الأزهر ومفتي البلاد ووزير الأوقاف وقائد الجيش الثاني في الجمعة التالية للمذبحة مباشرة.

هجمات أسبوع الآلام

الأمن المصري
Reuters
الأمن المصري عزز من انتشاره تزامنا مع احتفلات عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة

في بداية الشهر الحالي، أعيد افتتاح كنيسة مار جرجس بمدينة طنطا بدلتا مصر، بعد سبعة شهور من التفجير الانتحاري الذي استهدفها أثناء قداس الأحد في التاسع من أبريل/نيسان عام 2017.

أودى التفجير بحياة نحو 30 شخصا، وانطلقت منه نيران وشظايا ومسامير طالت جل الحضور وكانوا بالمئات. وهناك نحو مئة يحيون الآن بعاهات مستديمة، بحسب القمص دانيال الذي كان مشاركا في القداس.

لم يتخيل دانيال أبدا أن ابنه دارس الطب سيكون من بين الضحايا.

وأوضح لبي بي سي عربي أن ابنه بيشوي الذي كان يعتزم الانضمام لسلك الرهبنة في دير بوادي النطرون عقب تخرجه كان يحضر القداس. طالت الابن الشظايا والكتل الاسمنتية المتساقطة ونقل للمستشفى وتوفي هناك لاحقا.

ترك المسؤولون عن كنيسة مار جرجس الدماء الجافة التي تناثرت على عامود يحمل السقف قرب موقع التفجير الانتحاري على حالها وغلفوها بالزجاج لتظل "شاهدا على المذبحة" التي وقعت بالدار.

 

وفي نفس اليوم، وقع تفجير انتحاري آخر عند مدخل كنيسة مار مرقص بالإسكندرية راح فيه 17 شخصا.

ونجا من الحادث بابا الأقباط الأرثوذكس تواضروس الذي كان يشارك في قداس داخل الكنسية.

نزوح أسر مسيحية

في فبراير/شباط، كانت مدينة العريش ومحيطها بشمال سيناء مسرحا لهجمات جديدة.

فقد قتل في أسبوع واحد ثلاثة أقباط أحدهم حرقا على يد مسلحين ينتمون لتنظيم الدولة الاسلامية، ما دفع عشرات الأسر المسيحية للنزوح عنها.

ولا يزال بعضهم لم يعد الى داره حتى الآن خشية تهديدات ضد الأقباط بشمال سيناء.

وفي يوليو/تموز، استهدفت حافلة تقل أقباطا كانوا في طريقهم إلى دير الانباء صموئيل بصحراء غرب المنيا بصعيد مصر، وقتل في الهجوم نحو 30 مسيحيا.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، قضت محكمة مصر بإعدام أحمد سعيد ابراهيم السنباطي، 19 سنة لقيامة بقتل القس سمعان شحاتة رزق الله عمدا في حي المرج بالقاهرة في أكتوبر/تشرين الأول، وذلك بـ"استخدام سكين بعدما خرج القس من كنسية وبدافع طائفي"، وفقا لقرار المحكمة.

وقبل أيام على نهاية 2017، تعرضت كنيسة مار مينا في حلوان لهجوم مسلح في 29 ديسمبر/كانون الثاني، وهو ما أودى بحياة ستة أقباط وشرطي، بحسب بيان للداخلية المصرية، بالاضافة الى قبطيين إثنيين أخرين قتلا في ذات الهجوم في متجر مجاور للكنيسة ، وقالت الكنيسة إن مصابين توفوا لاحقا.

وتبني تنظيم الدولة الاسلامية الهجمات على تلك الكنائس وعلى حافلة المنيا.

تحذيرات بشأن هجمات محتملة

أعادت السلطات العمل بقانون الطوارئ في البلاد منذ التفجيرين اللذين استهدفا كنيستي طنطا والإسكندرية في أبريل/نيسان الماضي.

وتم تمديد العمل به في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعد هجوم على قوة أمنية في الواحات بالصحراء الغربية راح فيه 16 من رجال الشرطة.

وأعلنت الداخلية والقوات المسلحة إجراءات أمنية مشددة حول الكنائس ودفعتا بتعزيزات أمنية إضافية وزادت من الانتشار المكثف في مناطق مختلفة بالبلاد لتأمين الكنائس والمناطق الحيوية تزامنا مع احتفالات رأس السنة وأعياد الميلاد للطوائف المسيحية في مصر.

ويحذر متخصصون في شؤون الجماعات المسلحة من أن الفترة القادمة ربما تشهد المزيد من الجمات، وذلك في ضوء انحسار سطوة تلك الجماعات في مناطق كسوريا والعراق وانتقال عناصرها إلى مناطق أخرها من بينها مصر.