أبدت غالبية قراء "إيلاف" ثقتها في قدرة التظاهرات على تغيير نظام الحكم في إيران، وصوتت غالبية المشاركين في الإستفتاء الأسبوعي بـ"نعم"، رغم انحسار موجة الاحتجاج بسبب القمع الشديد.


إعداد/ إسماعيل دبارة: واصل الرئيسي الايراني حسن روحاني تصريحاته الحذرة حيال التظاهرات التي شملت مدناً ايرانية كثيرة في الأيام الأخيرة، بسبب الغلاء وتدهور المعيشة، قبل أن تتخذ منحى أكثر خطورة بالدعوة إلى اسقاط حكم ولاية الفقيه.

وقال الرئيس روحاني يوم الاثنين إن الاحتجاجات التي هزت إيران ليست موجهة إلى الاقتصاد فحسب، وذلك في تصريحات تشير إلى أنها تستهدف أساسًا المحافظين المتزمتين الذين يعارضون خططه الرئيسية لتوسيع نطاق الحريات الفردية في الداخل وتعزيز الوفاق في الخارج.

كما دعا روحاني الذي هزم مرشحين متشددين مناهضين للغرب، وفاز في الانتخابات العام الماضي، إلى رفع القيود المفروضة على وسائل التواصل الاجتماعي التي يستخدمها المحتجون المناهضون للحكومة، وذلك في أصعب تحد تواجهه السلطات المتشددة منذ عام 2009.

ونقلت وكالة تسنيم الإخبارية عن روحاني قوله "سيكون تحريفا (للأحداث)، وكذلك صفعة للشعب الإيراني، القول إن مطالبه كانت اقتصادية فقط".

وأضاف "الشعب له مطالب اقتصادية وسياسية واجتماعية".

وفي سياق انتفاضة الإيرانيين، استفتت "إيلاف" قراءها وطرحت عليهم السؤال التالي: "هل تنجح التظاهرات في إيران بتغيير الحكم"؟

تقارب الـ"نعم" و"الـ"لا"

شارك في استفتاء "إيلاف" الأسبوعي، 2359 قارئا، صوت 1202 منهم بـ"نعم" أي ما يعادل 51% من مجموع الاصوات، في حين صوّت 1157 قارئاً بـ"لا"، وهو ما يعادل %49 من مجموع المصوتين.

وتعكس الارقام المتقاربة تباينًا شديدًا في تقييم قدرة الاحتجاجات على تغيير النظام الايراني الذي يبدو فريدًا في المنطقة من حيث الايديولوجيا التي يقوم عليها (نظرية ولاية الفقيه الشيعية) أو من جهة الجهاز الذي يحكم وهو شديد التعقيد، وللأجهزة الأمنية فيه دور بارز، خاصة "حراس الثورة" وقوات "الباسيج" الى جانب القوات الرسمية كالشرطة والجيش، والتي تورطت جميعها سابقًا في قمع الاحتجاجات السلمية.

أشبه بثورة 1979؟

في ذات اتجاه تصويت غالبية قراء "إيلاف"، تكتب کاملیا انتخابی فرد ، وهي صحافية أميركية - إيرانية، مقالاً لـسي أن أن، جاء فيه أنّ مؤيدي النظام الإيراني والموظفين لدى الدولة وطلاب المدارس فرِضت عليهم المشاركة في المظاهرات التي نظمها النظام لإظهار الدعم الشعبي له وبث الخوف في قلوب الناس العاديين. لكن الشعارات الحقيقية التي كان الشعب الإيراني يهتف بها في المظاهرات المناهضة للنظام في شتى أنحاء إيران كانت ضد أصدقاء النظام الإيراني في سوريا ولبنان وفلسطين.

تقول: "الناس يعرفون أين وكيف ولأي سبب يقوم النظام الإيراني بإنفاق ثرواتهم، وهم يشعرون بالغضب من ذلك، وحسب مصادري الخاصة في إيران فإن الرئيس الأميركي دونالد ترمب اكتسب شعبية كبيرة بين الناس بسبب دعمه وتضامنه مع المتظاهرين، ولأن ممثلة أميركا في الأمم المتحدة دعت إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة الوضع في إيران، والتي عُقدت يوم الجمعة. لم يصدر شيء هام عن اجتماع مجلس الأمن سوى لفت أنظار العالم إلى النظام القمعي في إيران الذي لا يسمح لملايين الناس بالتظاهر بشكل سلمي في المظاهرات وإسماع أصواتهم والتعبير عن غضبهم من الظروف الحالية التي لم تترك لإيران أي أصدقاء. عدد ضحايا المظاهرات وصل إلى 21 قتيلاً حسب التصريحات الرسمية، ووصل عدد المعتقلين إلى أكثر من 1500 شخص خلال أسبوع واحد. ومن المتوقع أن تشهد طهران موجة جديدة من المحاكمات الرسمية وإصدار الأحكام القاسية لتلقين باقي الشعب درساً جيداً وإجبارهم على الصمت.

وترى کاملیا انتخابی فرد إنّ الايرانيين بقوا صامتين في 2009 بعد الاحتجاجات الوطنية على نتائج الانتخابات المثيرة للجدل، والتي قمعها النظام الإيراني بوحشية. واستغرق الأمر 8 سنوات أخرى قبل أن ينتفض الشعب الإيراني بشكل تلقائي لإجبار النظام على الاستماع إلى مطالب الشعب وتصحيح صورة إيران على الصعيد العالمي وإنفاق ثروات البلد على الشعب بدلاً من تمويل التطرف الإقليمي. وفي المرة القادمة، سيكون الأمر أشبه بثورة 1979.

الاستثناء الايراني

يشير التاريخ الى نماذج كثيرة كان للاحتجاج المواطني السلمي دور بارز في الاطاحة بأنظمة قمع دموية معروفة، سواء في أوروبا الشرقية أوأميركا اللاتينية وحتى في دول عربية مع انتشار موجات ما يسمى الربيع العربي.

لكن يُعرف عن النظام في طهران عدم تسامحه مع التظاهرات المعارضة له، حتى لو لم تكن تحمل طابعاً سياسياً. 

وتفاخر الحرس الثوري الايراني بقمعه للاحتجاجات الأخيرة، وقال يوم الأحد إن "قوات الأمن قضت على اضطرابات استمرت أسبوعا، غذاها من وصفهم بـ"أعداء خارجيين".

بدأت الاحتجاجات على الصعوبات الاقتصادية التي يعاني منها الشباب والطبقة العاملة وامتدت إلى أكثر من 80 مدينة، وقال مسؤولون إيرانيون إن 22 قتيلاً سقطوا خلالها، وألقت السلطات القبض على أكثر من ألف شخص.

وقال حامد شهرياري نائب رئيس القضاء الإيراني إنه "تم التعرف على كل قادة حركة الاحتجاجات واعتقالهم وإنهم سيعاقبون عقابا شديدا وربما يواجهون عقوبة الإعدام".

وأكدت نائبة إيرانية يوم الاثنين وفاة أحد المحتجزين في السجن.

ونقلت وكالة العمال الإيرانية للأنباء عن طيبة سياواشي قولها "هذا شاب عمره 22 عاما ألقت الشرطة القبض عليه. وتم إخطاري بأنه انتحر في السجن".

وكان كثيراً من المحتجين شككوا في سياسة إيران الخارجية في منطقة الشرق الأوسط، حيث تدخلت في سوريا والعراق في معركة على النفوذ مع المملكة العربية السعودية.

ويثير الدعم المالي الذي تقدمه إيران للفلسطينيين وجماعة حزب الله الشيعية اللبنانية أيضًا غضب الإيرانيين الذين يريدون أن تركز الحكومة جهودها على المشاكل الاقتصادية المحلية.

وكان روحاني فاز بفترة ولاية ثانية العام الماضي بإطلاق وعود للناخبين عن توفير المزيد من الوظائف للشباب الإيراني من خلال جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية والحريات الفردية والتسامح السياسي وكلها أهداف شكك فيها منافسه الرئيسي في سباق الانتخابات.

وردد روحاني بعضًا من العبارات التي تميزت بها حملته الانتخابية فقال يوم الاثنين إنه يجب السماح للمواطنين بانتقاد جميع المسؤولين الإيرانيين دون استثناء.

ووجه المتظاهرون غضبهم في البداية إلى الأسعار المرتفعة وما يتردد عن الفساد، غير أن الاحتجاجات أخذت منعطفًا سياسيًا نادرًا ما تشهده إيران إذ دعا عدد متزايد من الناس إلى تنحى الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي.

والزعيم الأعلى هو القائد العام للقوات المسلحة، كما أنه يعيّن رؤساء الهيئات القضائية. ويتم اختيار الوزراء الرئيسيين بموافقته كما أن له القول الفصل في السياسة الخارجية الإيرانية.

وفي المقابل، يتمتع الرئيس بسلطات قليلة. وقال روحاني ”لا أحد بريء. وللناس انتقاد الجميع“.

كما رفض روحاني الدعوات التي يطلقها رجال الدين المتشددون، الذين طالبوا الحكومة بمنع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل بشكل دائم.

ومع انحسار الاحتجاجات، رفعت الحكومة القيود التي فرضتها على تطبيق انستغرام، إحدى الأدوات المستخدمة في تعبئة المحتجين. غير أن تطبيق تلغرام الأكثر استخداما لا يزال محجوباً. وكانت الحكومة قالت إن القيود موقتة.

وقال روحاني "استخدام الناس لوسائل التواصل الاجتماعي يجب ألا يقيد بصفة دائمة. ولا يمكن أن نتصف باللامبالاة حيال حياة الناس وأعمالهم".

وعرض التلفزيون الإيراني صورًا لمسيرات أخرى مؤيدة للحكومة في عدة مدن من بينها سنندج في غرب إيران، رفع فيها المشاركون صورًا للزعيم خامنئي ورددوا هتافات التأييد له.

وفي الأسبوع الماضي، قالت منظمة العفو الدولية إن أكثر من ألف إيراني اعتقلوا محتجزون في سجون ”تشتهر بالتعذيب وأشكال أخرى من سوء المعاملة خلال الأيام السبعة الأخيرة“، وإن كثيرين محرومون من الاتصال بذويهم ومحاميهم.