رغم الشعارات المناوئة للنظام التي رددها المتظاهرون في إيران، يرى الخبراء أن الدافع الأكبر لحركة الاحتجاج الجديدة هذه هي إجراءات التقشّف التي اتخذتها السلطات.

إيلاف من طهران: يقول إسفنديار بتمانقليج مؤسس مجموعة "أوروبا إيران بزنس فوروم" لوكالة فرانس برس: "ما يجعل الناس تنزل إلى الشوارع عادة هي المشاكل الاقتصادية، والإحباط من عدم وجود فرص عمل، والغموض حول مستقبل أولادهم". 

يضيف "لا شكّ أن إجراءات التقشّف صعبة على (الرئيس حسن) روحاني، لكنها ضرورية لمواجهة التضخّم ومشكلات العملة ولمحاولة تحسين قدرة إيران على جذب الاستثمارات". لكن صبر الناس لا بد أن ينفد من هذه الإجراءات، بعد مدة طويلة من العقوبات المفروضة على طهران، بحسب المحلل.

أياد خارجية
انطلقت شرارة هذه الاحتجاجات الخميس في مدينة مشهد، ثاني كبرى المدن الإيرانية، وسرعان ما عمّت عددًا كبيرًا من مدن البلاد، وأسفرت عن مقتل ستة أشخاص وتوقيف المئات ووقوع أعمال عنف في مناطق عدة. لم يتردد بعض المتظاهرين عن الذهاب بعيدًا في الشعارات مرددين "الموت للطاغية"، ومستهدفين عددًا من رموز النظام، في هذه الاحتجاجات الأكبر منذ العام 2009.

واتهمت السلطات "عناصر معادية للثورة" تقيم في الخارج بالوقوف وراء حركة الاحتجاج. لكن البعض يشتبه في أن المحافظين، المنافسين لحسن روحاني والتيار الإصلاحي، يريدون عرقلة السياسة الاقتصادية للحكومة. 

وقال المحلل السياسي المقيم في طهران أمير محبيان "هناك أدلة، ولا سيما في مشهد، على أن التظاهرات كانت منسّقة لتمرير رسائل سياسية".

ورأى في حديث لوكالة تسنيم إن منظمي التظاهرات لم يتوقّعوا على الأرجح أن تتسع بهذا الشكل، مضيفًا "لا يمكن اللعب بحركات الاحتجاج".

انهيار مؤسسات إقراض
لكن الغضب الذي أثارته الأوضاع الاقتصادية ينتشر في المجتمع الإيراني منذ سنوات، وقد هيمن على الانتخابات الرئاسية التي جرت في مايو الماضي.

ازداد الغضب مع انهيار مؤسسات إقراض كانت تتعامل مع ملايين المستثمرين. وهذه الشركات انتشرت في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، وانهارت مع انفجار الفقاعة العقارية.

يقول المحلل السياسي المقيم في طهران مجتبى موسوي: "لم تفاجئني هذه التظاهرات، لقد شهدنا في العامين الماضيين تظاهرات ضد المصارف وشركات الإقراض".

ويضيف لوكالة فرانس برس "كل الناس يقولون إن المتظاهرين هم من الفقراء، لكن هناك الكثير من المتظاهرين من أبناء الطبقة الوسطى الذين فقدوا أموالهم".

الحق في التظاهر
إضافة إلى الدوافع الاقتصادية الواضحة، ترتفع في إيران الأصوات المعترضة على التضييق على الحريات المدنية. حتى إن البعض من أوساط المحافظين يرون أن هامش الاحتجاج المتاح للإيرانيين ضيق.

وقال المتحدث باسم جمعية علماء الدين المجاهدين ذات التوجهات المحافظة غلام رضا مصباحي مقدام: "دستورنا يقر حق التظاهر، لكن من الناحية العملية ليس هناك آليات لذلك". وأضاف لوكالة إيسنا "ينبغي على المسؤولين أن يُنصتوا للشعب. وعلى وسائل الإعلام أيضًا مسؤولية أن تغطي التظاهرات".

والأحد دعا الرئيس حسن روحاني أيضًا إلى منح المواطنين "مساحة للنقد". يستبعد بعض المحللين أن تشكّل حركة الاحتجاج الجديدة هذه تهديدًا جديًا على نظام الجمهورية الإسلامية، ولا سيما لكونها غير منظّمة.

ويبدو أن الشعارات السياسية المرفوعة كانت مفيدة للنظام من حيث إعطائه المبرر لقمع التظاهرات، ووصف مطلقيها بأنهم أعداء للمجتمع. ويقول موسوي "النظام يفضّل التظاهرات السياسية، لأن التظاهرات ذات المطالب الاقتصادية تصعب السيطرة عليها".