«إيلاف» من برلين: يعتبر سرطان الرئة من الأورام الفتاكة بالإنسان رغم قدرة الأطباء على تمديد حياة المصابين به إلى فترة مقبولة. إلا أن مخاطر المرض تزداد بازدياد عدائية الخلايا السرطانية، ومعروف أن هناك أنواعا شديدة العدائية من سرطان الرئة لا تترك مجالاً طويلاً من الحياة أمام الذين يعانون منها.

وعلى هذا الأساس فان من الممكن للكشف المبكر ان يقلل الوفيات بنسبة70%، بحسب تقدير العلماء من جامعة زارلاند الألمانية. ويعود السبب في ذلك الى أن سرطان الرئة، وخصوصاً النوع الذي يلتهم القصبات الهوائية منه، يبقى صامتاً ولا يكشف أعراضه إلا بعد فوات أوان التشخيص المبكر.

عوامل تزيد مخاطر الإصابة

فضلاً عن دور التدخين، والعوامل الوراثية وعادات التغذية، تعتبر المعاناة من مرض الانسداد الرئوي المزمن عاملاً هاماً في زيادة مخاطر التعرض للسرطان الرئوي. وكتب العلماء الألمان من جامعة زارلاند في مجلة"الطبيب الألماني" انهم يطورون فحصاً للدم يكشف عن سرطان الرئة في مرحلته الأولى عن طريق الدم.

يعتمد الفحص على الكشف عن مادة معينة في دم اللذين يعانون من سرطان الرئة والتي تعتبر"علامة بيولوجية" على المعاناة من المرض. ويقول فريق العمل ان هذا الفحص سينقذ حياة الملايين، الآن ومستقبلاً، كما نال المشروع دعماً مالياً من"مركز الأبحاث السرطانية الألماني" قدره166 ألف يورو بهدف وضع الفحص في القريب العاجل تحت تصرف الطب.

كشف الحمض النووي الريبي الميكرو

ويعتبر هذا الإكتشاف حلم طبي بمستقل واعد في مكافحة سرطان الرئة، حققه فريق من العلماء الألمان برئاسة البروفيسور ايكارد ميس من معهد الوراثة البشرية، بالتعاون مع البروفيسور روبرت بالز، والبروفيسور اندرياس كيللر والبروفيسور هانز-بيتر لينهوف من مركز البيوانفورماتيك في جامعة الزار.

وثبت لفريق العمل ان الأحماض النووية الريبية الميكرو microRNAs يمكن أن تكون علامة بيولوجية ظاهرة تكشف عن وجود الخلايا السرطانية الرئوية في دماء المعانين من مرض الانسداد الرئوي المزمن. وهذه الأحماض الريبية النووية عبارة عن جزيئات صغيرة تلعب دوراً مهماً في قراءة ونقل المعلومات الوراثية.

وكتب البروفيسور ميس ان الكشف عن الأحماض الريبية النووية الميكرو في الدم بسيط، ويحوّل هذه الأحماض إلى"بصمة اصبع" توجه الاتهام إلى سرطان الرئة في مرحلته المبكرة.

واعتبر ميس انجاز مثل هذا الفحص انتصاراً جديداً على سرطان الرئة، الذي تشير دائرة الاحصاء المركزية الألمانية إلى انه رابع سبب للموت المبكر في ألمانيا. وراح45224 ألماني وألمانية ضحية للمرض في سنة2015. وشهدت السنوات الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة الوفيات بين النساء بسبب سرطان الرئة.

 

وكشف سرطاني البنكرياس والبروستاتا أيضاً

وبعد النجاح في تشخيص سرطان الرئة بواسطة الأحماض الريبية النووية الميكرو في الدم، صار من الممكن استخدامه في الكشف عن سرطان البنكرياس وسرطان البروستاتا. بل ان الفحص حقق نجاحاً طيباً في النوعين الأخيرين من السرطان، إلا ان فريق العمل ما يزال بحاجة إلى مزيد من الوقت والبحث، إلى ان يصبح الفحص ناجزاً، بحسب تصريح ميس.

وفي تعليقه على التقرير في مجلة"الطبيب الألماني، اعتبر غيرد نيتكوفن، رئيس مركز الأبحاث السرطانية الألماني، هذا الانجاز"حاسماً" في التشخيص المبكر للسرطان، وخطوة مهمة تمنح المصابين بالسرطان فرصة أطول للحياة.

وتشخيص سرطان الرئة عبر النفس

 وسبق لعلماء ألمان من معهد ماكس بلانك الألماني المعروف ان تحدثوا قبل أشهر عن طريقة اثبتت دقتها وسرعتها في الكشف المبكر عن سرطان الرئة عبر الزفير الذي يطلقه المريض. وقالوا ان الطريقة ليست جاهزة"للسوق" بعد، وانها بحاجة إلى تطوير وتجارب أخرى على البشر.

وذكر غوليرمو باريتو، من معهد ماكس بلانك في بادنويهايم، ان الطريقة تعتمد على تشخيص السرطان في مراحله المبكرة عن طريق التشوهات التي يسببها المرض على الاحماض النووية الريبية التي يطلقها الإنسان مع الزفير. إذ يجري المرض في مراحله الأولى تشوهات وراثية معينة على الأحماض النووية الريبية(ار ان ايه)، التي تعتبر النسخة الناشطة من الحمض النووي الوراثي(دي ان ايه).

وتمت تجربة طريقة التشخيص الجديدة على138 مريضاً يعاني من سرطان الرئة، ونجح في التشخيص بدقة ترتفع إلى98%. وأشار باريتو إلى ان الطريقة سيجري تطبيقها لاحقاً على1000 شخص في خمس مراكز لعلاج السرطان في ألمانيا. والمهم أيضاً، بحسب تصريح باريتو، ان فريق العمل يعمل على تطوير طريقة التشخيص بما يؤهلها للتفريق بين مختلف أنواع سرطان الرئة أيضاً.