يبدو أن وزارة الداخلية المغربية غير راضية عن تقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي وقف عند جملة من الملاحظات والاختلالات التي تتحمل مسؤوليتها، من ضمنها نظام التغطية الصحية الموجه للفئات المعوزة "راميد"، حيث قدم الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، نور الدين بوطيب، رد الوزارة أمام أعضاء لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) المغربي، مساء اليوم الثلاثاء.
إيلاف من الرباط: قال بوطيب، ردا على ما ورد في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، إن الإشراف على عملية توزيع بطائق "راميد" يعود الاختصاص فيها إلى الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، مؤكدًا أن التدبير "يتم على مستوى الوحدات الادارية التابعة لوزارة الداخلية، بينما تنحصر مهمة الوكالة في تسجيل المستفيدين".
وسجل بوطيب بأن تقرير المجلس الأعلى للحسابات "أغفل الميزانية المرصودة من وزارة الداخلية لتدبير نظام التغطية الصحية"، مبرزًا أنها خصصت "ما يناهز 87 مليون درهمًا (حوالى 8.7 ملايين دولار) من ميزانية الاستثمار، إضافة إلى 17 مليون درهم ( 1.7مليون دولار) سنويًا من ميزانية التسيير، وذلك في انتقاد منه لما جاء في تقرير قضاة المجلس.
أضاف الوزير المنتدب في الداخلية موضحًا للنواب أن المادة 19 من المرسوم التطبيقي تسند اختصاص توزيع البطائق إلى السلطة المحلية المختصة، معتبرًا أن هذا الاختصاص "منطقي، لاعتبارات عدة، منها الاحتفاظ بنقطة طلبات الحصول نفسها على البطائق لتكون كذلك نقطة استلام أمن طرف المستفيدين".
بخصوص عدم احترام الآجال القانونية لمعالجة الطلبات المودعة، سجل بوطيب أن مدة معالجة الطلبات عرفت "تحسنًا متواصلًا لينخفض عن السقف المحدد ابتداء من سنة 2016، وقد يصل هذا الأجل إلى وقت قياسي، قد يصل إلى يوم واحد في الحالات المستعجلة"، وفق تعبيره.
إدريس جطو رئيس المجلس الأعلى للحسابات بالمغرب |
أرجع بوطيب التضارب في الإحصائيات المتعلقة ببطاقة نظام المساعدة الصحية، المنجزة بين وزارة الداخلية والوكالة الوطنية للتأمين الصحي، إلى "عدم احتساب وزارة الداخلية لبطائق السنة الثانية والثالثة بالنسبة إلى فئة المستفيدين في "وضعية هشاشة"، مؤكدا أن العبرة بـ"عدد المستفيدين، وليس بعدد البطائق الصادرة، والذي يضم كذلك حالات تجديد البطائق التي تتم سنويا بالنسبة إلى وضعية الهشاشة".
كما رد الوزير المنتدب في الداخلية على ملاحظة المجلس الأعلى للحسابات بخصوص عدم التطابق بشأن عدد بطائق المستفيدين في "وضعية الفقر"، معتبرًا أن ذلك راجع إلى "الاختلاف بين تاريخ إصدار البطائق الذي تعتمده الوكالة وتاريخ الإصدار باعتبار آجال الإرسال".
كما شدد المتحدث نفسه في عرضه أمام النواب، بخصوص الملاحظات المسجلة على المساهمات المحولة من طرف الجماعات الترابية ما بين 2012 و2014، والتي لا تمثل سوى 51.3 بالمائة من مجموع المساهمات، على أن "مساهمات الجماعات الترابية في نظام "الرميد" تعتبر إلزامية، ولا يمكن التأشير على ميزانيات الجماعات الترابية من طرف السلطة الإقليمية إلا بعد التأكد من إدراج هذه النفقة".
شهد اللقاء إجماع عدد من النواب على انتقاد أداء وزارة الداخلية انطلاقًا من الملاحظات التي وردت في تقرير المجلس الأعلى للحسابات باعتباره هيئة دستورية تحظى بالاحترام والمصداقية لدى النواب، مطالبين الوزارة بضرورة التفاعل الإيجابي مع الملاحظات الواردة في التقرير والعمل على تصحيح الاختلالات المسجلة.
وفي معرض رده على مداخلات النواب، قال بوطيب إن "المنظومة الصحية ببلادنا كانت تتطلب حدًا أدنى من الخدمات، قبل بدء مشروع التغطية الصحية"، مبرزًا أن وزارة الداخلية كانت قد "طلبت تأهيل المستشفيات قبل البدء في تنفيذ المشروع، لتأمين مستوى محدد من الخدمة".
وأشار الوزير المنتدب في الداخلية إلى أن وزارة المالية لم تتفاعل بالإيجاب مع مطلب الوزارة الذي دعت فيه إلى رصد اعتمادات مالية لشراء المعدات وتكوين الأطر في المجال الصحي قبل تنزيل برنامج "راميد"، وقال: "إن وزارة المالية تجاهلت طلب وزارة الداخلية لكننا تفهمنا الأمر واعتمدنا على أنفسنا"، يورد بوطيب.
ولم يتردد الوزير المنتدب في الداخلية في الكشف عن المخاوف التي ساورت الوزارة عند بداية تدبير نظام المساعدة الطبية "راميد"، مؤكدًا أن تلك المخاوف كانت قبل أن تقتنع الوزارة بأنها "ليست فقط وزارة لتحقيق الأمن، وإنما وزارة السكان، وعليها أن تتحمل مسؤوليتها".
التعليقات