إيلاف من باريس: فُجع العالم يوم الواحد من أكتوبر 2018 بوفاة المغني الفرنسي شارل أزنافور عن سن ناهزت ال 94 عاما، مخلفا وراءه مكتبة ثرية من التسجيلات الراقية.

ولد أزنافور في باريس لأب وأم أرمينيين واسمه عند الميلاد شاهنور فاريناج أزنافوريان.

وباع أزنافور أكثر من مئة مليون اسطوانة في 80 دولة وكثيرا ما كان يوصف بـ"فرانك سيناترا" فرنسا.

بداياته

بدأ أزنافور حياته الفنية ببيع ألحانه لمغنين&فرنسيين في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي ومن بينهم إديت بياف وموريس شيفالييه وشارل ترونيه.

واكتشف موهبته في كتابة الأغاني وهو يغني في الملاهي الليلية مع صديقه بيير روش حيث كان روش يعزف على البيانو فيما يشدو أزنافور.

وبعد الحرب العالمية الثانية سمعت بياف عن الثنائي واصطحبتهما معها في جولة في الولايات المتحدة وكندا حيث ألف أزنافور بعضا من أشهر أغانيه.

ولد في 22 مايو 1924 في باريس، لوالديه الأرمنيين مايكل أزنافوريان، ونار باغدا ساريان، اللذين&عملا في مطعمٍ لكسبِ الرزق.

وكانَ والداه محترفين&في مسارح أرمينيا قبل أن يجبرهما العنفُ العرقيّ على الفرار إلى فرنسا.

بلغات حية كثيرة!

غنى أزنافور بالفرنسية والإسبانية والانجليزية والإيطالية والألمانية.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أشد المعجبين بأزنافور وغنى الكثير من أغانيه خلال حفلات الكاريوكي التي كان يحضرها وهو طالب حسب ما قال أحد زملائه.

أطلقَ عليه معجبوه لقبَ، فرانك سيناترا فرنسا، ويشتهر بصوته العميق الفريد من نوعه، وله تاريخ حافل بالأغاني الناجحة، وصلَ صوتهُ العميق، وشخصيّته المميّزة، إلى العديدِ من الأجيال.

متعدد المواهب

يقول عشّاقه إنه "فنانٌ متعددُ المواهب"، ألّف ما يقارب الـ 1200 أغنية، ولم يكتفِ بكتابتها فقط بالفرنسية بل إنه كتبها بـ8 لغات أُخرى، على الرغم من كونه مغنياً وكاتباً موهوباً، إلّا أنّه حاول الدخول في مجال التمثيل والدبلوماسية.

اعتلى أزنافور خشبةَ المسرح لأوّل مرة في عمر 3 أعوام، وحضر دروساً للدراما لكن لم يلبث أن ترك المدرسة لمتابعة شغفه، ناضل قليلاً خلال سنواته الأولى لكن سرعانَ ما أثبت نفسهُ كمغنٍّ وكاتب للعديد من الأغاني الشهيرة.

اهتمّ والدا أزنافور بموهبته منذ طفولته، فتلقّى دروساً في الغناء والرقصِ وأحبَّ ذلك الصبيّ آنذاك الفن وترك المدرسةَ لمتابعة حياته الفنية.

بدأَ الغناءَ والأداء في النوادي الليلية في سنِّ المراهقة، وفي هذه الأثناء التقى مع بيير روش، الذي تعاونَ معه، وبدأ الثنائيُّ كتابةَ الأغاني وتأليف الموسيقى ولاقيا بعضاً من النجاحِ في أواخر الأربعينيات.

عاشق لبلاد الأرز

تقول تقارير صحافية كثيرة إنّ أزنافور، زار لبنان أكثر من عشر مرات منذ خمسينيات القرن الماضي، وأحيا فيه عدداً من المهرجانات والحفلات.

عبّر قبل عامين من وفاته، عن رغبته في الغناء مع الصوت الملائكي فيروز ضمن ثنائي مشترك باللغة العربية.

قال في مؤتمر صحافي عقده على هامش إحيائه مهرجانات فقرا كفردبيان: "فكرة الغناء مع فيروز طرحت منذ سنوات وأنا قادر على الغناء بالعربية إن تطلب الأمر".

حياته الشخصية

تزوّج شارل أزنافور، لأول مرة من ميشيلين روغل، في 1946، لكن هذا الزواج لم يَدُم طويلاً وانتهى بالطلاق إلا أنه ارتبط رسمياً للمرة الثانية مع إيفيلين بلسي عام 1956، وكما الزّواج الأول لاقَت هذه العلاقة حتفها بالطلاق.

وجد أزنافور، الحبّ والاستقرار اللذين كان يتوق إليهما عندما تزوّج من أولسا ثورسيل السويدية، عام 1967، وهو أب لستة أطفال من الزيجات الثلاث.

أزنافور وبياف

موهبته لفتت المغنّية الأسطورية "إيديث بياف" عام 1964 التي وظفته مساعداً لها ومغنّيا&ثانويا، ثمّ دعته للقيام بجولة معها إلى الولايات المتحدة، وفي بداية الأمر اعتاد أن يفتَتِح لها الحفلات، ثم بدأَ بكتابة الأغاني لها، في وقت لاحق توطّدت علاقتهما وأصبحا صديقين واستلمَ إدارة أعمالها حيث كافحَ ليُثبت نفسه عند عودته إلى فرنسا، مرة أخرى جاءَت، إيديث بياف، وقدّمت له المساعدة بتعريفه إلى العديد من مديري صناعة الموسيقى في فرنسا وخارجها.

استفاد أزنافور، من الصعوباتِ التي واجهته في بداية حياته المهنية، وعمل على إصلاح عيوبه وتطوير نفسه، واستطاعَ أن يطوّر أسلوب غناء ميّزهُ عن غيره من المطربين.

عام 1956 كان عاماً مهماً له، حيثُ وجد النجاح الذي كان يتوقُ له بأغنية "Sur Ma Vie" التي أوصلته إلى النجوميّة، وخلالَ ستينيات القرن الماضي، أصدر العديد من الأغاني الناجحة مثل "Il" و "La Mamma".

بحلول الثمانينيّات، بلغ أزنافور قمّة شهرته وساعدته في ذلك قدرتهُ على الغناءِ بالعديدِ من اللغات الفرنسية، والإنجليزية والإيطالية، والإسبانية، والألمانية، والروسية بالإضافة الى عمله مع العديد من الفنانين الذين كتب لهم الكثير من الأغاني.

على الرُغمِ من تقدّمه في السنِّ، حافظ على روح الشباب، واعتبر من أكثر الأشخاص تفاؤلا بشأن المستقبل، واستمر بنشاط منقطع النظير في مجال الموسيقى وعدَ من أكثر الفنانين أداءً&في فرنسا.

ردود حزينة

عند وفاته، قال عنه الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون: "كان فرنسياً أصيلاً مرتبطاً بجذوره الأرمينية، ومحل احتفاء في مختلف أنحاء العالم"، وأضاف ماكرون: "الشعب الفرنسي سيشارك الشعب الأرميني الحداد".

وغرد الرئيس الفرنسي، على "تويتر" قائلاً: "ستبقى أعمالهُ الرائعة وصوتهُ وذكاؤهُ الفريد طويلاً بعد وفاته"، مضيفاً أن موسيقاهُ "صاحبت ثلاثة أجيال في الفرح والحزن".

باريس تكرم الراحل

أشعلت سلطات باريس أنوار برج إيفل الذهبية تكريما للمغني الشهير الذي توفي اليوم الاثنين.

وأعلنت رئيسة بلدية باريس، آن هيدالغو عن ذلك في تغريدة على "تويتر"، وأوقدت الأنوار عند الساعة 21:30 بتوقيت باريس، علما أن الأنوار الذهبية يتم تشغيلها مساء كل يوم على رأس الساعة.

كما تم نصب شاشة كبيرة أمام برج إيفل، عرضت عليها صور ولقطات فيديو لشارل أزنافور، كما صدحت في شوارع باريس أغاني الفنان الراحل.

مقولات خالدة

هو القائل: "تأتي القصائد أولاً ثم تتبعها الألحان"، وهو القائل أيضا: "حتى لو ادّعى أحدٌ ما أنهُ لا ينتظر شيئاً، لكن حتماً في داخله ينتظر شيئاً أو شخصاً".
&