بعد سعي الإدارة الأميركية إلى التخلص بهدوء من "الأونروا" وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في دول إقامتهم في الجوار، كيف سيتصدى المسؤولون اللبنانيون لمسألة التوطين، وكيف يمكن للبنان أن يتحمّل مسؤولياته جديًا تجاه هذا الأمر؟.

إيلاف من بيروت: تسعى الإدارة الأميركية، باعتبارها المانح الأكبر، إلى التخلص بهدوء تام من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا، وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في دول إقامتهم في الجوار، أو تحويل من تبقى منهم إلى المفوضية السامية للاجئين، حتى تتوقف عن توريث صفة "اللاجئ" عن كل فلسطيني لم يهاجر منذ النكبة، في انتظار انتهاء الجيل الأول الذي حضر النكبة.

فهي ترى عدم فاعلية الأونروا وضرورة إصلاحها، أو عدم قدرة أميركا على تحمل الأعباء المالية للأونروا وحدها، وتدعو إلى مشاركة أطراف دولية أخرى، وكلها حجج أكثر عقلانية، وتغطى بالحد الأدنى من القانونية لعرضها على المجتمع الدولي.

لكن أميركا ستواجه تحديًا في طرح الموضوع على الأمم المتحدة، وأخذ موافقة للبدء فيه، وهذا محال بالصياغة الموجودة، لذلك ستستخدم ما لديها من أوراق قوة متمثلة في وقف تمويلها للأونروا، وخلق بديل مالي دولي جديد، خصوصًا "البديل العربي" لتصبح الأونروا ثقلًا عليه يجب التخلص منه، أو تفقد فاعليتها، نتيجة ضعف تمويلها، وتقديم إغراءات سياسية مالية إلى دول الجوار بسنّ قوانين بالتدريج تؤسس للتوطين، أمام معارضة كبيرة من الأردن ولبنان.

فما هو الموقف من التوطين في لبنان، وهل تصمد المعارضة ضد التوطين أمام إلحاح الدول الغربية عليه؟.

الإدارة الأميركية
الوزير السابق سجعان قزي يؤكد في حديثه لـ"إيلاف" أنه "من الخطأ تحميل الادارة الأميركية، وتحديدًا إدارة دونالد ترمب، مسؤولية توطين الفلسطينيين، فكل الإدارات الأميركية منذ عام 1949 وحتى اليوم متواطئة مع إسرائيل بعدم تنفيذ قرار حق العودة لفلسطينيي الشتات، وإذا كان ترمب صرح أخيرًا بأن عودة الفلسطينيين مستحيلة، واقترح إبقاءهم في دول اللجوء، فيستحق الشكر لأنه للمرة الأولى يصرح عن حقيقة الموقف الأميركي، في حين أن الإدارات السابقة أعلنت عن رفضها للتوطين بالكلام وكانت تعمل لأجله. ليس المهم ما هو الموقف الأميركي أو سواه من قضية توطين اللاجئين، إنما المهم هو الموقف اللبناني، فالملاحظ أنه لناحية قضية اللاجئين الفلسطينيين أو النازحين السوريين، أن الدولة اللبنانية بالتكافل والتضامن بين كل مؤسساتها صارت تتذرع بمشروع التوطين الخارجي للفلسطينيين والسوريين لكي تبرر عجزها، عن معالجة هذين الملفين الاستراتيجيين".

يدعو قزي الدولة اللبنانية والجهات المختصة الرسمية إلى "تغيير نهجها في ما خص هذين الموضوعين، ليس علينا أن نسأل ماذا يريد الآخرون، فلتبادر وتطرح مشروعًا تنفيذيًا، لا إعلاميًا، فيهرول حينئذ المجتمع الدولي لمعالجة موضوع اللاجئين".

ويعتبر قزي أن "الدولة اللبنانية على حق في رفضها مشاريع الخارج"، ويشدد على "أهمية قيامها بمبادرات تنفيذية، حيث لن يتحمل المجتمع الدولي موضوع معالجة اللجوء في لبنان"، مضيفًا "هناك مشروع قديم بالنسبة إلى اللاجئين الفلسطينيين يقضي بإعادة انتشارهم على الدول العربية، وغيرها إن شاءت، فلا يتحمل لبنان، وهو البلد الأصغر، المسؤولية الأكبر عن هذا العدد الهائل للاجئين، وهو نصف مليون فلسطيني، وليس 180 ألف لاجئ".

النازحون السوريون
كما يتطرق قزي إلى مسألة النازحين السوريين، ويشدد على "وجوب مبادرة الدولة اللبنانية إلى تنظيم قوافل عودتهم بالآلاف، وليس بالعشرات، وأن تدفع بهم إلى الحدود السورية، ولا أعتقد أن النظام السوري، أكان ديموقراطيًا أو ديكتاتوريًا، أكان عادلًا أم ظالمًا، يستطيع اليوم أن يرفض عودة أبناء سوريا إلى بلادهم، وكفانا قولًا إن أميركا تريد التوطين، والأمم المتحدة تريد دمج النازحين، بل يجب أن ننتقل من رد الفعل إلى الفعل التاريخي لإنقاذ لبنان".

لن يحصل
وزير العدل سليم جريصاتي يؤكد من جهته أن التوطين لن يحصل لأي نازح في لبنان، داعيًا الدول الأخرى المعنية بشأن النازحين إلى أن "تتخذ موقفًا يلائم سيادتها".

أما رئيس حزب "التوحيد العربي" الوزير السابق وئام وهاب فيعتبر في تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن "كلام الرئيس الأميركي الواضح حول التوطين يعني أن الحملة على سلاح المقاومة ستزداد".