السيسي
AFP

رحبت منظمات مجتمع مدني بمصر بحذر بإعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجود "عوار" في قانون تنظيم عمل الجمعيات الأهلية، بعد مرور قرابة عام ونصف العام من تصديقه شخصيا على القانون المثير للجدل، لكن بعضهم أعرب عن عدم تفاؤله من إدخال تعديل جوهري على القانون حال مراجعته.

وكان السيسي استجاب لمقترح بمراجعة القانون قائلا إنه يتفق في الرأي بأنه "كان فيه تخوف أدى إلى أن يخرج القانون بشكل فيه عوار".

وجاءت تصريحات السيسي على هامش منتدى دولي للشباب بمنتجع شرم الشيخ في البحر الأحمر، حيث تمت الدعوة لإجراء حوار مجتمعي بشأن القانون قبل مناقشته أمام مجلس النواب مجددا.

وقال حقوقيون منتقدون للقانون إنهم يرحبون بما قاله السيسي موضحين إنه جاء استجابة لنداءات ومذكرات سابقة وجهها بعضهم لرئاسة الجمهورية قبل وبعد صدوره. لكن بعضهم قال إنه غير متفائل بما قاله الرئيس ولا يثق في إدخال تعديل جوهري على القانون خلال الحوار المجتمعي المرتقب أو داخل مجلس النواب.

" قانون قمعي"

وتوقع الناشط في حقوق الإنسان محمد زارع مدير المكتب المصري لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الذي واجه منع سلفا من السفر، ومن التصرف في أمواله، ووواجه اتهامات قضائية، على خلفية عمله الحقوقي، أن يكون هناك "بعض التغيرات الشكلية التي لا تمت لجوهر القانون القمعي... وما يحتاج للتغيير هو فلسلفة الدولة العدائية تجاه حرية تكوين الجمعيات".

ومن أبرز الانتقادات التي واجهت القانون منذ صدوره أنه يقصر نشاط المجتمع المدني على ميادين التنمية والرعاية الاجتماعية وفق خطة الدولة واحتياجاتها التنموية وأولوياتها، ويحظر مباشرة أى أنشطة سياسية أو حزبية أو نقابية.

وكذلك يحظر القانون نقل أو تحويل أى أموال أو تبرعات إلى أى شخص أو مؤسسة فى الداخل أو الخارج إلا بعد الحصول على تصريح وتصل عقوبة بعض المخالفات للحبس 5 سنوات والغرامة 500 ألف جنيه في حال تشغيل أجنبي دون تصريح أو نقل المقر إلى عنوان أخر دون موافقة الجهات المعنية مسبقا.

ويربط القانون ممارسة الجمعية لنشاطها بحصولها على ترخيص من الجهات المهنية، ويخضع مواردها ونفقاتها مسبقا لهيئة رقابية تضم ممثلين عن أجهزة أمنية مختلفة والجهاز المركزي للمحاسبات.

مطالب واقتراحات حقوقية

أما الحقوقي حافظ أبو سعدة المجلس القومي لحقوق الانسان، وهي مؤسسة رسمية مصرية، فيرى أن القانون الحالي "يقيد المجتمع المدني الحقوقي والتنموي والخيري".

واقترح أبو سعدة، الذي يرأس ايضا المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وهي منظمة غير حكومية، إلغاء البرلمان القانون الحالي وتبني مشروع قانون تم التوافق عليه سلفا بين الحكومة ممثلة في وزارة التضامن وممثلين عن منظمات المجتمع المدني بموافقة الأجهزة الأمنية.

وفي حال التمسك بالقانون الحالي، يقول أبو سعدة إنه لابد من "إلغاء العقوبات السالبة للحرية واستبدالها بغرامات مالية أو عقوبات إدارية، وتطبيق النص الدستوري في المادة 75 التي نصت على ان تنشأ الجميعات الأهلية بالإخطار وليس بالتصريح (الموافقة)".

وقال الحقوقي نجاد البرعي العضو المستقيل سلفا من المجلس القومي لحقوق الانسان ورئيس المجموعة المتحدة إن القانون "أساء للحكومة المصرية وكدر السلم العام لا سيما وأنه كان مرفوضا من الحكومة ومنظمات المجتمع المدني محليا ودوليا".

وأبدى البرعي موافقته على الرقابة على التمويل شريطة "أن تتساوى الجمعيات في التعامل مع مواردها من الجهات الخاجية دون تمييز لجمعية على أخرى".

واعتبر البرعي قرار الرئيس إعادة النظر في قانون الجمعيات الحالي "أول اصطفاف من الرئيس بجوار مطالب منظمات المجتمع المدني واعتراف رئاسي بأن القانون به عوار وهذا يكفيني في هذا المرحلة".

وأضاف "لا أتوقع تعديلات بسهولة أو تعديلات جوهرية لأني لم أرى من هذا البرلمان مشروع قانون يتماشى مع المواثيق الدولية...لا أتصور أن نفس البرلمان بنفس الأعضاء قادر على تلبية دعوة الرئيس".

تحسب برلماني

من جانبه رحب سليمان وهدان وكيل مجلس النواب المصري، في اتصال هاتفي مع بي بي سي، بإعلان الرئيس إعادة النظر في القانون.

لكنه قال إن "الجمعيات الأهلية كانت في وقت من الأوقات وصمة ومشبوهة في تاريخ الحياة العامة في مصر من بين 2005 وحتى ثورة 30 يونيو".

وأضاف "ليس لدينا ادنى مشكلة في تطبيق المعايير والمواثيق الدولية لكن لدينا تخوفات كثيرة من بعض الجمعيات الاهلية التي مارست بعض الممارسات التي خالفت الغرض التي أنشئت من أجله وتدخلت في سياسات الدولة ودربت شبابا وحصلت على توجهات خارجية للإضرار بالأمن القومي والسلم الاجتماعي المصري".

وطالب وهدان بأن تخضع هذه الجميعات للرقابة بكل أشكالها لأن من يخاف من الرقابة يعمل في الخفاء ويريد أن يعبث بمقدرات الدولة".

دعوة للانتظار

ورحب محمد الغول نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بمجلس النواب بفتح حوار مجتمعي بخصوص القانون المثير للجدل.

وقال الغول لبي بي سي "فتح حوار مجتمعي لكل الذين يرتبطون بصورة أو أخرى بالقانون هو شيء ايجابي يثري تعديل القانون والخروج بقانون يتشرف به القانون المصري".

وطالب الغول بـ"التريث حتى نعلم ماهية الخلاف"، وأوضح قائلا "حتى الآن لم يفصح رئيس الجمهورية عن المواد الخلافية في القانون من وجهة نظره ، وبعيدا عن هذا وذاك لن يتقاعس البرلمان المصري عن تعديل القانون عدا ما يمثل تهديدا للأمن القومي المصري".