الرباط: أجمع فنانون ومهنيون مغاربة في السينما والفنون على ضرورة دعم الكفاءات الفنية بدول المهجر من أجل المساهمة في تقدم السينما الوطنية على المستوى الدولي، مع الحرص على تقديم منتوج يعكس عمق المغرب ويلغي الأفكار والصور النمطية، وذلك في ندوة بعنوان"السينما والشتات: الصورة والخيال"، الأربعاء، بمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالرباط.
و قالت مريم العجراوي، أستاذة جامعية في فن السينما بفرنسا، في الندوة التي عقدت على هامش مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف، إن العديد من الأفلام المغربية المعروضة بالخارج و التي تحصل على دعم أوروبي من فرنسا وبلجيكا و إسبانيا، تصطدم برؤية مزدوجة لصناعها، الذين يجدون أنفسهم منقسمين بين إنجاز أعمالهم الفنية وفق منظورهم ورؤيتهم الخاصة للعالم والسينما وبين تكيفهم مع انتظارات الآخرين.
و أشارت إلى أن الأفلام المغربية التي تحظى بمتابعة واسعة في صالات العرض السينمائية في باريس تتناول عموما وضعية المرأة و الحريات الفردية كأفلام"غزية" و"صوفيا" و"much loved"، في مقابل أفلام أخرى لا تحظى بنفس الاهتمام لكونها تناقش تيمات مخالفة، أبرزها أفلام"عرق الشتا" و"وليلي" و"الجاهلية".
و طالب المخرج المغربي كمال مهوتي، المقيم بالمهجر، المسؤولين عن الشأن الثقافي بالبلاد والوزارة المكلفة المغاربة المقيمين بالخارج بدعم الكفاءات المغربية بالخارج والتي تساهم بشكل كبير في تنمية بلادها اقتصاديا، حتى يكون بمقدورها تطوير السينما المغربية وإيصالها للعالمية.
و زاد قائلا:"السينما المغربية حاضرة بقوة لكنها لم تفرض نفسها بالشكل المطلوب عالميا، مما يفرض علينا الاهتمام بمواهبنا ومساندتهم، خاصة أننا لسنا في المغرب على مستوى التحديات و الرهانات المطروحة مقارنة مع ما يحصل في العالم، ثقافتنا تحتضر و السينما هي التي يمكنها إعادة إحيائها من جديد".
و اعتبر المخرج المغربي نور الدين الخماري أن المبدعين مطالبين بإنتاج أعمال سينمائية تعرف بالمغرب عالميا و بالتنوع الحاصل فيه، في ظل وجود صور نمطية فلكلورية جد خطيرة يتم تسويقها عبر التلفزيون، يظهر من خلالها المواطن المغربي بطريقة تقليدية جد محافظة.

و قال الخماري إن ما دفعه لاقتحام عالم السينما هو رغبته في تقديم العديد من المواضيع التي تمس المجتمع انطلاقا من وجهة نظره.
و أضاف المتحدث:"هوسي بالموضوع بدأ في فترة الدراسة بالنرويج، حيث اقترح علينا المدرس مشاهدة الفيلم العالمي"كازابلانكا"، أحسست بالفخر لأنني سأتابع فيلما يمثل بلدي، لأصطدم بعد ذلك بحضور الأميركي والفرنسي و لم أرى نفسي كمغربي، الأمر شكل بالنسبة لي عقدة للاشتغال لاحقا على الموضوع".
و طالب المخرج المغربي الجيل الجديد من مهنيي السينما في بلاده التحرر من السينما الفرنسية والمصرية و الانفتاح على تجارب وثقافات أخرى من دول روسيا وأميركا وكوريا، من أجل الوصول للعالمية.
و ذكر أن تقدم البلاد رهن بوجود سياسة ثقافية فعالة، بدءا من السياسيين المغاربة الذين يلمون فقط بأسماء المخرجين المغاربة، لكنهم في المقابل يجهلون السينما و لا يتابعون الأفلام الوطنية.
و انتقد المخرج المغربي حفيظ ستيتو، عدم إقدام رجال الأعمال في المغرب على الاستثمار في المجال الفني، إسوة بما يقوم به مستثمرون من دول فرنسا والنرويج وغيرها، ممن يدعمون مواهب بلدانهم في مختلف الأشكال الفنية.
و زاد قائلا:"نحن 40 مليون مواطن لكننا نفتقر لصناعة النجم في المغرب، بحيث لا يمكننا التسويق لثقافتنا وفننا دوليا، باستثناء حضور أسماء قليلة، أمثال الفنانين جاد المالح وجمال الدبوز، من الواجب علينا دعم الكوميديين فقد أصبحوا أكثر إنصاتا من السفراء والسياسيين، دون إغفال الاهتمام بالرواد الذين يعانون في صمت رغم عطاءاتهم المتميزة".