واشنطن: يؤكد العديد من الخبراء أن التركيز على التصفيات الجسدية لعناصر المجموعات "الجهادية" من دون العمل على فهم أسباب هذه الظاهرة، إنما يدفع الدول الغربية الى الدخول في حروب بلا نهاية.

وقالت كاترين زيميرمان صاحبة دراسة تحمل عنوان "الإرهاب والتكتيك والتحولات - الغرب في مواجهة السلفية الجهادية"، في هذا الصدد "بصرف النظر عن الإنتصارات التكتيكية على الأرض، فإن الاستراتيجية المطبقة حاليا فشلت".

وأضافت "كل الجنود العاملين على الأرض ومحللي الاستخبارات الذين درسوا هذه المشكلة يدركون ما يجري (..) ويعرفون أن ما نقوم به في سوريا والعراق وغيرهما من الدول، ليس سوى موقت. قد يتراجع التهديد الفوري لكن الاستقرار سيبقى بعيد المنال ولن يؤدي الى أي تقدم".

وأوضحت أيضا "ان القول بأننا سنقتل صانع قنابل تقليدية، أمر سهل (...) لكن ما هو أصعب من ذلك بكثير هو أن نقول +إن حكومتنا همشت المجموعة التي ينتمي اليها هذا الرجل، وأن ذلك هو أحد الأسباب التي جعلت ذلك الفرد ينتمي الى مجموعة ارهابية وبات الأن صانع متفجرات".

وحذر خبراء من أن تنظيم الدولة الاسلامية عاد، بعد هزيمته الميدانية في سوريا والعراق، الى السرية وهو يهيئ ظروف عودته تحت التسمية ذاتها أو تسمية أخرى، لأن أسباب ولادته لا تزال قائمة وتتمثل في غضب قسم كبير من السنة العراقيين والسوريين.

واعتبرت الباحثة أن "الغرب بصدد كسب كافة المعارك لكن مع خسارة الحرب".

قضية تنمية

وفي تحليل ل "التهديد السلفي الجهادي" نشر في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، كتب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن "حتى لو تمكنت الولايات المتحدة وحلفاؤها من اضعاف مجموعات على غرار الدولة الاسلامية، فان الأسباب الكامنة لم تتم معالجتها".

وأضاف خبراء المركز "ان سوء الحوكمة مستمر في المناطق التي تنشط فيها المجموعات السلفية الجهادية. ووجود دولة هشة مع مؤسسات ضعيفة وغير ناجعة يفاقم احتمال اقامة مجموعات متمردة أو ارهابية معاقل فيها".

وقارن الخبراء بين خارطة العمليات التي نسبت لتنظيمي القاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية وحلفائهما مع خارطة "النجاعة الحكومية"، بناء على معطيات البنك الدولي.

والنتيجة أظهرت أن معظم الدول التي تنشط فيها هذه المجموعات كاليمن وسوريا والعراق وأفغانستان وليبيا ومالي ونيجيريا والصومال، هي من ضمن ال 10 بالمئة من الدول الأدنى تصنيفا في مجال متانة المؤسسات.

وتساءل الجنرال المتقاعد جون الين القائد السابق للقوات الاميركية بافغانستان والذي بات اليوم يتولى رئاسة مؤسسة بروكينغز، في مؤتمر الاربعاء بواشنطن، "أين يتعين علينا ان نرصد المشاكل القادمة؟" وأجاب "علينا أن نهتم أكثر بما أسميه +النقاط الساخنة+ وهي الدول الهشة او الفاشلة".

وأوضح "أنها تشكل الأماكن التي تؤدي فيها ظروف العيش الى تطرف قسم كبير من السكان. وكثيرا ما ندرك ذلك بعد فترة طويلة من بدء التطرف".

وأشار الى أنه "قد يصبح احدهم متشددا لكن ليس بالضرورة متطرفا عنيفا" مضيفا "لكن اذا أصبح أحدهم متطرفا عنيفا في هذه المنطقة فهو بالتأكيد يتحدر من أشخاص متشددين. والقضية قضية تنمية أكثر منها مسألة مكافحة ارهاب".

وخلال المؤتمر السنوي الذي تنظمه مؤسسة جيمس تاون، تناول الكثير من المتكلمين المثال العراقي لابراز ثغرات مكافحة "الجهاد".

وقالوا أنه بعد استعادة الحكومة العراقية المناطق التي احتلها تنظيم الدولة الاسلامية، وفي حال لم يتم أخذ مطالب (العرب) السنة فيها في الاعتبار وبينها خصوصا المشاركة في الحكم ورفض الانتشار الواسع للمليشيات الشيعية، فان بروز تمرد سلفي "جهادي" جديد في هذه المناطق لن يكون الا مسألة وقت.