أحمد قنديل من دبي: انطلقت اليوم في قصر الإمارات بالعاصمة أبوظبي، النسخة الأولى من مؤتمر الاقتصاد الرقمي العربي، وتم خلاله إطلاق الرؤية العربية المشتركة للاقتصاد الرقمي، والتي تهدف إلى تفعيل وتعزيز التعاون العربي المشترك المبني على المعرفة الرقمية، وتطوير البنى التحتية التكنولوجية والتشريعية، ودعم خطط التحول الرقمي والتطور التكنولوجي في الدول العربية.

خريطة الاستثمارات

ويعد مؤتمر الاقتصاد الرقمي الذي يعقد برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية،&
المنصة الجديدة لتصميم خريطة استراتيجية للاستثمارات وصياغة السياسات وتطوير التكنولوجيات، عبر تبني إعادة تشكيل العمليات والمنتجات والخدمات باستخدام التكنولوجيا الرقمية.

ويستهدف المؤتمر إنشاء وتأسيس اقتصاد رقمي تعاوني يمكنه أن يساعد مجتمعاتنا على مواجهة التحديات، ويستعرض المؤتمر الذي ينظمه مجلس الوحدة الاقتصادية العربية على مدار يومين، الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا وخطط التحول الرقمي، ومدن المستقبل، والشفافية المالية، والابتكار في تكنولوجيا الرعاية الصحية، والابتكار في المركبات، والبيانات الكبيرة، والواقع الافتراضي و"البلوك تشين"، والطباعة ثلاثية الأبعاد والروبوتات.

وعقد المؤتمر بحضور ممثلين عن الدول العربية، ووزراء المالية والاقتصاد ومحافظي المصارف المركزية وممثلي غرف التجارة والصناعة وكبار رجال الأعمال والمستثمرين، وخبراء عالميين في مجالات الاقتصاد الرقمي، ومشاركين من الأمم المتحدة والبنك الدولي والمفوضية الأوروبية ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

مواكبة التحولات العالمية

ويعقد الحدث لمواكبة التحولات العالمية الكبيرة في مجالات الاقتصاد الرقمي، عبر حشد القدرات العربية والخبرات الدولية وتفعيل التعاون العربي المشترك لتحقيق مجموعة من الأهداف الإيجابية التي من شأنها النهوض بالمجتمعات العربية. ويدعم المؤتمر مجموعات عمل قمة الاستدامة برنامج مؤتمر الاقتصاد الرقمي بالتركيز على الجوانب الرئيسة للابتكار التكنولوجي في قطاعات الصناعات الأساسية، وتأثير الابتكار على مجتمعات اليوم.

ويمثل المؤتمر فرصة للاطلاع على التغييرات التي تعتمد على التكنولوجيا المؤثرة في جميع المجالات، فيما يرتبط بضرورة فهم تطور الأجهزة والبرمجيات والأنظمة، والتعرف إلى علم المواد المطبق في تصنيع الإلكترونيات ومعرفة تطوير خوارزميات محكمة وتطبيقات سهلة الاستخدام الأبواب لفرص لم يسبق لها مثيل.

التكنولوجيا الناشئة

وألقي الدكتور المهندس علي الخوري مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، رئيس مجلس إدارة الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، الكلمة الافتتاحية للمؤتمر،
وقال فيها "إن المنطقة العربية لديها فرصة للتعاون المشترك فى الاقتصاد الرقمى، وهناك فرص&ضخمة للاستثمارات البينية العربية فى البِنى التحتية للاقتصاد الرقمى، وهناك كثير&من الاستثمارات التى تأتى من صناديق الاستثمار العالمية فى مجالات التكنولوجيا تصب فى الوطن العربى".

وأضاف الخورى "يمكن لهذه النخبة من المسؤولين وممثلي&الدول العربية ووزراء المالية والاقتصاد ومحافظى المصارف المركزية وممثلي&غرف التجارة والصناعة وكبار رجال الأعمال والمستثمرين أن تخرج بإطار عمل مشترك يعظم من التعاون العربى"، منوها بأن المنطقة العربية تنعم بعدد كبير من الشباب نحو 60% لم يبلغوا سن الثلاثين.

وشهد اليوم الأول خمس جلسات تتناول نظرة مشتركة للمنطقة العربية ونظرة عالمية وأجندة جديدة للتعليم والعمل والتكنولوجيا الناشئة في المنطقة العربية وأسلوب الحياة في المجتمع الرقمي.
ويشهد اليوم الثاني عرضاً لاستراتيجية الاقتصاد الرقمي العربي وجلسة للرعاية الصحية، والشؤون المالية للاقتصاد الرقمي وتطوير سياسات وتشريعات الاقتصاد الرقمي العربي والتحول الرقمي للتنمية المستدامة، ويختتم فعالياته بعرض النتائج وتقديم التوصيات.

تحديات جسام

وأكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية خلال كلمته في اليوم الأول للمؤتمر، أهمية دعم الاقتصاد الرقمي العربي خاصة في ظل التحديات الجسام التي تواجه المنطقة العربية، والدور المحوري للتكنولوجيا الحديثة في تنمية المجتمعات والاقتصادات بشكل عام.

وتابع أن التطورات السريعة والمتلاحقة في تكنولوجيا المعلومات والتي يشهدها عالمنا اليوم يتمخض عنها نوع جديد من الاقتصاد هو الاقتصاد الرقمي، الذي أصبح يلعب دورا هائلا في تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال خلق فرص استثمارية حقيقية في جميع المجالات والقطاعات، وكذلك في تحقيق الشمول المالي، بما يدعم الاقتصادات في مواكبة الحداثة الاقتصادية العالمية.

حرب القوى الكبرى

وأضاف أبوالغيط "لا يخفى عليكم أن الحرب الدائرة بين القوى الكبرى على الصعيد العالمي تعكس، في جانب مهم منها، سباقًا على التحكم بسوق التكنولوجيا الرقمية وبمستقبله، خاصة تكنولوجيا الجيل الخامس (5G)، إنها حرب ضروس لأن المكاسب هائلة، فما من مفصل في المجتمعات المعاصرة لا تتحكم به وتسيره التكنولوجيا الرقمية.. وعائد الابتكار في هذه التكنولوجيا يفوق معدلات الربحية في غيرها من القطاعات بما لا يقارن، بل إن امتلاك ناصيتها يدفع بقطاعات الاقتصاد الأخرى إلى الأمام".

وقال "إننا أمام ثورة متكاملة تحركها التكنولوجيا الرقمية وتقودها تطبيقات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة (بيج داتا).. البعض أطلق عليها الثورة الصناعية الرابعة للإيحاء بشدة تأثيراتها في مختلف مناحي الحياة، على غرار ما فعلت الثورة الصناعية الأولى، ولا ينبغي أبدًا أن نسمح أن تخرج أوطاننا من هذه المعركة خالية الوفاض، أو أن تقنع بمكان متأخر في هذه المنافسة الطاحنة. مشيرا إلى أنه "لما كان الإبداع والابتكار هو المحرك الرئيسي لهذه الثورة الجديدة، فإن عالمنا العربي يجد نفسه بين خيارين لا ثالث لهما، إما الابتكار أو الاندثار.. إما أن نسارع إلى إعداد بنيتنا التعليمية وأسواق التوظيف لدينا لكي تواكب هذه المتغيرات العميقة في بنية الاقتصاد الحديث، وإما نواجه خطر التهميش والتقويم.

توترات ونزاعات

ومضى أبوالغيط يقول "إن منطقتنا تواجه تحديات غير عادية تحمل دولها على الالتفات لقضايا الأمن والسلم أكثر من غيرها، وبالرغم مما تشهده المنطقة من توترات ونزاعات وصراعات مسلحة، إلا أن هناك حكومات تبذل جهودا مشهودة وجريئة لمواكبة الآليات والمفاهيم الاقتصادية الحديثة، وهي الجهود التي لابد وأن تحظى بمساندة ودعم من الجميع، كما ينبغي أن تتواصل سياسات الإصلاح المالي وتحسين المناخ التشريعي والإجرائي من أجل إطلاق كافة الإمكانيات الاقتصادية الكامنة في المجتمعات العربية وجذب مزيد من الاستثمارات المباشرة.

وأضاف "لقد حان الوقت لكي تستفيد البلدان العربية بالشكل الأمثل بما تزخر به من قدرات بشرية، ومواقع جغرافية هامة ومحورية، وموارد مالية وجيولوجية كافية لتحقيق النهضة المنشودة ووضع دولنا في المكانة التي تستحقها بين مصاف الدول المتقدمة والمتطورة.. لا يعقل على سبيل المثال أن حجم أسواقنا الالكترونية لا تزيد عن 1% من حجم السوق الالكتروني العالمي، كما لا يعقل أيضًا أن يتعذر على المواطن العربي التعامل بفاعلية مع تطبيقات التكنولوجيا المالية التي تغزو العالم المصرفي بمعدل غير مسبوق في تسارعه، فكل يوم يتضح بصورة أكبر تأثير التضافر بين التطبيقات التكنولوجية، خاصة في مجال الاتصالات، من ناحية، وبين العمل المصرفي من ناحية أخرى، حيث تلعب التطبيقات التكنولوجية دورها في تحقيق الشمول المالي".

حوكمة الإنترنت

وأكد أن جامعة الدول العربية تسعى دائما لمواكبة التطورات الجارية من حولها في جميع المجالات والقطاعات وتبني أفضل الممارسات لتفعيل وتعزيز أداء منظومة العمل العربي المشترك، وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى الشراكة فيما بين جامعة الدول العربية ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا في إطار مبادرة خارطة الطريق لحوكمة الإنترنت إقليميًا ودوليًا، لتكون مجموعة الدول العربية من ضمن أولى المجموعات الإقليمية التي تعمل على صياغة خارطة طريق لحوكمة الإنترنت على المستوى الإقليمي.
ولفت إلى أن "هناك تطورا في بعض الدول العربية لا تغفله العين، حيث تحتل بعض الدول العربية ومن بينها الإمارات مكانة متقدمة بين دول العالم من حيث استخدام شبكة الإنترنت في ضوء تضاعف معدل تدفق البيانات العابرة للحدود التي تربط منطقتنا العربية ببقية دول العالم خلال العقد الماضي بما يتجاوز 150 ضعفا، وفي هذا المجال حققت عدة دول عربية قفزة واسعة في قطاع الاستهلاك الرقمي من حيث ارتفاع معدلات الاعتماد على الهواتف الذكية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي".

وشارك سييم سكوت كبير مسؤولي المعلومات في حكومة أستونيا في الجلسة الرابعة الخاصة بالتكنولوجيا الناشئة في المنطقة العربية وكيفية تأطيرها وتعزيزها من ناحية التشريعات والبنى التحتية التكنولوجية. وشارك في الجلسة أمين عام المنظمة العربية لتكنولوجيا الاتصال بالمعلومات المهندس محمد بن عمر.

المجتمع الرقمي والمدن الذكية

وانتهت أعمال اليوم الاول للمؤتمر باستعراض أسلوب الحياة في المجتمع الرقمي والمدن الذكية بمشاركة سعادة الدكتور خالد السلامي مدير عام وحدة الإدارة الإلكترونية ونقطة اتصال لبرنامج شراكة الحكومة المفتوحة لرئاسة الحكومة في جمهورية تونس والسيد جواو فاسكونسيالس محلل سياسات الحكومة الرقمية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

حضر انطلاق المؤتمر الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الإماراتي، ورئيس الوزراء الغيني إبراهيما كاسوراى فوفانا وسلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد والمختار ولد انجاي وزير المالية والاقتصاد في موريتانيا وبي عارفي ترميدي وزير الاقتصاد والاستثمار في جيبوتي وعمر الباهي وزير التجارة في جمهورية تونس وعبدي يوسف سوجيه وزير الإعلام المكلف بالبريد والاتصالات الجيبوتي ورقية الدرهم وزير دولة وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي في المغرب وصوفي ليندن مفوض الامم المتحدة وطارق حلمي الوزير السابق للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري والدكتور محمد يوسف الهاشل محافظ البنك المركزي الكويتي وطارق عامر محافظ البنك المركزي المصري وطميم إبراهيم المدير العام للوكالة الوطنية للاقتصاد الرقمي لجمهورية القمر المتحدة،&اضافة الى ممثلين عن عدد من السفارات العربية والأجنبية في الدولة وممثلين عن الأمم المتحدة والبنك الدولي ومنظمة التعاون الدولي والتنمية والمنتدى الاقتصادي العالمي.