اتهمت منظمة حقوقية دولية السلطات الأميركية اليوم بإعادة عراقيين مقيمين على أراضيها قسرًا إلى بلدهم، ما يعرّضهم للاعتقال، مشيرة إلى&ترحيل 30 عراقيًا أخيرًا، فيما ينتظر ترحيل 1100 آخرين. ولفتت&إلى أن القانون الدولي يمنع إعادة أي فرد إلى بلد قد يتعرّض فيه لخطر التعذيب، ومن المخزي استخدام المسؤولين الأميركيين التهديدات والترهيب لإجبار العراقيين على العودة في ظروف كهذه .

إيلاف من لندن: قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الأميركية الدولية في تقرير لها الخميس تابعته "إيلاف"، إن السلطات الأميركية رحّلت 30 شخصًا على الأقل إلى العراق من أصل 1.400 من أصول عراقية، مع تهديد بعضهم بالسجن لفترات طويلة في حال عدم موافقتهم على الترحيل، موضحة أنه في جميع الحالات التي إطلعت عليها يفتقر المبعدون لوثائق هوية صالحة، ما يعرّضهم لخطر الاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة في العراق.

وأشارت إلى أنه قبل "حظر السفر" الذي أصدره الرئيس ترمب&في يناير &2017، لم تكن الحكومة العراقية تقبل أي مواطن معاد قسرًا، لكن بعد فترة وجيزة من الحظر، الذي منع مواطني 7 دول ذات غالبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة، ومنها العراق،&وافق على استقبال طائرة صغيرة تضم مبعدين، وعلى تسهيل ترحيلهم، ثم أزال البيت الأبيض لاحقًا العراق من القائمة.&

دعوة إلى&وقف الترحيل

&وقالت لما فقيه نائبة المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش "أي شخص يعيش في العراق بلا وثائق هوية عراقية صالحة عرضة للاعتقال التعسفي وسوء المعاملة وعلى "وكالة إنفاذ الهجرة والجمارك الأميركية" وقف جميع عمليات ترحيل العراقيين حتى تحصل على ضمانات بعدم تعرّضهم للاعتقال وسوء المعاملة، على العراق ضمان منح جميع المبعدين العراقيين وثائق هوية عراقية صحيحة قبل عودتهم".

وأوضحت هيومن رايتس ووتش أنها قابلت في سبتمبر &وأكتوبر &2018، &6 رجال رُحِّلوا إلى العراق بين مايو&وأغسطس&الماضيين، فقال 3 منهم إن عناصر وكالة إنفاذ الهجرة والجمارك (الوكالة) والممثلين القنصليين العراقيين اتصلوا بهم خلال احتجازهم لدى إدارة الهجرة، وهددوهم بالسجن لسنوات إن لم يوقعوا على الأوراق العراقية بالموافقة على الإبعاد. وقال اثنان إن عنصرَيْ الوكالة اللذين رافقاهما من الولايات المتحدة إلى البحرين كرّرا تهديدات فضفاضة في حال المماطلة في العودة، وأجبراهما على التوقيع على وثائق لا تزال طبيعتها غير واضحة.&

تهديدات وتخويف

وقال رجل عمره 26 عاما إنه، قبل أن يستقل طائرته من البحرين إلى بغداد، طالبه العنصران من الوكالة، اللذان كانا يرافقانه من الولايات المتحدة، بتوقيع وثيقة بحسب ما يذكر. وقال له أحد العنصرين "إذا لم توقع على الأوراق، سنرسل إيميل إلى الحكومة العراقية ونبلغهم عن نوع الجرائم التي ارتكبتها، وكيف رحّلناك، ستسجن هناك، والله أعلم إلى متى سيبقونك. في السجن، سيجلبون رجلا لديه وشم مثل هذا وسوف يغتصبونك".

ثم رحّلت الوكالة شخصًا واحدًا على الأقل في انتهاك لأمر محكمة صدر في أغسطس&وفقا "للاتحاد الأميركي للحريات المدنية" (الاتحاد)، الذي يتفاوض على عودة هذا الشخص إلى الولايات المتحدة.

وبعد موافقة العراق على استقبال المبعدين اعتقلت الوكالة أكثر من 300 عراقي، واحتجزتهم، وأُمروا بالرحيل، رغم إقامة العديد منهم بصورة قانونية في الولايات المتحدة لعقود وامتلاكهم روابط عائلية ومجتمعية واسعة هناك.

ترحيل حتى في حال الحصول على إقامة شرعية

ووثقت هيومن رايتس ووتش لفترة طويلة عدم أخذ نظام الهجرة الاميركي بالاعتبار العلاقات الأسرية والعلاقات طويلة الأمد الأخرى في قرارات الترحيل، فقد أُمر البعض بالمغادرة لإدانات جنائية، بما فيها جرائم وجنح قديمة، حيث إنه بموجب القانون الأميركي يمكن ترحيل حتى من يحمل إقامة دائمة شرعية لدى ارتكابه واحدة من طيف واسع من المخالفات، حتى البسيطة منها، كحيازة الماريجوانا. أُمر آخرون بالمغادرة لمخالفات الهجرة، مثل تجاوز مدة التأشيرة.&

1100 عراقي&آخر&مهددون بالترحيل

وأكدت المنظمة ان حوالي &1,100 عراقي إضافي تقريبًا لم يُعتقلوا يواجهون احتمال الاعتقال والترحيل ووفقا للاتحاد، أبعدت الوكالة 30 شخصا على الأقل من بين أكثر من 1,400 عراقي صدرت أوامر بترحيلهم.

فقد رفع الاتحاد دعوى قضائية جماعية، واستصدر امرا قضائيا اوليا في 24 يوليو &2017 بتعليق ترحيل نحو 300 عراقي على امتداد البلاد. تبين مستندات أُفرج عنها أخيرًا في دعوى الاتحاد أن الوكالة، في معارضتها الإفراج عن المعتقلين، قدمت معلومات مضللة بالقول إن العراق مستعد لاستقبالهم. في 20 نوفمبر،&فقضت المحكمة بأن الوكالة قدّمت أدلة "زائفة بشكل ظاهر" لإبقاء العراقيين محبوسين. وأمرت المحكمة بأنه ما لم يتم إبعادهم من قبل الوكالة بحلول 20 ديسمبر &أو في حال وجود ظروف استثنائية أخرى، يجب الإفراج عنهم.&

وفعلا أُفرج عن العديد من المعتقلين في أواخر ديسمبر ، لكنهم ما زالوا عرضة لخطر الترحيل في المستقبل. &

اتفاق واشنطن وبغداد على الترحيل

وأقر جوزيف دارو، محامٍ عن الوكالة، في 24 أكتوبر في المحكمة بأن هناك اتفاقا بين الولايات المتحدة والعراق لترحيل جميع المواطنين العراقيين الحاصلين على أوامر إبعاد، وهم حوالي 1,400 شخص، كثيرون منهم لا يريد العودة.

وتدرس دول أخرى أيضا ترحيل العراقيين. في أواخر ديسمبر،&حيث نقلت وسائل إعلام عراقية أن هولندا بدأت بترحيل العراقيين الى بلدهم بدون تقديم أي وثائق صالحة عند وصولهم إلى أربيل الشمالية، بينما قد أعربت دول أخرى، منها المانيا، عزمها فعل الشيء نفسه.

مكتبا عبد المهدي والوكالة الاميركية لم يردًا

واشارت هيومن رايتس ووتش الى ان الأشخاص الذين لا يحملون وثائق هوية أو أوراق سفر من المرجح احتجازهم إذا أُوقفوا عند نقطة تفتيش، وهذا يعرّضهم لخطر الاحتجاز والتعذيب، وهو أمر منتشر في مراكز الاحتجاز العراقية.

وكتبت هيومن رايتس ووتش إلى محمد طاهر الملهم، مدير مكتب حقوق الإنسان في المجلس الاستشاري لرئيس الوزراء العراقي، في 12 ديسمبر الحالي تستفسر عن موقف العراق من العودة القسرية، وسألته عما إذا كانت الحكومة تتخذ أي خطوات لمنع موظفيها القنصليين في الولايات المتحدة من إجبار العراقيين على العودة بتهديدهم بالحبس لسنوات، وما إذا كان الموظفون القنصليون يصدرون وثائق صالحة للعائدين، ويضمنون عدم احتجازهم، لكن المنظمة لم تتلق ردًا.

اضافت هيومن رايتس ووتش انها كتبت أيضا إلى رون فيتييلّو، القائم بأعمال مدير الوكالة، في 17 ديسمبر، تستفسر عن الخطوات التي تتخذها الوكالة لضمان عدم قيام عناصرها بإجبار العراقيين على العودة إلى العراق بتهديدهم بالسجن لسنوات، وعدم قيامها بترحيل العراقيين ما لم يحصلوا على هوية عراقية صحيحة من العراق. إلا أنها لم تتلق ردا.

الاميركيون يمارسون ترهيبًا مخزيًا&

واوضحت المنظمة انه إذا أراد الناس العودة، ينبغي للسلطات العراقية أن تصدر لهم وثائق مدنية كاملة لضمان قدرتهم على العودة والعيش في البلاد بأمان. وإلى أن تكون السلطات العراقية مستعدة للقيام بذلك &على السلطات الأميركية إطلاق سراح معتقلي الهجرة العراقيين كما ينبغي للسلطات العراقية والأميركية التحقيق في ادعاءات المسؤولين عن الإكراه ومعاقبة العراقيين ليوافقوا على العودة إلى العراق، واتخاذ تدابير لإنهاء جميع الإجراءات القسرية.

كما ينبغي للسلطات العراقية اتخاذ تدابير لضمان عدم إخضاع العائدين للاحتجاز التلقائي، وتمكينهم من مغادرة المطار والتحرك بحرية في مختلف أنحاء البلاد.

وقالت فقيه نائبة المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش ان "القانون الدولي واضح؛ لا يمكن إعادة أي فرد إلى بلد قد يتعرض فيه لخطر التعذيب، و من المخزي استخدام المسؤولين الأميركيين التهديدات والترهيب لإجبار العراقيين على العودة في ظروف كهذه".
&