إيلاف من القاهرة: للوهلة الأولى، تبدو نور البالغة من العمر11 شهرًا كأي طفلة أخرى. ترسم خصل شعرها الأسود حدود وجهها المستدير وتستكشف عيناها الصغيرتان محيطها وهي متربعة في أذرع أبيها. لكن على عكس حديثي الولادة الآخرين في سنها، خاضت نور أول معركة لها، وانتصرت.

ولدت نور لأبوين من اللاجئين سوريين، فروا من أهوال الحرب في بلدهم الأم، واستقروا في مدينة الإسكندرية في مصر. عانت الصغيرة من عيب خلقي في القلب يسبب خللًا &في التنفس، ويعوق النمو بين المواليد الجدد.

&فمنذ ولادتها وعلى مدار أشهر عديدة، لم يزد وزنها على ثلاثة كيلوغرامات، وكانت رئتاها الصغيرتان تعانيان من أزمات في التنفس تلقي بظلالها الزرقاء على جسدها. وقالت والدتها: "لا يوجد أصعب من أن تشاهد أطفالك يعانون، ولا يوجد ما يمكنك فعله حيال ذلك" .

مع مرور الوقت، أصبحت نور في حاجة إلى تدخل جراحي عاجل بعدما تم نقلها إلى قسم العناية المركزة لحديثي الولادة لمدة ثلاثة أشهر، بينما كان البحث عن مستشفى يستقبل حالتها جاريًا. رفض عدد من المستشفيات حالتها خوفًا من مضاعفات ما بعد الجراحة من ناحية، وارتفاع تكلفة العملية من جهة أخرى.

في ضوء ذلك، تواصلت منظمة كاريتاس شريكة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مع بعض المراكز الطبية حتى تم التوصل إلى طبيبة متخصصة في علاج الأطفال الذين يعانون من هذه العيوب، وقامت المفوضية بتغطية تكاليف العملية بالكامل.

في صباح يوم العملية، شبك والدا نور يديهما، وشرعوا في الدعاء من أجل ابنتهما، أثناء انتظارهما خارج غرفة العمليات في المستشفى. بعد ساعات، خرجت الطبيبة لتعلن نجاح العملية. وأخيرًا، بدأ قلب نور في النبض بشكل منتظم ليتنفس والداها الصعداء وسط سعادة غامرة.

يعتبر ضمان الوصول إلى الرعاية الصحية عنصرًا أساسيًا في أنشطة الحماية وبرمجة المفوضية. وفي عام 2016، تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة الصحة ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والتي بموجبها يستطيع جميع اللاجئين وملتمسي اللجوء من جميع الجنسيات الحصول على الرعاية الصحية الأولية والأساسية والطارئة في المستشفيات الحكومية.

إضافة إلى ذلك، تدعم المفوضية توفير خدمات الرعاية الصحية الأولية، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض القلب والاضطرابات التنفسية المزمنة، فضلاً عن خدمات الصحة العقلية وخدمات الصحة الإنجابية لحالات الحمل المعقدة.

بالتنسيق مع وزارة الصحة والسكان، قامت المفوضية، من خلال شركائها، بتقديم أكثر من 100 ألف استشارة صحية أولية للاجئين وطالبي اللجوء من جميع الجنسيات، وغطت أكثر من 6 آلاف إحالة إلى الرعاية الصحية الثانوية.

مع ذلك، يشهد نقص التمويل الموجه للنازحين قسرًا في العالم انخفاضًا مستمراً، إذ بالكاد تتم تلبية أكثر من نصف الاحتياجات على مستوى العالم، مما يزيد من الصعوبات والمخاطر التي يواجهها العديد من اللاجئين وغيرهم من النازحين والمجتمعات التي يعيشون فيها. في مصر، يتزامن هذا النقص في التمويل مع زيادة في تكاليف الرعاية الصحية، فضلًا عن زيادة في التسجيلات الجديدة مع المفوضية في مصر. ويتحمل اللاجئون وملتمسو اللجوء وطأة نقص التمويل، مما يجبرهم على اللجوء إلى تدابير يائسة مثل الاستغناء عن الرعاية الصحية أو التعليم، وعمل الأطفال والزواج المبكر.

وفي عام 2018، تمت تلبية %56 فقط من الاحتياجات التمويلية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر، مما يعني أن هناك العديد من الخدمات الإنسانية والطبية معرّضة لخطر الانقطاع. وهذا يشمل الوصول إلى الرعاية الصحية مدى الحياة والمساعدة النقدية الأساسية للعائلات والتي من خلال يستطيع الأهل الإبقاء على الأطفال في التعليم.

في ضوء ذلك، تكرر المفوضية نداءها إلى المانحين الذين يقدمون مساهمات سخية للاجئين وملتمسي اللجوء في مصر والمجتمع المضيف، لزيادة دعمهم للحفاظ على مستوى الخدمات المقدمة للمجتمعات المعنية.


&