«إيلاف» من لندن: دعت منظمات دولية استشارية في الامم المتحدة الى إطلاق لجنة للتحقيق في قضية اعدام النظام الايراني لثلاثين الف معارض سياسي عام 1988 من أجل وضع حد للإفلات من العقاب ومنع المصير نفسه للمحتجين المحتجزين حاليا.

وخلال جلسة عقدتها اليوم في جنيف منظمات انسانية وحقوقية غير حكومية فقد تم الاستماع إلى شهود وخبراء قانونيين حول مذبحة السجناء السياسيين في إيران في عام 1988وهي الجلسة الاولى من نوعها من قبل المنظمات غير الحكومية بجنيف حيث طالبت الامم المتحدة بإتخاذ اجراء فورى لمعالجة الموجة الحالية من الاعتقالات الجماعية والقتل فى السجون الايرانية عقب الاحتجاجات الاخيرة المناهضة للحكومة.

لجنة تحقيق دولية

كما حثت المنظمات مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان على إنشاء لجنة للتحقيق في المذبحة التي استمرت لبضعة اشهر والتي أعدمت خلالها السلطات الايرانية حوالي 30 ألف سجين سياسي معظمهم من نشطاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية .

وخلال جلسة الاستماع هذه فقد أكد قضاة الأمم المتحدة السابقون وكبار مسؤولي حقوق الإنسان وخبراء ودعاة حقوق الإنسان أن هذا التحقيق الذي طال انتظاره أصبح الآن ضرورة حاسم بشكل خاص في ضوء اعتقال آلاف المتظاهرين السلميين المناهضين للحكومة مؤخرا حيث توفي العديد منهم أثناء احتجازهم لدى السلطات التي مارست ستى انواع التعذيب معهم.

ومنذ 28 ديسمبر كانون الأول الماضي شهدت المدن الايرانية خروج موجة من الاحتجاجات استمرت لا اسبوعين في جميع أنحاء البلاد بشكل احدث صدمة لنظام دفعته الى اعتقال آلاف الإيرانيين وقتل أكثر من 50 شخصا، منهم 11 على الأقل تحت التعذيب فيما يتعرض كثيرون آخرون لخطر مصير مماثل.

جريمة ضد الانسانية

واجمع المشاركون فى جلسة اليوم على ان مذبحة 1988 تشكل بوضوح جريمة ضد الانسانية.. وشددوا على أن المجتمع الدولي وخاصة الأمم المتحدة ملزمون باتخاذ جميع التدابير اللازمة لوضع حد للإفلات من العقاب في هذه القضية، وحذروا من أن عدم محاسبة طهران قد شجع "حكم الاستبداد الديني" على مواصلة انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان. 

واشاروا الى انه وفقا لقرار الاتهام الذي قدم في جلسة الاستماع، لا يزال العديد من كبار مرتكبي مجزرة عام 1988 على قيد الحياة حتى اليوم، بل وما زالوا يشغلون مواقع بارزة في السياسة والقانون الإيرانيين.

وقُدمت لائحة الاتهام من قبل المحامية البريطانية ، كيرستي بريملو حيث عرضت أدلة وافرة تثبت أن مذبحة 1988 تشكل جريمة ضد الإنسانية .

وقد نظم هذا الحدث الذي استمر يوما واحدا من قبل لجنة العدالة لضحايا مجزرة 1988 في إيران ورعتها أربع منظمات غير حكومية ذات صفة استشارية لدى الأمم المتحدة.

أنهاء الافلات من العقاب

وقال البروفيسور جان زيجلر نائب رئيس اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة ان الوقت قد حان للامم المتحدة لانهاء الافلات من العقاب على مرتكبي مجزرة 1988. كما أوضح الدكتور خوان غارسيس، كبير المحامين في القضية الإسبانية ضد الجنرال بينوشيه، أنه يجب التحقيق في هذه الجرائم بموجب القانون الدولي.

ومن جهته قد طاهر بومدرا المسؤول السابق في الامم المتحدة حول حقوق الانسان الذي كتب كتابين عن مجزرة 1988 قدم صورة كاملة عنها وفشل الامم المتحدة في اتخاذ الاجراءات المناسبة ضد منفذيها. ودعا المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى إطلاق لجنة دولية للتحقيق في الجريمة.

كما تحدث اريك سوتاس، الأمين العام السابق للمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، عن ضرورة قيام المجتمع الدولي بالتحقيق في الجرائم المرتكبة في عام 1988 في إيران.

كما استمعت الجلسة إلى شهادات شفوية من الناجين وشهود العيان على المجزرة حيث روى مصطفى نادري، الذي كان مسجونا في الفترة من عام 1981 إلى عام 1992 لكونه مؤيدا لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية ونجا بأعجوبة من مجزرة عام 1988، روى عذابات السنوات الاحد عشر التي أمضاها في السجن، بما في ذلك خمس سنوات في الحبس الانفرادي.

وقد تضمنت هيئة رئاسة المحكمين جيفري روبرتسون، رئيس غرف دوتي ستريت في المملكة المتحدة، وقاضي استئناف سابق في المحكمة الخاصة لسيراليون التابعة للأمم المتحدة، والبروفيسور إيريك ديفيد، الأستاذ الفخري للقانون الدولي في جامعة ليبر دي بروكسيل. وقدم محكمو جلسة الاستماع ملاحظاتهم الختامية حيث استنتج كل منهم استنادا إلى الأدلة المقدمة، أن الأمم المتحدة ملزمة بالتحقيق في مجزرة عام 1988 في إيران.

الاف السجناء اعدموا بفتوى من خميني

وكانت المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في إيران عاصمة أجهانغير قد اشارت في تقريرها الصادر في 14 آب أغسطس 2017 إلى أنه "بين تموزيوليو وآب أغسطس 1988، الى ان آلاف السجناء السياسيين والرجال والنساء والمراهقين أعدموا وذلك بناء على فتوى صادرة عن المرشد الأعلى آنذاك آية الله الخميني. 

وفي كانون الثاني يناير 1989، أعرب الممثل الخاص للجنة حقوق الإنسان المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران رينالدو غاليندو بول عن قلقه إزاء "إنكار العالم" لعمليات الإعدام ودعا السلطات الإيرانية إلى إجراء تحقيق ولا يزال يتعين اجراء مثل هذا التحقيق ".

كما جاء في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى الجمعية العامة للامم المتحدة عن "حالة حقوق الإنسان في جمهورية إيران الإسلامية" في 31 تشرين الأول أكتوبر 2017 "واصلت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تلقي عدد كبير من الشكاوى من عائلات ضحايا عمليات الإعدام التي وقعت في عام 1988.