أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاويش اوغلو أن الحكومة التركية ستمنح الجنسية التركية لأحفاد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني المقيمين في الخارج.

جاء تصريح الوزير التركي خلال استقباله لمجموعة من أحفاد وحفيدات السلطان بمناسبة مرور قرن على وفاة عبد الحميد.

وقال إن الحكومة التركية أبلغت البعثات الدبلوماسية التركية في مختلف أنحاء العالم بضرورة الاهتمام بأحفاد وأقارب السلطان المقيمين في الخارج وهذه توجيهات الرئيس رجب طيب أردوغان حسب قوله.

وكان أردوغان قد صرح في الذكرى المئوية لوفاة عبد الحميد "إن الجمهورية التركية الحالية هي استمرار للامبراطورية العثمانية" وانتقد من يحاولون ما وصفه وضع فاصل بين الدولة العثمانية والجمهورية التركية الحالية.

دعم مباشر

وعرض التلفزيون التركي الرسمي قبل أشهر قليلة مسلسلا يحمل عنوان "عاصمة عبد الحميد" مؤخراً تناول حياته بمزيد من التمجيد والثناء وبدعم مباشر من الرئيس أردوغان.

مقابل الثناء والمديح الكبير الذي يسبغه أردوغان والعديد من الأتراك وغير الأتراك على عبد الحميد هناك العديد من الروايات والدراسات التي تقدم صورة سلبية عن عبد الحميد.

وقالت صحيفة الديلي تليغراف الأسبوع الماضي بهذه المناسبة "بينما يرى البعض السلطان عبد الحميد الثاني شريرا بسبب طغيانه ومجازره ضد أبناء الامبراطورية التركية في الداخل واشعال نار الكراهية الدينية، يراه آخرون شخصا متواضعا، تقيا ورعا، هتم كثيرا بأمور رعيته رغم أنه اغتنى على حسابهم".

رجال في ملابش الجنود الانكشاريين العثمانيين
Reuters
يسعى اردوغان إلى احياء الماضي العثماني لتركيا

صدفة

تقول الموسوعة البريطانية إن عبد الحميد ولد عام 1842 في مدينة اسطنبول وهو ابن السلطان عبد المجيد ووالدته شركسية وفي روايات اخرى أنها كانت من أصول أرمنية.

تولى عبد الحميد العرش عام 1876 بعد الاطاحة بشقيقه مراد الرابع بسبب الأزمة النفسية العميقة التي كان يمر بها. وقبل ذلك بأشهر قليلة كان شقيقه السلطان عبد العزيز قد أقدم على الانتحار وتم اغتيال وزيرين كبيرين في حكومة مراد الرابع.

وفي نفس العام تم إعتماد أول دستور في السلطنة بهدف التصدي لمحاولات تدخل الدول الأجنبية في شؤون السلطنة الداخلية، في وقت كان أبناء بلغاريا يتعرضون لقمع دموي على يد الجنود الأتراك بسبب انتفاضتهم ضد الحكم التركي في مايو/آيار 1876 وقتل 15 ألف مدني بلغاري قرب بلوفديف لوحدها. كما أن النجاح الذي حققته تركيا في صربيا والجبل الأسود أثار القلق لدى الدول الغربية وروسيا.

وبعد الهزيمة الكبيرة التي تعرضت لها تركيا في حربها مع روسيا عام 1977 اقتنع عبد الحميد أن الدول الغربية لن تقدم له المساعدة دون مقابل أو تدخل في الشؤون الداخلية للسلطنة.

الحكم بالفرامانات

حل عبد الحميد البرلمان الذي انعقد مرة واحدة في مارس/آذار 1877 وأوقف العمل بالدستور في فبراير/شباط 1878 وبعد ذلك حكم من قصر يلدز في اسطنبول لمدة اربعين عاما بواسطة الفرامانات وجهاز البوليس السري والرقابة الشديدة ونظام الاتصالات البرقية الذي تم توسيعه ليشمل مختلف أنحاء الامبراطورية.

وعقب احتلال فرنسا لتونس 1882 وعودة الحكم الانجليزي المباشر لمصر 1899 توجه عبد الحميد إلى ألمانيا طلبا للمساعدة مقابل منحها امتيازات مختلفة وعلى رأسها بناء سكة حديد يربط اسطنبول بالخليج مرورا ببغداد.

لكن إخماد الثورة الأرمنية عام 1894 والأزمة حول جزيرة كريت والتي أدت في النهاية إلى الحرب بين اليونان وتركيا عام 1897 أدت في النهاية إلى التدخل الغربي في شؤون السلطنة.

لجأ عبد الحميد إلى رابطة الدين الاسلامي التي كانت تجمع معظم أبناء الامبراطورية لتعزيز سيطرته على السلطة وحكمه الفردي في الداخل ونفوذه في أوساط المسلمين خارج الامبراطورية وهو ما خلق مشاكل لقوى الاستعمار الغربي في حكم المجتمعات المسلمة، وسكة قطار اسطنبول - الحجاز كانت أبرز مثال على ذلك حيث تبرع لهذا المشروع العملاق المسلمون من مختلف أرجاء العالم.

على الصعيد الداخلي قام عبد الحميد بعدد من الاصلاحات الكبيرة فقد أنشأ 18 مدرسة مهنية من بينها مدرسة "دار الفنون" التي تحولت إلى جامعة اسطنبول عام 1900 كما انتشرت المدارس الابتدائية والثانوية والحربية في معظم أنحاء السلطنة وجرى تنظيم وزارة العدل وتطوير السكك الحديدية ونظام الاتصالات البرقية.

لكن تسلط وطغيان عبد الحميد والشعور بالغضب من التدخل الأوروبي في البلقان أدى في النهاية إلى سطيرة الضباط أعضاء جمعية "تركيا الفتاة" على مقاليد الأمور عام 1908. وبعد محاولة تمرد قصيرة لاعادة عبد الحميد الى سدة الحكم في ابريل/نيسان 1908 تم عزله نهائيا و تنصيب شقيقه السلطان محمد الرابع.