تتكرر الأفلام التي تتناول وقائع صحفية وسير صحف كان لها دورها في التأسيس لأزمات تواجهها السلطة بسبب أخطائها. إنها السينما التي تنسج بخيالها صورة واضحة ومعبرة لواقع الصحافة ودورها في مجتمع ديمقراطي.

إيلاف من لندن: يمثل فيلم "ذا بوست"، من بطولة توم هانكس وميريل ستريب وإخراج ستيفن سبيلبرغ، تكريمًا للسلطة الرابعة. فهو دراما وثائقية عن قرار صحيفة واشنطن بوست في عام 1971 نشر "أوراق البنتاغون" المسربة التي تعترف فيها الحكومة بأن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تربح الحرب في فيتنام. بلغت إيرادات الفيلم حتى أوائل فبراير 73 مليون دولار في الولايات المتحدة وحدها.

فاق التوقعات

لا يخفي سبيلبرغ انه أسرع بانجاز فيلم "ذا بوست" لمواجهة هجمات الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الصحافة. وأظهرت استطلاعات في هذه الأثناء حدوث زيادة متواضعة في ثقة الجمهور بالصحافة، وبدايات ردة فعل ضد الاتهامات التي توجه اليها بترويج "أخبار كاذبة".

اعتُبر الفيلم في البداية دراما إنسانية عن كاثرين غراهام، الوريثة التي وجدت نفسها ناشرة صحيفة واشنطن بوست، وأثبتت انها أشجع مما كانت تتصور إدارة الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون والعديد من اعضاء أسرة التحرير في الصحيفة نفسها.

أصبحت القصة أكثر من أحد افلام الاثارة السياسية. وتوقعت شركة فوكس القرن العشرين منتجة الفيلم أن يلاقي إقبالًا في المدن الساحلية والجامعية في الولايات المتحدة. لكن نجاح الفيلم فاق التوقعات. وتقدر شركة فوكس أن يُلاقي الفيلم نجاحًا كبيرًا، حتى في بعض المناطق ذات الميول الجمهورية.

حنين إلى حقبة مضت

يبدو هذا مكسبًا للإعلاميين الذين كانوا قلقين من تراجع الثقة بالاخبار. لكن هناك أسبابًا تدعو إلى التروي قبل الذهاب بعيدًا في التفاؤل. فأولًا، إن مدنًا مثل أوستن عاصمة ولاية تكساس هي جزر ليبرالية في ولايات محافظة للغاية.

وثانيًا، أشارت ستيسي سنايدر، رئيسة شركة فوكس القرن العشرين، إلى أن هناك عاملًا ديموغرافيًا قويًا وراء الحجم الكبير لمبيعات التذاكر. فالتحيز العمري أوضح في أرقام شباك التذاكر من اي اختلافات بين الولايات الديمقراطية والولايات الجمهورية، بحسب سنايدر. ونظر بعض النقاد إلى فيلم "ذا بوست" على أنه حنين إلى حقبة مضت ولن تعود.

ثالثًا، إن الاستطلاعات بشأن الدعم الذي تتمتع به الصحافة تروي جانبًا واحدًا. وبحسب استطلاع أجرته مؤسسة غالوب، أعرب 27 في المئة عن ثقة كبيرة بالصحف في عام 2017، مقارنة بـ 20 في المئة في عام 2016. لكن هذه الزيادة كلها كانت في معسكر واحد. فزهاء نصف الديمقراطيين يثق بالصحافة، مقابل 13 في المئة فقط من الجمهوريين.

لا شماتة ليبرالية

رابعًا وأخيرًا، إن فيلم "سبوتلايت" الذي فاز بجائزة أوسكار عن صحيفة بوسطن غلوب التي كشفت اعتداءات جنسية ارتكبها قساوسة، لاقى اقبالا أقل كثيرًا من فيلم "كل رجال الرئيس" عن فضيحة ووترغيت، من بطولة روبرت ريدفورد وداستن هوفمان. وحقق الفيلم إيرادات تعادل اليوم 300 مليون دولار.

يتذكر جون بورستين الذي شارك في انتاج "كل رجال الرئيس" الجهود التي بُذلت لتفادي مشاهد ربما تبدو فيها شماتة ليبرالية. وعُرض الفيلم تجريبيًا في أريزونا بعيدًا عن مدن ليبرالية مثل نيويورك ولوس انجيليس. ولم يكن الفيم سجاليًا بشأن دور الصحافة بقدر ما كان يتناول "الحاجة إلى معرفة الحقيقة".

ما زال فيلم "كل رجال الرئيس" يحظى بشعبية واسعة، ولا سيما بين خصوم ترمب. وامتلأت القاعة أخيرًا للاستماع إلى قراءة سيناريو الفيلم في لوس انجيليس. لكن فحوى الفيلم يرى أن الاستقصاء الصحفي والكشف عن خرق القواعد يؤديان إلى عواقب. يقول بورستين: "من المتعذر إنتاج فيلم كهذا الآن".

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "إيكونومست". الأصل منشور على الرابط:

https://www.economist.com/news/books-and-arts/21737242-does-steven-spielbergs-latest-film-offer-hope-reputation-american?frsc=dg%7Ce