نصر المجالي: أعاد وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إلى الأذهان حادثة كانت الأساس لانطلاق علاقات استراتيجية بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية، وذلك في مقال نشره في صحيفة (التايمز)، اليوم الأربعاء، تحدث فيه عن إصلاحات الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي.
وقال وزير الخارجية في المقال الذي كتبه قبل أسبوع من زيارة الأمير محمد بن سلمان لبريطانيا، "إن سياستنا الخارجية تعتمد على تعزيز الأمن والازدهار للشعب البريطاني مع التمسك بقيمنا بصفتنا قوة ساعية للخير، ولهذا لا يُمكننا تحقيق أي من هذه الأهداف ما لم نجتمع مع القيادة السعودية على أسس ودية ومتساوية".
وأكد: "لقد كان نهجاً صحيحاً عندما شرب تشرشل الماء النابع من مكة مع الملك عبد العزيز بن سعود في عام 1945، ولا يزال نهجاً صحيحاً في يومنا هذا".
وكتب الوزير جونسون: "قبل 73 عاماً تقريباً في مثل هذا اليوم، سافر ونستون تشرشل إلى واحة الفيوم في مصر لعقد اجتماع مع ملك المملكة العربية السعودية عبدالعزيز بن سعود، وحينها كتب تشرشل عن هذا اللقاء قائلاً: "قدم لي ساقي الماء الخاص به كأساً من ماء البئر المقدسة في مكة، لقد كان ألذ ما تذوقت في حياتي".
وتابع : "فإذا كان ذلك الاجتماع في الصحراء هو فصل أول في العلاقات بين بريطانيا والمملكة العربية السعودية، فإننا سنكتب صفحة جديدة في 7 مارس عندما يزور لندن حفيد ابن سعود، ولي العهد محمد بن سلمان".
صفحة جديدة
واعتبر جونسون في المقال أن صفحة جديدة ستكتب بين بريطانيا والسعودية في 7 مارس عند زيارة ولي العهد السعودي، معتبراً الأمير محمد بن سلمان مصلحاً يستحق كل الدعم والتشجيع.
ومن المقرر أن يصل الأمير محمد بن سلمان إلى لندن، في 7 مارس، لإجراء محادثات مع رئيسة الوزراء تيريزا ماي وغيرها من كبار المسؤولين في أول زيارة يقوم بها لبريطانيا منذ أن أصبح وليًا للعهد في الصيف الماضي.
إصلاحات
وأشاد الوزير البريطاني بالإصلاحات الاجتماعية في السعودية، وذلك قبل نحو أسبوع من زيارة ولي العهد إلى لندن. وقال إن الأمير محمد يستحق الدعم لوضعه نهاية لمنع النساء من قيادة السيارات، وتخفيفه للتمييز على أساس النوع الاجتماعي ووضعه مستويات مستهدفة لإدخال النساء في سوق العمل.
وأضاف الوزير "إذا كنت تميل لتجاهل هذه التطورات، فإنني أقول بكل احترام أنك ترتكب خطأ كبيرًا"، مشيرا إلى أن "التغيير لا يأتي سهلا في السعودية. لكن في غضون بضعة أشهر حدث إصلاح حقيقي بعد عقود من الجمود".
وألقى جونسون الضوء على أهمية التعاون الدفاعي مع السعودية التي وصفها بأنها "من أقدم أصدقاء بريطانيا في المنطقة" لمكافحة تنظيم "داعش" الإرهابي، "وكثقل دبلوماسي في مواجهة نفوذ إيران في الشرق الأوسط"، بحسب الوزير البريطاني.
وأشار وزير الخارجية البريطاني إلى شروع ولي العهد ووالده الملك سلمان معاً نحو تجديد اجتماعي واقتصادي في السعودية، إذ إنهما أطلقا برنامجاً وطنياً يعرف باسم رؤية 2030.
وتطرق في مقاله إلى إعلان ولي العهد في شهر أكتوبر الماضي أن الهدف الرئيسي من حملة الإصلاحات هو بناء "دولة إسلام معتدل مفتوحة لجميع الأديان والعالم، والقضاء على مروجي الأفكار المتطرفة".
أما للمشككين، فاعتبر جونسون أن الأمير محمد لم يكن يوجه خطابه وكلامه للأجانب، ولم يكن يتحدث باللغة الإنجليزية في عاصمة غربية، بل كان يتحدث بالعربية لجمهور في الرياض. وأضاف "لقد أثبتت كلماته صدقها، وذلك بإنشاء مركز جديد في عاصمته لمكافحة تمويل الإرهاب".
توجه انفتاحي
كما أكد الوزير البريطاني أن ولي العهد، الذي يبلغ من العمر 32 عاماً، أثبت قولاً وفعلاً أنه يهدف إلى قيادة السعودية نحو توجه أكثر انفتاحاً. واعتبر أن أسوأ استجابة لذلك هي أن تقوم بريطانيا بتوجيه الانتقادات غير المباشرة أو التجاهل بدل التشجيع.
وقال جونيسون إن أهمية زيارة ولي العهد إلى لندن تأتي من كونها ستشكل فرصة لتعزيز علاقات بريطانيا مع السعودية، باعتبارها غاية في حد ذاتها، وأفضل وسيلة لتعزيز الإصلاح.
كما ذكر أن عشرات الآلاف من الوظائف البريطانية تعتمد على الصادرات إلى السعودية، والتي زادت إلى 6.2 مليارات جنيه إسترليني عام 2016، وهذا ارتفاع بنسبة 41 في المئة منذ 2010.
الأمن والارهاب
أما في ما يتعلق بالأمن ومكافحة الإرهاب، كتب وزير الخارجية: "عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على سلامة بريطانيا، فقد كانت الاستخبارات السعودية عاملاً مهماً في مكافحة الإرهاب، بل إن حياة البريطانيين قد أنقذت، بسبب تعاوننا الأمني مع السعودية، وقد كانت هذه العلاقة منذ فترة طويلة مهمة للأمن العالمي".
وشدد على أن السعودية كانت حليفاً قوياً أثناء الحرب العالمية، وأيضاً في خضم الاضطرابات في الشرق الأوسط، إذ تصرفت المملكة بشكل عام بصفتها قوة للاستقرار والاعتدال. وقد كان الملك الراحل عبد الله، الذي رمى بثقله الدبلوماسي، وراء حل الدولتين للصراع العربي الإسرائيلي من خلال اقتراح مبادرة السلام الجريئة.
وختم وزير الخارجيةً: "واليوم، تتعاون بريطانيا والسعودية في مواجهة سلوك إيران التخريبي في الشرق الأوسط وإنهاء الحرب في اليمن، وقد اتخذ الملك سلمان العام الماضي قراراً حكيماً في التقارب مع الحكومة في العراق، الأمر الذي سيساعد في استقرار البلاد بعد هزيمة داعش".
التعليقات