وصف حزب نائب الرئيس العراقي أياد علاوي قرارًا أخيرًا لهيئة اجتثاث البعث بحجز ومصادرة أملاك وأموال الرئيس السابق صدام حسين وأولاده وأحفاده وأقاربه حتى الدرجة الثانية وأكثر من أربعة آلاف من مسؤولي النظام وحزب البعث بأنه أحد أشكال العقوبات الجماعية والسياسات والإجراءات المعطلة لمشروع المصالحة الوطنية.
إيلاف من لندن: قال هادي الظالمي الناطق الرسمي لحزب الوفاق الوطني العراقي بزعامة أياد علاوي، في تصريح صحافي لـ"إيلاف" الخميس، إنه في الوقت الذي كان فيه التطلع نحو الشروع بخطوات جادة في طريق المصالحة الوطنية الحقيقية، تأسيسا على الانتصار العسكري على داعش، والذي تحقق بشجاعة وتضحيات جميع العراقيين ودعم المجتمع الدولي، تفاجأ الشعب العراقي "المنكوب" بصدور قائمة جديدة عن هيئة المساءلة والعدالة تتضمن حجز ومصادرة أموال وممتلكات آلاف المواطنين وأقاربهم حتى الدرجة الثانية، أسهم الكثير منهم في بناء العراق الجديد بل واستشهد بعضهم دفاعا عن الوطن وكرامته ومقدساته، ومنهم من حارب نظام صدام وتعرض لشتى صنوف الملاحقة والإيذاء.
واشار الى انه منذ أشهر وسنين هناك طلبات وقرارات جائرة بحرمان الألوف من المواطنين والعسكريين من حقوقهم في حصولهم وذويهم على تقاعد كحق أساسي لهم ومنذ عام 2015 تحت لافتة اجتثاث البعث المجحف.
والاسبوع الماضي اصدرت هئية المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث قرارا ينص على حجز ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لصدام حسين وأولاده وأحفاده وأقاربه حتى الدرجة الثانية وأكثر من أربعة آلاف من مسؤولي النظام وحزب البعث.
تزيد الانقسام المجتمعي
واوضح المتحدث باسم حزب علاوي ان مثل هذه الإجراءات المحبطة تنسف عن سبق إصرار كل الجهود الوطنية للخروج من دوامة الصراع والثأر والانتقام العشوائي، وتعطل الانتقال صوب التسامح والعقلانية وبناء المؤسسات، فضلا عن انها تجهز على سيادة القانون ومبادئ المواطنة وإشاعة روح الألفة والمحبة وحقوق الإنسان، فيما تكرس النزعات الفئوية، وتزيد حالة الانقسام المجتمعي بالتزامن مع تصاعد حدة السجال الانتخابي.
وطالب حزب الوفاق الوطني العراقي بإيقاع العقوبات وتطبيق القانون بحق من ارتكب جرما أيا كان.. مؤكدا رفضه لكل أشكال العقوبات الجماعية والسياسات والإجراءات المعطلة لمشروع المصالحة الوطنية والمتعارضة مع حقوق الإنسان وقيم المواطنة، ولاستمرار العقوبات المسيسة او العشوائية بحق من عملوا مع النظام السابق وأسرهم كردة فعل سيئة على ماقام به نظام صدام نفسه من الاستيلاء على كامل ممتلكات بعض عوائل المعارضين.
ودان الحزب استخدام هذه الورقة في الدعاية الانتخابية، ودعا مجلس النواب الى الدفاع عن الحقوق في الدستور والتجربة الديمقراطية، والتمييز مابين البعثيين والصداميين بحسب الدستور وتأكيد دوره الرقابي والتشريعي لوقف تلك المهازل الجائرة والمؤسفة.. داعيا الى التأسي بأخلاق الرسول محمد صلى الله عليه وآله في العفو والصفح عند فتح مكة المكرمة أسوة حسنة وهو يبشر ببناء مجتمع جديد يعتمد على مفاهيم التسامح والمصالحة والتعاون.
وشدد الحزب على ان الحل الصحيح لهذه القضية هو ما أقدمت على الحكومة المؤقتة عام 2004 برئاسة اياد علاوي بتشريع إنهاء أعمال اجتثاث البعث خلال ثلاثة أشهر واحالة الموضوع برمته الى القضاء.. لكنه عبر عن الاسف ان ذلك التشريع لم يكتمل لاعتراض احد أعضاء هيئة الرئاسة عليه في ذلك الوقت.
.. والعبادي ممتعض أيضًا
والثلاثاء الماضي انتقد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي هيئة المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث وقرارها بحجز ومصادرة أموال رئيس النظام السابق صدام حسين وكبار المسؤولين في حكومته، بعد جملة انتقادات طالت القرار نتيجة شمول قادة عسكريين قتلوا في الحرب ضد تنظيم داعش.
وقال العبادي إن القائمة التي أصدرتها الهيئة الاثنين أظهرت عدم وجود مراجعة حقيقية على الأرض، وأضاف أن عمل المساءلة والعدالة اتسم بالازدواجية.. ودعا إلى إبعاد ملف المساءلة والعدالة عن مسائل الابتزاز والفساد والصراع السياسي.
وأبدى استغرابه من وضع بعض الشخصيات التي ساهمت في قتال تنظيم داعش على القائمة وقال إن هناك "أشخاصا ينتمون إلى الحشد الشعبي في محافظتي صلاح الدين والموصل صدرت بحقهم قضايا اجتثاث، فيما لم يتم تفعيل ملفات حقيقية صدرت بحق آخرين ساهموا في سقوط الموصل وعليهم ملفات اجتثاث حقيقية".
وأكد أن الحكومة فتحت تحقيقا في الأمر ودعا القائمين على هيئة المساءلة إلى الالتزام بالعدالة وشدد "أنهم ليسوا بعيدين عن المحاسبة والتدقيق". ونص قرار الهئية على حجز ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لصدام حسين وأولاده وأحفاده وأقاربه حتى الدرجة الثانية وأكثر من أربعة آلاف من مسؤولي النظام وحزب البعث.
شهيد تُصادر أملاكه
ومن بين المشمولين بقرار الحجز قائد شرطة الأنبار السابق العميد أحمد صداك بطاح الدليمي الذي استشهد خلال معارك ضد تنظيم داعش قبل ثلاث سنوات، لكونه ضابطا سابقا في "فدائيي صدام". وأثار هذا القرار حفيظة وزارة الداخلية العراقية التي أعلنت رفضها مصادرة أملاك الدليمي وهددت باللجوء إلى القضاء في حال لم تتم إعادة النظر بالقرار "المجحف".
لكن رئيس هيئة المساءلة باسم البدري دافع في اتصال مع موقع "الحرة" عن القرار مدعيا إنه يشمل جميع الأشخاص الذين ثبت ارتباطهم بالأجهزة "القمعية" في النظام السابق من دون ان يوضح اسباب شمول الابناء والاحفاد بقرار المصدرة.
وأضاف البدري أن الهيئة اعتمدت في قرارها على معايير جاءت في القانون الذي شرعه مجلس النواب العراقي عام 2017.
وحسب هذا القانون، يتم حجز الأموال المنقولة وغير المنقولة للمحافظين في زمن النظام السابق وأعضاء الفروع فما فوق في حزب البعث المنحل، وفقا للبدري، الذي أضاف أن الحجز يشمل أيضا أملاك من كان يشغل رتبة عميد فما فوق في أجهزة المخابرات والأمن الخاص والأمن العسكري والأمن العام و"فدائيي صدام".
ولم تقتصر الانتقادات الموجهة لقرار هيئة المساءلة على وزارة الداخلية فقط، بل صدرت أيضا تصريحات من نواب سنة في البرلمان العراقي تنتقد القرار لشموله مئات القادة العسكريين الذين شاركوا في بناء المؤسسة العسكرية بعد عام 2003.
وقال النائب محمد الكربولي لوسائل إعلام محلية إن توقيت إصدار هذا القرار يعد "نسفا متعمدا لجهود المصالحة الوطنية، وطي صفحة الماضي، واعادة المجتمع إلى المربع الأول بعد 15 عاما من جهود تقويم وتصحيح مسار العملية السياسية".
ودافع البدري عن القانون الجديد باعتباره "قلص حجم المشمولين من قادة النظام السابق بنسبة 75 في المئة ليصبحوا أقل من خمسة آلاف شخص بعد أن تجاوزت أعدادهم 15000 ألفا وفق القانون القديم".
التعليقات