بكين: سيخضع الملايين من موظفي القطاع العام في الصين إلى أساليب الرقابة الصارمة التي يفرضها الحزب الشيوعي مع اتساع نطاق حملة الرئيس شي جينبينغ على الفساد لتطال أجهزة الدولة البيروقراطية المتشعبة.
وكانت حملة التخلص من الفساد المتفشي في الحزب بين أبرز مبادرات شي. وقد أجبرت اعضاءه البالغ عددهم 89 مليونا على إطاعة الأوامر في ظل معاقبة أكثر من 1,5 مليون مسؤول خلال السنوات الخمس الماضية.
ويعمل المشرعون على تشكيل جهاز ضد الفساد سيراقب كذلك الأشخاص غير الاعضاء في الحزب، بدءا بالمدراء في الشركات المملوكة من الدولة وصولا إلى اولئك الذين يتولون مناصب إدارية في المدارس والمستشفيات.
وفي بكين وحدها، وهي من المناطق التي تم تطبيق النظام فيها لاختباره، ارتفع عدد الأشخاص الخاضعين للتدقيق أربعة اضعاف ليبلغ مليونا أي ما يعادل نحو خمسة بالمئة من سكان المدينة، وفقا لمسؤولين.
وستعمل "لجان إشراف" جديدة وطنية ومحلية هي عبارة عن وكالات تحقيق تركز على الفساد إلى جانب "اللجنة المركزية لفحص الانضباط للحزب الشيوعي" حيث سيتشارك الطرفان المكاتب والموظفين وربما القيادة.
وعين مجلس الشعب الصيني (البرلمان) الأحد نائب الأمين العام للجنة المركزية لفحص الانضباط للحزب الشيوعي يانغ زايادو كرئيس لجنة الإشراف الوطنية.
وقال أحد قادة الحزب اثناء انعقاد جلسة البرلمان إن "سلطات محاربة الفساد مشتتة"، مشيرا إلى أن الهيئة الجديدة ستتمكن من توحيد الجهود في هذا المجال والاستفادة منها.
وتخشى المجموعات الحقوقية من أن تضفي الهيئة الجديدة طابعا مؤسساتيا على بعض المشاكل التي أدت إلى انتهاكات بحق المشتبه بهم أو حتى تعذيبهم، في ظل زيادة عدد الأشخاص الموضوعين في نطاق صلاحياتها بشكل واسع.
وفي هذا السياق، اعتبرت الباحثة بالشأن الصيني لدى منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن لدى النظام "واجهة شرعية قانونيا" بدون "أي تحسينات تذكر بإمكانها ضمان سلامة الاجراءات القانونية".
- موقوف من دون محام -
ادرج المشرعون لجان الإشراف الجديدة، في دستور البلاد الأسبوع الماضي وسيقرون الثلاثاء قانونا يحدد سلطاتها.
واعتمدت حرب الصين على الفساد بشكل كبير على نظام قضائي مبهم يستخدم وسائل غير مشروعة معروفة باسم "شوانغي" وتسمح للمحققين بتوقيف اعضاء الحزب في مراكز اعتقال غير رسمية إلى حين "اعترافهم" بالفساد.
وتوفي 11 شخصا على الأقل خلال توقيفهم في إطار اجراءات "شوانغيي" بين العامين 2010 و2015، وفقا لتقرير صدر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" في 2016.
وتعهد شي العام الماضي بأن يتم التخلص بشكل تدريجي من ها النظام واستبداله.
لكن القانون الجديد ينص على شكل جديد من أشكال الاعتقال يدعى "ليوجي" تشير مجموعات حقوقية إلى أنه نسخة "قانونية" لنظام "شوانغي" ويسمح باحتجاز المشتبهين بالفساد لمدة تصل إلى ستة أشهر دون إمكانية حصولهم على استشارة قانونية.
وفي مقاطعة شيجيانغ في شرق البلاد، يتم حاليا استخدام مراكز الاعتقال وفق النظام السابق كمراكز لاجرءات "ليوجي"، وفق مسؤولين في المنطقة.
ويفرض نظام "ليوجي" إبلاغ عائلات المشتبه بهم في غضون 24 ساعة، باعتقالهم إلا عندما يكون هناك احتمال ان يتسبب ذلك في "عرقلة التحقيق".
وقالت وانغ إن "ليوجي لا يوفر حماية لضمان محاكمة عادلة ولا حتى تلك الأساسية الموجودة حاليا في إطار الاجراءات الجنائية الصينية".
وكان شين كيان (58 عاما) وهو باحث في لجنة التطوير الوطني والإصلاح في مدينة يانغكوان بمقاطعة شانسي الشمالية بين أول الموظفين الرسميين الذين يخضعون إلى تحقيق من قبل لجنة الإشراف الجديدة.
وتم توقيفه العام الماضي لنحو شهرين اثناء التحقيق في قضيتي رشوة بحقه.
لكن عندما تم توقيف شين رسميا لاحقا وتحويله إلى نظام القانون الجنائي الصيني، ارتفع عدد القضايا ضده إلى 38. ونقلت وثائق المحكمة عن محاميه قوله إن "شين كيان اعترف بالقضايا الـ36 البقية خلال اعتقاله" اثناء توسله للرأفة.
واوضح رئيس لجنة الإشراف في شيجيانغ ليو جيانشاو لوسائل إعلام محلية إن المشتبه بهم يقضون ما معدله 42 يوما ونصف اليوم قيد الاعتقال قبل أن يتم تحويلهم إلى النظام القضائي الجنائي. وقال "نركز بشكل خاص على إقناع الأشخاص الخاضعين إلى التحقيق لكتابة اعترافاتهم".
- من يشرف على من؟ -
أطاحت حملة شي على الفساد بقادة في الحزب الشيوعي من جميع المستويات.
ويشير مراقبون إلى أن اللجنة المركزية لفحص الانضباط للحزب الشيوعى التي كان يقودها مساعد الرئيس وانغ كيشان الذي تم تعيينه نائبا له السبت، استخدمت كذلك كسلاح للتخلص من خصوم شي.
وستضفي لجان الإشراف الجديدة طابعا مؤسساتيا على ذلك اذ يشرف الحزب على أجهزة التحقيق التي أدخلت في الدستور على أنها هيئات مستقلة.
وتحذر مجموعات حقوقية ومحامون من أن ذلك سيضع هذه الأجهزة خارج نطاق رقابة القضاء. لكن مسؤولين في العاصمة الصينية أكدوا أن استقلالا من هذا النوع أمر ضروري للإطاحة بمسؤولين نافذين.
وقال تشانغ شوفو الذي يقود لجنة بكين إنه تم تشكيل الهيئات الجديدة لتتبع النظام القديم محاولا تبديد القلق عبر الحديث عن "إشراف داخلي وخارجي".
ويعتمد هذا الإشراف على المجالس الشعبية المنوطة باعضائه تقنيا مهمة مراقبة معظم أشكال البيروقراطية الصينية. لكن هذه الأجهزة لا تقوم بالكثير فعليا.
وأقر شو شينغكوي النائب السابق لأمين عام مجلس الشعب، في مقابلة مؤخرا مع "تشاينا لو ريفيو" أن "عملنا الإشرافي يواجه بعض المشاكل". وأضاف "فعليا، لا يجرؤ مجلس الشعب على الرقابة".
التعليقات