أولت صحف عربية، بنسختيها الورقية والإلكترونية، اهتماما بما يُشتبه أنه هجوم كيميائي على مدينة دوما السورية، الذي أدى إلى مقتل حوالي سبعين شخصا، منهم نساء وأطفال.
وبينما أكدت الصحف السورية نفي دمشق مسؤوليتها عن هذا الهجوم، وقال بعض الكُتّاب إن ما حدث "مسرحية" اعتاد عليها السوريون، حمَّلت صحف عربية أخرى النظام السوري المسؤولية عمَّا سمته "إبادة جماعية"، وأكد بعض الصحف أنها ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها النظام السوري أسلحة كيميائية.
"مسرحية جديدة"
في صحيفة "الثورة" السورية، قال علي قاسم إن "استهداف المدنيين في حسابات الإرهابيين فعل يمارسونه في سياق المكاشفة لدورهم، وتقديم كشف الحساب النهائي للمشغِّلين الإقليميين ورعاتهم الدوليين، وتحديدا ما يتعلق بالموقف الأميركي المثير، سواء كان مقدمة للانسحاب الأميركي فعلا أم مجرد مناورة للابتزاز والمساومة على المزيد من الصفقات".
صحف سورية أخرى، مثل جريدة "الوطن"، اعتبرت ما حدث "مسرحية جديدة"، قائلة إن "الأفلام الكيميائية... خبرها السوريون جيدا منذ بداية حربهم على الإرهاب".
وتضيف: "دمشق أكّدت عبر خارجيتها أن مزاعم استعمال السلاح الكيميائي باتت اسطوانة مملة غير مقنعة، إلا لبعض الدول التي تتاجر بدماء المدنيين وتدعم الإرهاب في سوريا".
وبالمثل، شكّك محمد البيرق، في افتتاحية صحيفة "تشرين"، في مصداقية الصور المتداولة عن هذا الهجوم.
فيقول: "إرهابيون… أسلحة، تمويل، نص استخباراتي و'الماكيير' حاضر لخلق مشاهد تصويرية كيماوية تخدم السيناريو وما عليهم إلا انتظار الإشارة 'كلاكيت'".
ويضيف: "والممول على نار ينتظر جني الثمار، وهو الخاسر أمام انتصارات الغوطة وبمحاولة من عقل مقامر فاشل باستكمال تقديم الرعاية والدعم لجواكر اللعب، يحرك ورقته الأخيرة كضغط ويأمرهم بنقض اتفاق التسوية في محاولة يائسة يستخدم 'الكيماوي' ليلعبوا دور 'الضحية' وأيديهم الملطخة بالدماء السورية ما زالت تثابر بالضغط على الزناد وإزهاق الأرواح ما دام المخرج لم ينطق بعد بعبارة الاستسلام".
"إبادة جماعية مستمرة"
من ناحية أخرى، هاجمت صحف عربية النظامَ السورية وحمّلته المسؤولية عن هذا الهجوم.
فناشدت صحيفة "الراية" القطرية في افتتاحيتها المجتمعَ الدوليَّ بعدم السكوت عما سمته "جرائم نظام الأسد الفظيعة".
تقول الصحيفة: "إن الإدانات وحدها على جريمة استخدام السلاح الكيماوي في مدينة دوما بالغوطة الشرقيّة ليست كافية، وإنما المطلوب التحرك العاجل لمعاقبة النظام وإجراء تحقيق دوليّ في قصف المدينة بالكيماوي".
وقالت "القدس العربي" اللندنية في افتتاحيتها: "لم تعد تُحسب، ربما، المرات التي استخدم فيها نظام الرئيس السوري بشار الأسد السلاح الكيميائي ضد شعبه، كما لم تؤد كل أشكال التوثيق التي قامت بها منظمات الأمم المتحدة، والمنظمات الأخرى، لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لهذا النظام، ولم تنته دعوات إحالة قادته، وحلفائه الذين يشاركون أو يغطون جرائم الإبادة الجماعية المستمرة في سوريا، إلى المحاكم الدولية المختصة، إلى أي نتيجة حتى الآن".
وقال مشاري الذايدي في صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية: "قصفت قوات بشار أهالي دوما بالغوطة، بالكيماوي... والغريب أن هذه الجريمة تمت بعد استسلام الجماعات المسلحة بالغوطة، والشروع في اتفاق الخروج مع الروس".
ويتساءل: "فلم هذا التبجح باستفزاز الأمريكان، تحديدا الرئيس ترامب، الذي سبق له توبيخ سلفه، المرتخي، أوباما، في أضحوكة الخطوط الحمراء الأوبامية الوهمية تجاه كيماوي بشار؟"
وتساءل عبدالباري عطوان، رئيس تحرير "رأي اليوم" الإلكترونية اللندنية: "هل سَنَصْحُو مِن النَّوم على ضَرَباتٍ صاروخِيّةٍ أمريكيّةٍ تَستَهدِف دِمشق تحت ذَريعة الأسلحة الكِيماويّة في الغُوطة؟"
يقول عطوان: "من يُتابِع تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي حَمَّل فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإيران مَسؤوليّة استخدام أسلحة كيماويّة في مَدينة دوما... وتَوعَّد هؤلاء جَميعا بِدَفع ثَمَنٍ باهِظ، يَخْرُج بانطباعٍ شِبه مُؤكَّد بأنّ هُجوما صاروخِيا أمريكيا ربّما يَستَهدِف العاصِمة دِمشق هذهِ المَرّة باتَ وَشيكا جِدا".
التعليقات