واشنطن: سيحاول إيمانويل ماكرون في واشنطن إقناع دونالد ترمب بعدم "تمزيق" الاتفاق النووي مع إيران. لكن رغم المفاوضات التي تحقق تقدما لا احد يعرف فعلا ما اذا كان هذا كافيا لارضاء الرئيس الاميركي.
وفي الاليزيه، يسود "الامل" في ان "تساعد" زيارة الرئيس الفرنسي الى نظيره الاميركي من الاثنين الى الاربعاء "على التحرك في الاتجاه الصحيح" حول هذه القضية التي تشكل اولوية قصوى مع اقتراب انتهاء مهلة الانذار الذي وجهه ترمب في كانون الثاني/يناير الى الموقعين الاوروبيين على الاتفاق (فرنسا وبريطانيا والمانيا) في 12 مايو.
وإذا لم تجد الدول الثلاث قبل هذا الموعد طريقة لفرض مزيد من القيود على الاتفاقية الموقعة عام 2015 مع إيران لمنعها من الحصول على القنبلة الذرية، فان ترمب الذي يندد بوجود عيوب في النص يهدد باعادة العمل بالعقوبات ضد طهران والانسحاب من الاتفاق.
ورد وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف على التهديد السبت محذرا من أن طهران ستستأنف "تخصيب اليورانيوم" بقوة في حال الانسحاب من الاتفاق مؤكدا ان بلاده ستتخذ "تدابير جذرية" لم يكشف عنها.
والاوروبيون الذين فوجئوا اول الامر بالانذار عازمون على انقاذ اتفاق تم التوصل إليه بصعوبة، كما يعتبرون انهم قاموا بتأدية مهمتهم من خلال اقتراح حلول.
وسارعت فرنسا اولى هذه الدول الى ملاقاة المخاوف الاميركية عن طريق التنديد بدور إيران في الشرق الاوسط وصواريخها البالستية، وهو دور الوسيط الذي يشيد به الدبلوماسيون الاميركيون.
وفي هذه النقطة، تعتقد الاطراف انها احرزت تقدما جيدا في صياغة التزامات سياسية مرفقة بعقوبات اوروبية جديدة فيما يتعلق بالشق البالستي، رغم بقاء دول الاتحاد اوروبي منقسمة حيال هذه القضية الاخيرة.
لكن الاكثر صعوبة هو العمل على الاتفاق نفسه لا سيما البنود التي تنص على ازالة بعض القيود على الانشطة النووية الإيرانية تدريجيا اعتبارا من عام 2025.
ويكمن السؤال في كيفية تشديد النص من دون اشراك الموقعين الآخرين وهم إيران والصين وروسيا الذين لا يريدون المس به. ويقول دبلوماسي اوروبي تعليقا على ذلك "انه حوار الطرشان" في حين يعترف الجانب الاميركي بوجود مسالة "شائكة".
من جهتها، ترغب واشنطن في التوصل الى "اتفاق مكمل" بينها من جهة وبين فرنسا وبريطانيا والمانيا من جهة اخرى. في الواقع، سيأخذ هذا ايضا شكل اعلان سياسي يلزم فيه الغربيون انفسهم عدم السماح لطهران بالحصول على سلاح نووي حتى بعد انتهاء مفعول اتفاق عام 2015.
يبدو الاوروبيون مستعدين لاعتبار هذه "الوثيقة" بمثابة "اتفاقية" سيتم وضع اللمسات النهائية عليها مطلع مايو اذا كان ذلك يقنع الرئيس الاميركي البقاء ضمن الاتفاق "الحقيقي".
"بعد 12 مايو"
العقدة الحقيقية في القضية هي عدم معرفة ماذا سيرضي ترمب الذي لن يتخذ قراره الا في اللحظة الاخيرة، حسب تحذيرات من جميع الاطراف.
يقول عدد من الدبلوماسيين الغربيين "انه يكره الاتفاق".
ويعترف بعض المفاوضين الاوروبيين ان نظيرهم الاميركي الدبلوماسي براين هوك لا يعرف بالتحديد ما إذا كانت نتيجة المفاوضات ستنقذ الاتفاق في نهاية المطاف.
وقال هوك في الاونة الاخيرة "اذا توصلنا إلى اتفاق" مع الاوروبيين"، فسيتم رفعه الى الرئيس الذي "سيتخذ قراره".
وقد تزايد الاحساس بالتشاؤم لدى الجانب الاوروبي مع التعيينات الاخيرة للرئيس الاميركي الذي اختار اثنين من "الصقور" مايك بومبيو كوزير للخارجية وجون بولتون مستشارا للامن القومي.
لكن بومبيو اظهر خلال جلسة تثبيته في منصبه امام مجلس الشيوخ غموضا رافضا الكشف عما اذا كان سيدعو الى انسحاب واشنطن من الاتفاق في حالة فشل المفاوضات مع الاوروبيين.
وقال "حتى بعد 12 مايو، سيتعين بذل الكثير من الجهود الدبلوماسية".
وتحض بعض جماعات الضغط المحافظة في واشنطن الرئيس على إعلان عودة العقوبات المرتبطة بالملف النووي بحلول هذا الموعد النهائي، مع تحديد موعد جديد من اجل بدء سريانها. وهذه طريقة تسمح بكسب الوقت مع إظهار العزم.
سواء كان الامر يتعلق ب "تمزيق" الاتفاق مباشرة او البدء بالعد التنازلي، يبقى من الصعوبة التنبؤ بالنتيجة.
يقول الاوروبيون رسميا انهم لا يعملون على "خطة بديلة" يأملون الا يتم اللجوء اليها. لكن هوك صرح اواخر مارس انه "يجب ان نستعد دائما لجميع الاحتمالات. لذا، فإننا نضع الخطط" في حالة الفشل "لانه سيكون امر غير مسؤول عدم القيام بذلك".
كما يحاول الجميع معرفة مدى جدية تحذيرات طهران.
وحذر السفير الفرنسي لدى واشنطن جيرار آرو على تويتر من ان "اولئك الذين يريدون نسف الاتفاق الإيراني يجب ان يقولوا لنا اولا ماذا سيفعلون اذا اعادت إيران العمل ببرنامجها لتخصيب اليورانيوم". في حين قال بومبيو ان لا مؤشرات على ان "الإيرانيين سيهرعون الى صنع السلاح النووي".
بعد ماكرون، من المتوقع ان تبحث المستشارة الالمانية انغيلا ميركل قضية الاتفاق الإيراني الجمعة في البيت الابيض.
التعليقات