يحاول الأطباء في مستشفى الشفاء في غزة مداواة أكبر عدد ممكن من مئات الجرحى الذين تعج بهم أروقة كبرى مستشفيات قطاع غزة جراء إصاباتهم برصاص الجيش الإسرائيلي يوم الاثنين، الذي يعد أسوأ يوم من ناحية عدد الضحايا الفلسطينيين، ليس منذ بدء الاحتجاجات على السياج الحدودي مع إسرائيل قبل قرابة سبعة أسابيع فحسب، بل منذ الحرب الأخيرة في غزة عام 2014.

وبدأت عائلات في غزة أمس مراسم تشييع جثامين 60 فلسطينيا قتلوا خلال التظاهرات في ذلك اليوم، الذي نقلت فيه الولايات المتحدة سفارتها من تل أبيب إلى مدينة القدس. وتزامن الجنازات مع إحياء الفلسطينيين بما يصفونه بالنكبة، في إشارة منهم إلى فرار مئات الآلاف من منازلهم بعد تأسيس دولة إسرائيل عام 1948.

وتقول هدى الخالدي، أم المصاب مهند الخالدي، 17 عاما، إن ابنها أصيب برصاص الجيش الإسرائيلي في قدمه ما أدى إلى كسر وتهتك في العظم على الرغم من أنه لم يكن يحمل سلاحا كما أنه لم يقترب من السياج الحدودي الفاصل، كما فعل بعض الشباب والمراهقين.

وتضيف لبي بي سي عربي: "خرجنا لنطالب بحقوقنا الضائعة وللتعبيرعن الغضب. لن نفقد الأمل في العودة إلى ديارنا وأرضنا الأصلية. أنا خرجت للتظاهر مع عائلتي وكنا نحاول حماية أبنائنا وأصبحنا في مرمى النيران."

وقتل أكثر من 100 فلسطينيا منذ اندلاع احتجاجات "العودة الكبرى"، كما يسميها الفلسطينيون في غزة، في 30 من مارس/آذار.

وتتهم إسرائيل حركة حماس بتأجيج التظاهرات الحاشدة ودفع الشباب إلى اختراق السياج الحدودي وتعريض أمن مواطنيها إلى الخطر. وحذر الجيش الإسرائيلي أن جنوده سيردون بحزم وفقا لقواعد الاشتباك للتصدي لأي محاولات لاختراق حدودها مع قطاع غزة.

وقال السفير الإسرائيلي إلى بريطانيا مارك ريجيف في حوار خاص مع بي بي سي إن الفلسطينيين يجب أن يتحملوا المسؤولية عن وضعهم الحالي ونقمتهم في الذكرى السبعين لما يطلقون عليه " النكبة" لأنهم يرفضون إنشاء دولة تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل على حد وصفه.

إصابات بالغة

لكن الأمم المتحدة تقول إن اقتراب الفلسطينيين من السياج الحدودي مع إسرائيل لا يبرر استخدام الذخيرة الحية ضدهم.

ويقول زيد بن رعد الحسين، مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، إنه يجب أن يتوقف فورا "القتل الصادم للعشرات وجرح المئات من قبل إسرائيل بالذخيرة الحية في غزة. يجب أن يحترم الحق في الحياة. يجب محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان. المجتمع الدولي يجب أن يضمن العدالة للضحايا".

وتسببت الأعيرة النارية التي أطلقها جنود وقناصة إسرائيليون في إصابات أغلبها في الأطراف السفلية من الجسد، بحسب أطباء، لكن بعض المصابين لفظوا أنفاسهم الأخيرة بسبب إصابات خطيرة في الرأس والصدر البطن، فيما سيعيش مصابون آخرون بإعاقات إما كلية أو جزئية مدى الحياة.

ويتهم د. أيمن السحباني، مدير عام قسم الاستقبال والطوارئ في مستشفى الشفاء، قناصة في الجيش الإسرائيلي باستخدام رصاص متفجر وهو "ما يؤدي إلى تهتك وتهشم في العظام والأوردة والشرايين وتقطيع في الأوتار". مما ضاعف من وضعية هذه الإصابات مما قد يؤدي الى إعاقة إما كلية أو جزئية لهؤلاء المصابين.

وتقول إسرائيل إن جيشها يستهدف فقط مسلحين معروفين من حماس اندسوا وسط المتظاهرين.

لكن فايز السحار والد أحد الشباب المصابين، ينفي ارتباط ابنه بحماس أو بأي تنظيم فلسطيني.

ويقول: "ما تقوم به إسرائيل يعتبر إجراما. فماذا يمكن أن يفعل لها أطفال في سن ال17 او ال18 حتى ولو وصلوا إلى الجدار الحدودي. نحن ذهبنا لإحياء ذكرى النكبة فقط وما يشجع إسرائيل على الإجرام هو (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب."

خريطة قطاع غزة
BBC