الرباط: شهد مجلس النواب المغربي الثلاثاء مواجهة ساخنة بين الحكومة والبرلمانيين حول موضوع التحرش بالعاملات المغربيات في حقول الفراولة بإسبانيا، الذي أثار الكثير من اللغط بسبب تصريحات بعضهن حول تعرضهن للتحرش والاعتداء الجنسي من طرف أصحاب المزارع.

ووجهت النائبة نجية لطفي، المنتمية لحزب العدالة والتنمية، متزعم الائتلاف الحكومي، انتقادات حادة للحكومة ووزارة الشغل والإدماج المهني، خلال اجتماع لجنة الشؤون الإجتماعية بمجلس النواب، وأكدت أن ما يروج بشأن معاناة العاملات المغربيات في إسبانيا "صحيح".

وقالت لطفي إن "النساء اللواتي سافرن من أجل لقمة العيش وإذا بهن أصبحن لقمة سائغة في فم كل المستغلين ممن لا إنسانية لهم ولا أخلاق"، وأضافت "إنهن في ضيعات ملاك إسبان ويقلن إنهن في سجون حسب شهاداتهن".

وأكدت لطفي أن معاناة المغربيات في حقول الفراولة بإسبانيا "ليست أمرا جديدا وإنما هي معاناة تتكرر كل سنة"، واعتبرت أن تزايد الحالات التي تعرضت للتحرش الجنسي هو الذي جعل القضية تطفو وتظهر.

وأحرجت النائبة لطفي زميلها في حزب العدالة والتنمية وزير الشغل والإدماج المهني محمد يتيم، عندما خاطبته قائلة: "السيد الوزير انتم في علمكم أن العاملات ذهبن من دون أي تكوين وهذا يعارض الاتفاقية التي تنص على أن يكون هناك تكوين على الأقل لمدة شهر لهؤلاء النساء قبل بعثهن إلى إسبانيا، سواء في اللغة، وظروف العمل، وقانون الشغل من دون أي مرافقين".

وأفادت لطفي بأن العاملات يجدن صعوبة في التواصل مع القنصليات القريبة لمكان عملهن، ووصفت المساكن التي يقمن بها ب"الاصطبلات"، كما أكدت النائبة التي تقيم بإسبانيا وعلى اطلاع بالملف أن العاملات "لم يتم تسليمهن نسخا من عقود العمل ليكن على إطلاع على ساعات العمل والأجر"، وتابعت "هذا الدور كان من المفترض أن يقوم به المرافقون للعاملات لكن للأسف لم يقوموا بذلك".

وشددت النائبة لطفي على أن العاملات المغربيات يتعرضن للسب والشتم من طرف اصحاب العمل الإسبان" دون أن يدافع عنهن أي أحد"، وأوضحت "بأن الحكومة أرسلت نساء من إقليم جرادة لا علاقة لهن بالفلاحة، ووجدن أنفسهن في مواجهة ظروف صعبة،وعرضة للسب والشتم من دون أي حماية أو تغطية صحية "، وأردفت قائلة "للأسف بعض الوسطاء المغاربة متورطون في التحرش وإستغلال وإبتزاز العاملات بالمزارع الاسبانية"، مؤكدة أن ضحايا التحرش الجنسي "يجدن صعوبة في التواصل مع القنصلية المغربيةً، وتبليغ شكاواهن". 

وزادت لطفي موجهة سهام نقدها لوزارة الشغل، واتهمتها بالتقصير في التعاطي مع قضية العاملات بالمزارع الاسبانية، وقالت" أرسلتم قرابة 16 ألف عاملة هل تعلم أين هن الآن أو ظروف عيشهن أو أين هربن بعد تعرضهن للإعتداء؟"، كما طالبت بمراجعة بنود الاتفاقية وتحيينها بناء على مستجدات حقوق الانسان وقانون الشغل الدولي.

وبثت النائبة البرلمانية تسجيلا صوتيا لإحدى العاملات داخل اللجنة، قالت فيه: "نحن هنا مثل البهائم لا فرق بيننا وبين الحيوانات، ولا نجد ما نأكل ولا نحصل على أجورنا من طرف مشغلنا"، وأضافت "نحن هنا لا نشعر أننا إنسان".

وفي رده على تساؤلات النواب قال محمد يتيم، وزير الشغل والإدماج المهني إن "حالات التحرش محدودة جدا وتم تحديدها في 12 حالة، تعرضن لها من طرف أربعة مغاربة وثلاثة إسبان"، مؤكدا أن المتورطين في الملف "معروضون على القضاء".

وسجل يتيم أن العاملات المغربيات في حقول الفرولة الاسبانية يعملن في ظروف "عادية وإنسانية، وأكدن أنهن يعملن في ظروف عادية ولم يتعرضن للاعتداء الجنسي"، معتبرا أن الحكومة تتعامل مع المعطيات الرسمية التي توصلت بها وليس ما يروج في الصحف.

وقال يتيم "لم نتوصل بأي شكوى تخص الاعتداء الجنسي"، ودعا يتيم البرلمانيين إلى "تقديم الأسماء المتورطين لفتح تحقيق في الأمر".

وحاول يتيم تهدئة النواب، وقال إن السلطات الاسبانية "حازمة في هذه القضايا، والتحرشات محدودة واصحابها متابعون في القضاء، وينبغي أن ننتظر كلمة القضاء لنتبين أنها ثابتة".

وزاد مبينا "كل عملية تحيط بها بعض السلبيات وحتى في المغرب يمكن أن تكون حالات شاذة للتحرش والإساءة"، وأضاف أن وزارته تتابع القضية باهتمام كبير.

وردا على ما أثير في الاجتماع من كلام حول ترحيل بعض العاملات المغربيات في حقول الفراولة بإسبانيا، نفى يتيم بشكل قاطع حدوث هذا الأمر وأكد أنه "لا يوجد اي ترحيل".