الرباط: أجمع خبراء وباحثون مغاربة على ضرورة الاهتمام بالعنصر البشري كركيزة أساسية لتحقيق نموذج تنموي جديد، من خلال خلق استثمارات حقيقية للشباب الباحث عن عمل، فضلا عن تبني استراتيجة ناجعة في مجالات الصحة والتعليم و النهوض بوضعية المرأة.

ارتباك و مفارقة

قال نزار بركة، رئيس المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي المغربي ، في ندوة حول موضوع"في البحث عن نموذج جديد للتنمية"، نظمتها جمعية رباط الفتح للتنمية المستدامة، مساء الأربعاء بالرباط، إن هناك ارتباكا بين النموذج التنموي الذي تم اختياره والذي يطمح له المجتمع المغربي.

وأضاف قائلا"لا يمكن أن نقر بفشل هذا النموذج، لكننا بحاجة لبث نفس جديد به، علما أن المغرب حقق تقدما ملموسا في مجالات كثيرة في ال 15 سنة الأخيرة على مستوى المجال السياسي والانتقال الديمقراطي وحقوق الإنسان و وضعية المرأة داخل المجتمع".

واعتبر بركة أن المغرب يعيش مفارقة واضحة على مستوى البطالة التي تطال العديد من الشباب، فعلى الرغم من عمله على تخفيض نسبتها من 13 إلى 10 بالمائة، إلا أن البطالة في صفوف حاملي الشهادات الجامعية العليا تفوق بأربع إلى خمس مرات البطالة في صفوف غير المتمدرسين أو الحاصلين على تكوين.

 

المشاركون يقاربون موضوع التنمية

 

وطالب المتحدث بضرورة وجود ميثاق اجتماعي في المغرب، ينبني على أساس الثقة والانفتاح السياسي وتطور حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين و تقوية الاستثمارات العمومية والخاصة التي تقتصر في الغالب على مجال البناء والأشغال من أجل استقطاب أعداد كبيرة من اليد العاملة، إضافة إلى الاهتمام بتقوية المجال الاجتماعي، من خلال النهوض بالخدمات الصحية و تعميم التغطية الصحية التي لا يتجاوز عدد المستفيدين منها 20 بالمائة ، و الحرص على تحسين جودة التعليم والتكوين، الذي ينتج عموما شبابا غير مؤهل لمواكبة المتطلبات التي يفرضها سوق العمل.

ثورة ثقافية

وقال بركة إن المغرب بحاجة لثورة ثقافية، تشمل قيم احترام الآخر والتحلي بروح المسؤولية والتشارك والتضامن، وهو ما يظهر في الآونة الأخيرة من خلال تفاعل المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وأكد على ضرورة إشراك فعاليات المجتمع المدني في قضايا التنمية، في إطار شراكة تجمع بينها وبين الدولة، على أن يتم تقييم نتائجها بشكل دوري.

وأضاف بركة قائلا"إذا أردنا تجاوز الأزمة التي نعيشها من إحباط و رفض للواقع المعاش، علينا أن نقوي البعد الوطني والقيم الإيجابية في بلادنا، ونحدد هدفا مشتركا، يشمل تقوية السياسة والاقتصاد والمجتمع".

العمل على المواطن

من جهته، ذكر عبد الكريم بناني، رئيس الجمعية، أن النموذج الحالي للتنمية الذي يعتمد عليه المغرب منذ سنوات، استنفذ كل ما يتوفر عليه من إيجابيات، مما يفرض على البلاد وضع أسس جديدة لصالح شبابها ومستقبلها.

 

جانب من الحضور

 

وأضاف بناني "يلزمنا نظرة شمولية واستراتيجية للعمل، خاصة أن المواطن المغربي يتسم بكونه رجلا معقدا، فهو يملك مطالب معينة، و حينما يحين الوقت للعمل والإصلاح، يقوم بالعكس، نحن نحارب أنفسنا، وعلينا الاشتغال على الإنسان المغربي أولا".

من جهته، أشار عياش خلاف، مدير التوقعات بالمندوبية السامية للتخطيط، إلى افتقار المغرب لوجود نموذج تنموي، في ظل غياب استراتيجية موحدة تروم تطوير مجالات عديدة.

و ناشد خلاف الحكومة بالتفاعل الإيجابي مع المواطنين، من خلال توفير التعليم الجيد و التكوين المستمر والإدماج في سوق الشغل، و إعادة الثقة في مستوى المدرسة العمومية، تفاديا للعزوف عن التعليم والهدر المدرسي.